09 تشرين الأول 2015, 21:00
قصص وأسرار عن المِسلّة في ساحة القديس بطرس
(نورسات الاردن - اليتيا) تحتوي المسلة القائمة في الفاتيكان في وسط ساحة القديس بطرس على سلسلة من القصص التي تختلف بين أساطير ومعتقدات وثنية ومسيحية ربما لم تتخيلها أبداً. على سبيل المثال، تشمل رماد امبراطور، وذخيرة من صليب المسيح الحقيقي، ونقوشاً كتابية منها تعاويذ قديمة، وتؤدي أيضاً وظيفة ساعة شمسية.توجد في روما مسلات كثيرة، لكن هذه المسلة هي إحدى الأكثر شهرة منذ القدم. فهي ذات أصول مصرية وخالية من الكتابات الهيروغليفية. يبلغ ارتفاعها 25.5 متراً، ومع إضافة القاعدة والصليب البرونزي، يصل ارتفاعها إلى حوالي 41 متراً.
أحضرها كاليغولا إلى روما كزينة للمدرّج الذي كان يبنى على التلة الفاتيكانية باسم مدرّج جايوس (الاسم الحقيقي لكاليغولا) ونيرون بما أن هذا الأخير هو الذي أنهى العمل.
هذه المسلة هي الوحيدة التي ظلت قائمة بعد انهيار الامبراطورية الرومانية، ربما لأنها كانت موجودة بقرب رفات القديس بطرس الرسول الذي مات هو والعديد من المسيحيين في المدرّج بأمر من نيرون. هذا هو سبب تشييد البازيليك الأولى إلى جانب بقايا المقبرة الكبيرة. وخلال فترة زمنية طويلة، ساد اعتقاد بأن رماد يوليوس قيصر أو الامبراطور تيبيريوس محفوظ في الكرة البرونزية المعلقة في أعلى المسلة.
سنة 1586، فيما كانت تُشيّد البازيليك الثانية في ظل حبرية البابا سيكستو الخامس، بإدارة المهندس جوفاني فونتانا، نُقلت المسلة إلى وسط ما يعرف الآن بساحة القديس بطرس. واستدعى ذلك عمل 900 رجل. نزعت الكرة عنها من قبل فونتانا الذي تأكد من عدم وجود رماد في داخلها، ولم يكن عليها أي لِحام. فقرر البابا وضع حد لتلك “الخرافة النجسة”، واضعاً صليباً محل الكرة، وطالباً أن تُنقش في قاعدتها الرخامية عبارة تعويذة قديمة:
Ecce crux Domini (“هذا هو صليب الرب”)؛
Fugite partes adversae (“اهربي يا قوى الفوضى)؛
Vicit Leo de tribu Juda (“هوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا”).
في الصليب الذي طلب سيكستو الخامس وضعه، يقال أنه تم أيضاً وضع ذخيرة من عود صليب المسيح المقدس الذي حملته القديسة هيلانة من أورشليم، وكان يُمنح الغفران الكامل لمن يكرم الصليب بصلاة الأبانا والسلام.
أما الكرة فهي موجودة اليوم في متاحف الكابيتول. ومن الممكن أن تلاحظ عليها آثار القذائف الكثيرة التي ترقى إلى سنة 1527، عندما نُهبت روما من قبل كارلوس الخامس؛ فقد تسلى جنوده المرتزقة بإطلاق النار والتصويب على الكرة التي كانت في أعلى المسلة.
سنة 1817، حُوّلت المسلّة إلى ساعة شمسية. وفي النصف اليمين من الساحة، وُضع على الأرض خط رفيع من الغرانيت يشير إلى منتصف النهار في عدة نقاط خلال العام. وإن الصليب بظله هو الذي يدل إلى الساعة المذكورة التي تتبدل مع انقلاب الشمس في الصيف وتساوي الليل والنهار.
حالياً، يتواعد آلاف السياح عند المسلة عندما يذهبون لزيارة بازيليك القديس بطرس، أو يتوقفون للاستراحة عندها لبرهة لكي يتابعوا حجهم لاحقاً، من دون أن يعرفوا كل هذه الأسرار والمعتقدات التي تخبئها المسلة العظيمة.