قصارجي: أتحبّون لبنان؟ أعيدوا إليه كرامته لأنّ التّاريخ لن يرحم!
بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى قصارجي عظة جاء فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "جئنا اليوم، نحن أيضًا في أحد الشّعانين، كي نرافق يسوع على طرقات أورشليم. جئنا حاملين معنا كبارًا وصغارًا الأمل والرّجاء، لأنّ يسوع الّذي دخل أورشليم كملك سوف يبقى اليوم وإلى الأبد الملك الوحيد على قلوبنا وحياتنا.
"هوشعنا مبارك الآتي باسم الرّبّ!" هكذا هتف شعب أورشليم المنتظر الخلاص من عبوديّة الرّومان، جاء يستقبل يسوع المخلّص!
نحن اليوم ماذا ننتظر من يسوع؟ دخل يسوع إلى أورشليم كملك، على أصوات تهاليل وزغاريد الشّعب والأطفال حاملين أغصان الزّيتون. لكن يسوع خيّب آمالهم، لأنّ ملكوته وعرشه ليسوا من صنع البشر.
كثيرون اليوم تركوا يسوع وتخلّوا عنه تركوه في آلامه وصلبوه، تركوه وصرخوا: "اصلبه اصلبه".
لكن يسوع يمشي كلّ يوم معنا على دروب حياتنا ونحن للأسف أحيانًا كثيرة نتخلّى عنه مثل شعب أورشليم لماذا؟ لأنّ المسيحيّة الّتي يريدها والكلام الّذي يقوله لنا ليس على قياسنا ولا يناسبنا. تخلّينا عنه لأنّه متطلّب ومتسلّط ولأنّ مملكته ليست من هذا العالم الّذي يتبدّل ويتلون كلّ يوم وكلّ لحظة.
نحن تخلّينا عن يسوع في حياتنا لأنّه حرّم علينا الكذب والرّياء وقال لنا "أحبّوا بعضكم بعضًا". نحن تخلّينا عن يسوع لأنّه قلب مفاهيمنا وطرد من نفوسنا عقليّة التّجارة والبيع والشّراء. وقال لنا: "بيت أبي بيت صلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص!" على حساب القيم الإنسانيّة المقدّسة لعن يسوع التّينة اليابسة، ومدح الأرملة الفقيرة الّتي وضعت الدّرهم في خزانة الكنيسة. يسوع صبّ غضبه على ناس "تتّشح بحلل بيضاء بعبايات وتحتها قبور مكلّسة.
الرّبّ لا يريد منّا اليوم التّصفيق والزّغاريد، يريد منّا أن نكفر بذاتنا، أن نموت عن إنساننا العتيق ونولد من جديد.
أين نحن اليوم من كلام يسوع هذا؟ هل لدينا القدرة والجرأة أن نغيّر شيئًا في حياتنا؟ سؤال صعب !
للأسف ما أشبه البارحة باليوم، مسكين شعبنا، يهلّل بزغاريد، ليس ليسوع بل صوته لزعيمه الّذي يبيع ويشتري على حساب كرامة النّاس. اليوم عين يسوع وقلبه على لبنان على شعبه الجائع الّذي يفتّش عن خبز أو علبة حليب! يسوع يقول لنا "تريدون خلاص لبنان اتبعوني واكفروا بذاتكم واحملوا صليبكم وسيروا معي!".
شعب لبنان يمشي اليوم على درب الجلجلة مع يسوع، في قهر وألم وعذاب. بعد الجمعة العظيمة هناك نور سوف يطلّ، نور الحقّ نور القيامة نور الحرّيّة نور السّلام.
يسوع لا يريد الهتاف والتّصفيق، يريد شيئًا آخر، يريد منّا أن نصرخ في وجه الظّالم ونطرد تجّار الهيكل ونعيد إلى لبنان نقاوته وعزّته وكرامته.
نعم، ما معنى الشّعانين ولبنان ما زال تحت الرّكام؟ ما معنى بسمات أطفالنا الصّغار وعيونهم مليئة بالدّموع والحزن؟ ما معنى الشّعانين إذا كان حكّامنا قد سدّوا آذانهم وأغلقوا قلوبهم وأماتوا ضميرهم عن صوت البؤس؟ لبنان أصبح اليوم مسلخًا، أصبح بلدًا متّسخًا، الجميع "يحكي" ويتكلّم عن النّقاوة والطّهارة وينادي بالعفّة ونظافة الكفّ الجميع "يحكي ويحكي"... "ليس من حبّ أعظم من أن يبذل الإنسان حياته من أجل من يحبّ!".
أتحبّون لبنان؟ أتحبّون شعب لبنان؟ أتحبّون أطفال لبنان؟ يسوع يقول لكم اليوم ضحّوا في سبيل وطنكم في سبيل من تحبّونه وأعيدوا إلى لبنان كرامته لأنّ التّاريخ لن يرحم !
يكفينا ألمًا ووجعًا، لبنان مجروح تعالوا جميعًا، مع بعضنا ننهض بشعبنا ونرسم البسمة من جديد على وجوه أطفالنا".