قصارجي في قدّاس الفصح: نصلّي لأربعة آلاف عائلة عراقيّة وسوريّة لاجئة في لبنان
"ما اجمل ما ورد في الإنجيل عن ظهور الرّب القائم من الموت للنّسوة، ثمّ لمريم المجدلية ثمّ لبطرس ثمّ للتلميذين الذاهبين الى عماوس وللرسل المجتمعين في العلية الصهيونية والأبواب مغلقة إذ كان توما غائباً، ثمّ للرسل أيضاً مجتمعين وتوما معهم، ثمّ لبطرس ورفقائه على ضفاف بحيرة طبريا. هذا الظهور الفرح يخصّ أيضاً كل واحد منّا أيّها الإخوة والأبناء الأحباء، إذ "نحن أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه" (افسس 5/30) لكن، كما أنّ المسيح قام بعد موت، فلا بدّ لنا نحن الراغبين بالنهوض معه، من أن نميت فينا ما من شأنه أن يجتذبنا الى الأرض والحضيض، عسانا نسمو فوق كل فكر بشري وحكمة ارضية ولذة مادية عابرة "حاملين في الجسد كل حين اماتة يسوع لتظهر حياة يسوع أيضاً في اجسادنا، لأنّنا نحن الأحياء نسلم دائما الى الموت لأجل يسوع حتى تظهر حياة يسوع في اجسادنا المائتة" (2 كور 4:8)".
قام المسيح وانتصرت السماء على الجحيم. قام المسيح وانحلت قيود الآباء القديسين الراقدين. قام المسيح فخلصت البشرية من عبودية العدو وبادت رسومه وانطفأت سرجه وولدت الكنيسة من جنبه الإلهي المطعون بالحربة لتجمع شعوب الأرض قاطبة حول صليبه الظافر. هذا الخلاص الذي أتمّه الرّب يسوع بموته وقيامته نجني اليوم ثماره الشهية، إذ أنّ الفادي الإلهي بدل قوة الشدائد ومنحنا بقيامته أن نستخلص منها الفوائد الروحية، تماماً كما حوّل هو لعنة الصليب الى مجد القيامة.
يقول في هذا الشأن القديس باسيليوس الكبير: "ضيقات الحياة... بالنسبة الى المستعدين هي تدريبات روحية، هي غذاء لمجاهدي المسيح، وهي تقودهم لكي يرثوا أمجاد القيامة" ويضيف في ذلك الموضوع القديس يوحنا الذهبي الفم قائلاً: "الضيقات بالنسبة لمن شهدوا قيامة الرّب يسوع، تشدّد قوى النفس وترفع قدرتها... فنصير أطهر وأنقى". هذا ما يذكرنا برسالة القديس بولس الرسول الى أهل روما (5: 3-4). "نفتخر في ضيقاتنا، عالمين أنّ الضيق ينشىء صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزى لأنّ محبة الله قد انسكبت في قلوبنا، بالروح القدس المعطى لنا.
شدائد الدهر وآلامه وضيقاته لم يعد لها تأثير مميت علينا، بعد قيامة المسيح، بل أمست وسيلة بأيدينا نستغلها لننمو في القداسة وفي ترويض النفس وقهر أهوائها والتسامي على الصغائر واستخراج النور من ظلمات هذه الحياة. صلاتنا نرفعها الى الناهض من الرمس، لأجل كل حزين ومقهور، لأجل أربعة آلاف عائلة عراقية وسورية مهجرة لاجئة في لبنان، حتى يكون عيدنا هذا بحثاً عن النّور يتسلّل خلف غياهب الظلام وفجرا ينبلج من رحم المأساة والآلام ويضيء على كل موجوع وفاقد الأمل عسى صليبه يكون جسر عبور الى الغبطة المنشودة التي لا تزول، لأنّها من القلب نابعة ومن العلى منحدرة.
أتوجّه بالمعايدة القلبية الى كل أبناء كنيستنا الكلدانية، وأرفع الدعاء لأجل صاحب الغبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى والسادة الأساقفة أعضاء السينودس المقدس والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وأبنائنا الأحباء عراقيين وسوريين ولبنانيين ومجالس طائفتنا في لبنان وحركاتها الرسولية، متوسّلاً الذي حطم المتارس الدهرية وأبطل عمل الجحيم، ان يسبغ عليهم بركات قيامته وينعم على شرقنا بالسلام والاستقرار فتكون الانتخابات النيابية المقبلة نسمة خير يحملها الموسم الفصحي المتلألىء بالنور. المسيح قام! حقّاً قام!"