دينيّة
23 تشرين الثاني 2014, 22:00

قديسو اليوم : 24 تشرين الثاني

تذكار القديسة كاترينا البتول الشهيدة (بحسب الكنيسة المارونية) من وجهاء مدينة الاسكندرية. قد زَّينها الله بحدَّة الذهن وبجمال النفس والجسد. عكفت على مطالعة الكتب المقدسة، فتبيَّن لها فساد عبادة الاوثان.ويروى انه تراءى لها السيد المسيح، بعد اعتمادها، مُبدياً عن رضاه عنها وألبسها خاتماً ثميناً، عربون خطبته إِياها عروساً له. ففرحت فرحاً عظيماً وشغفت بمحبته ونذرت بتوليتها له، وأخذت تبشِّر باسمه.ولمَّا مرَّ الملك مكسيمنس في الاسكندرية، أقام عيداً حافلاً، تُقدَّم فيه الذبائح للاوثان واوجب ان يشترك فيه جميع سكان المدينة. وحضرت كاترينا امام الملك، وهو جالس في صدر المحفل واخذت تبيّن له بالبراهين الجليَّة، عن ضلال الوثنية وآلهتها الكاذبة. واوضحت عن صحة الدين المسيحي وعن سموّ تعاليمه الشريفة. فأهشت الملك وجميع الحاضرين بجرأتها وفصاحتها، وأخذ مكسيمنس بجمالها، فحبسها في قصره، بغية ان يقنعها بعبادة الاصنام ليتزوجها.
فاستدعى خمسين فيلسوفاً، فدخلوا في الجدال مع القديسة فأفحمتهم بقوة براهينها. فقال الامبراطور لاولئك الفلاسفة: عليكم ان تنقضوا كلامها وبراهينها. فأجابوا: انهم اصبحوا مؤمنين بما تؤمن به كاترينا، لانها على حق في كل ما تقول. فاستشاط الملك غيظاً، وامر بهم فأحرقوهم بالنار، ففازوا باكليل الشهادة.
وأمر مكسيمنس بجلد كاترينا، حتى سالت دماؤها. ثم اعادها الى السجن. فقامت تصلِّي وتشكر الله. وظهر لها ملاك الرب وعزَّاها وشفى جراحها. فدخلت الملكة عليها في سجنها مع القائد برفيريوس، فأعجبت بها. وكانت تُصغي لها فمسَّت النعمة قلبها، فآمنت بالمسيح هي والقائد برفيريوس. ولما علم الملك بذلك جُنَّ جنونه فأمر بضرب عنقهما مع مئتين من الجند الذين آمنوا.
واخرج الملك كاترينا من سجنها وعاد يلاطفها ويريد ان يتزوجها فتصبح هي صاحبة العرش بعد موت امرأته. فازدرته القديسة ووبخته على قتله امرأته وسفكه الدماء البريئة. فهي لا تريد لها عريساً على الارض، فان عريسها في السماء. عندئذ امر بان توضع بين دواليب مركبة من سيوف مرهفة، فتضرعت الى الله ليقوَّيها على هذا العذاب، واذا بالدواليب تتكسَّر وتتطاير شظاياها وتقتل عدداً من الوثنيين، فآمن كثيرون وفازوا بالشهادة. فظنَّ الملك ان ذلك ضرب من السحر، وخاف العاقبة، فأمر بقطع رأس القديسة، فأحنت رأسها للسيف وهي تصلي وبذلك تمت شهادتها سنة 308. صلاتها معنا. آمين!
 
اكلينضس بابا روما الشهيد (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
هو من شفعاء فرنسا ورسلها، وهو الذي بعث إليها القديس ديونيسيوس ورفقته، وهو من تلاميذ وخلفاء القديس بطرس على الكرسي الروماني ومن كبار البابوات (من 88؟ الى 97؟).
ولد في روما، وأبوه هو الشريف فوستنيانس وهو نسيب الأباطرة فسبزيانس وتيطس ودومسيانس. وقضى سنين برفقة القديس بطرس وهو تلميذ القديس بولس، ورافقه في جهاده وقد ذكره بولس في رسالته الى أهل فيليبي (4: 3) ويقول ترتليانس : إن بطرس اختاره خلفاً له لكنه لشدة تواضعه أبى.
ثم أقيم خليفة لهامة الرسل على السدة البطرسية بعد البابا كليتوس... إن حبريته دامت تسع سنوات وشهرين وعشرة أيام (88 - 97)، وقسم روما الى سبعة أقسام، وعيّن لكل قسم من أقسامها السبعة مسجّلاً يدوّن أعمال الشهداء. وأثمرت مواعظه وجهوده في النفوس، وأنشأ فرقة من العذارى، وهو الذي ألبس القديسة فلافيا دومتيلا ثوب البتولية. ومنح الزوجين سِزينس وثاودورة من عظماء روما سر العماد وأرسل الرسل للتبشير.
وعندما أثار ترايانوس قيصر الاضطهاد على المسيحيين، نفى البابا اكليمنضس مع عدد من المسيحيين الى مدينة كرسونيزا أي القرم حيث وجد كثيرين من المسيحيين مسخرين في الأشغال الشاقة في مقالع الرخام، فكان لهم الأب الحنون، وكان أولئك المنفيون في ضيق شديد من العطش. فجمعهم وصلى معهم، فأخرج الرب لهم ماءً من صخور الجبل الذي كانوا يشتغلون فيه. وانتشر خبر الأعجوبة فصار الناس يأتون زرافات ليشربوا من ماء ذاك النبع. ووصل الخبر الى ترايانس فغضب، فأرسل وزيره اوسيليوس الى كرسونيزا ليبيد اكليمنضس وجماعته إذا ما رفضوا العودة الى ديانتهم الوثنية. فنفذ الوزير أمر سيده بجميع المسيحيين وبالذين اعتمدوا من الوثنيين ففازوا جميعهم بإكليل الشهادة.
أما البابا اكليمنضس فشدوا عنقه بحبل المرساة وزجّوه في البحر ليموت غرقاً، فانضمت روحه الطاهرة الى أبنائه الشهداء وكان ذلك سنة 101 للمسيح. فانتشل بعض المؤمنين جثة البابا من البحر ودفنوها بما تستحق من الإكرام. وقد أجرى الله المعجزات الكثيرة حول ضريحه.
وهناك رسالة هامة منسوبة إليه وموجهة الى أهل كورنثس تتحدث عن الدرجات الكهنوتية وعن الطاعة وتعتبر إحدى أقدم الوثائق تقدم عن الكرسي الروماني وأوليتها فإنها مطابقة لإحدى رسائل القديس اغناطيوس الانطاكي التي تعلن أولية سلطة كنيسة روما ورئيسها على الجماعة المسيحية القديمة.
 
القديس الشهيد في الكهنة أكليمنضس أسقف رومية (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
هو أسقف رومية الثالث بعد الرسول بطرس. خلف كلاً من لينس وأنكلتس. أفسافيوس القيصري، صاحب "تاريخ الكنيسةيذكر أنه كان على كرسي رومية بين العامين 92 و101 للميلاد، وترتوليانوس يقول إن الرسول بطرس سامه بنفسه. هذا فيما يعتقد البعض أنه هو إياه اكليمنضوس المذكور في رسالة الرسول بولس إلى أهل فيليبي (3:4). فإن صح هذا الزعم كان اكليمنضوس من الذين عملوا وجاهدوا مع الرسول في خدمة الكلمة و"أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة". 
جاء عنه في بعض المصادر أنه كان وديعاً متواضعاً يعرف الكتب المقدسة وحكمة الإغريق جيداً وكيف يتوجه إلى اليهود والأميين في آن ويقنعهم
وإلى القديس اكليمنضوس تنسب، منذ أقدم الأزمنة، رسالة إلى الكنيسة التي في كورنثوس. هذه الرسالة اعتبرها الأقدمون في مصر وسورية جزءاً من الكتاب المقدس. منها نستخلص أن مشاغبين في كورنثوس انتفضوا على الشيوخ في الكنيسة فأطاحوا بهم حسداً وهم أبرياء لا عيب فيهم. وقد نتج عن هذا الوضع حالة من الفوضى والانقسام بدت معه كنيسة كورنثوس مهددة بالشرذمة والانقراض. يقول كاتب الرسالة: "يا أخوة أن المصائب والويلات التي أصابتنا فجأة... قضايا مشينة لا مبرر لها، سبّبها بعض الأشخاص الدعيّين الوقحين... نأت العدالة والسلام منذ أن ترك كل واحد خوف الله وضعف منه نور الإيمان... لا أحد يحيا حياة جديرة بالمسيح. كل يمشي حسب رغبات قلبه الشرير تاركاً المجال للحسد الظالم الكافر الذي أدخل الموت إلى العالم... أيها الأخوة نكتب لكم لنصحكم... فلنتواضع... طارحين جانباً كل عجرفة وخيلاء وحماقة... خاضعين لله لا تابعين لرجال الكبرياء والفوضويين البغيضين... ما هو الأولى أن نصطدم بإرادات رجال جهال متعجرفين يتباهون ويتكبرون بكلامهم، أو أن نصطدم بإرادة الله؟... لنخجلن من الرب يسوع الذي أعطانا دمه. لنحترمن رؤساءنا ونكرمن شيوخنا... من الخطايا الكبرى أن نبعد عن الأسقفية أولئك الذين يحملون كل فضائلها بقداسة ونقاوة... إننا نرى أنكم قد أعفيتم من الخدمة بعض من حملها بشرف وإخلاص وعاشها بكرامة واستحقاق... عار جداً أن نسمع أن كنيسة كورنثوس القديمة الراسخة قد قامت ضد متقدميها بسبب شخص أو شخصين... فلنسرع في إقصاء الشر عن نفوسنا... أنتم يا من كنتم سبباً للفوضى اخضعوا لشيوخكم... تعلموا الطاعة... أفضل أن تكونوا صغاراً في قطيع المسيح من أن تكونوا مشهورين خارج الرجاء المسيحي... اقبلوا نصيحتنا فلن تندموا... أولئك الذين يقاومون كلام الله الذي يوجهه لكم بواسطتنا... يرمون نفوسهم في خطر عظيم... نحن أبرياء من خطيئتهم... أرسلنا لكم رجالاً حكماء... سيكونون شهوداً بيننا وبينكم. فعلنا ذلك لتروا اهتمامنا في أن نرى السلام موطداً بينكم... فأرسلوهم لنا بسرعة حتى يبشرونا بأن السلام والاتفاق... قد حلا بينكم لكي نفرح نحن أيضاً لثباتكم...". 
هذا وقد جاء في أخبار أساقفة رومية أن اكليمنضوس بقي على الكرسي تسع سنوات وشهرين وعشرة أيام وأنه عيّن كتبة، سبعة في العدد، وزّعهم على أنحاء رومية ليدوّن كل منهم أعمال الشهداء في ناحيته. كذلك قيل إنه أنشأ مصافاً للعذارى اهتم بعبادة وخدمة القريب. 
ويبدو أن قديسنا أصاب في البشارة وهداية الوثنيين نجاحاً كبيراً أثار القلق في نفوس ذوي السلطان فنفوه إلى بلاد القرم، ناحية البحر الأسود. وهناك اكتشف  اكليمنضوس وجود عدد كبير من المسيحيين يناهز الألفين محكوم عليهم بالأشغال الشاقة في مقالع المرمر. وقد جعل الله اكليمنضوس تعزية لهؤلاء الأشقياء فقوّاهم ونفخ فيهم الغيرة على الإيمان بالرب يسوع المسيح. وإذ كان الماء عزيزاً عندهم صلّى فأخرج الرب الإله من الصحراء ماء. وكان لهذه الأعجوبة صدى طيب لا بين المسيحيين وحسب بل بين الوثنيين أيضاً. هؤلاء بدأوا يتدفقون عليه ويستمعون إلى كلامه ويهتدون بأعداد وافرة حتى قيل أن  اكليمنضوس نجح في غضون سنة واحدة في بناء خمس وسبعين كنيسة. 
ومن جديد تنبّهت السلطة المدنية إلى الخطر الناجم عن أنشطة اكليمنضوس وهداياته الجماعية فألقت القبض عليه وأعملت فيه تعذيباً ثم ربط جلادوها مرساة في عنقه وطرحوه في البحر. هذا وقد وجد القديس كيرللس، معمّد الشعوب السلافية، رفاته في القرن التاسع للميلاد ونقل قسماً منها إلى رومية في زمن البابا أدريانوس الثاني.
وفي هذا اليوم أيضاً : القديس الشهيد في الكهنة بطرس أسقف الإسكندرية 
يبدو من المعلومات المتوفرة عن القديس بطرس أنه كان رجل علم، حكيماً، تسلّم مدرسة الإسكندرية لبعض الوقت قبل اختياره أسقفاً على الإسكندرية خلفاً للقدبيس ثيوناس في العام 300 للميلاد. أفسافيوس القيصري، في تاريخه، تحدث عنه بإكبار، قال: "بعدما أدى ثيوناس أجلّ خدمة على امتداد تسعة عشر عاماً، خلفه بطرس على أسقفية أهل الاسكندرية. وقد كان هو أيضاً بارزاً على مدى اثني عشر عاماً. ساس الكنيسة لأقل من ثلاث سنوات قبل الاضطهاد، وبقية أيامه قضاها في قسوة على نفسه، واهتم علناً بالصالح العام للكنائس. لهذا السبب، قطع رأسه في السنة التاسعة من الاضطهاد وتزّين بإكليل الاستشهاد". 
وأفسافيوس أيضاً اعتبر القديس بطرس "معلماً مسيحياً موهوباً... ومثالاً للأسقف يحتذى، لصلاح سيرته ومعرفته للكتب السماوية". 
ولما انطلقت موجة الاضطهاد جديدة على المسيحيين في زمن الإمبراطور ذيوكليسيانوس (245-313م) في العام 303 للميلاد، فضّل القديس بطرس الاختباء على تعريض نفسه للموت لأنه لم يشأ أن يترك قطيعه دون رعاية والظرف عصيب. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان فإن أسقفاً اسمه ملاتيوس، كان على ليكوبوليس في الطيبة، وضع يده على كرسي الإسكندرية وكراسي أسقفيات أخرى متذرعاً بأن أساقفة هذه الكراسي خانوا الأمانة وفرّوا تاركين الشعب لمصيره، وقام، للحال، بسيامة أتباع له كهنة وشمامسة ووزعهم هنا وهناك. غير أنه في غضون شهر جرى القبض عليه وخيّر بين الموت والتضحية للأوثان فضحّى. ومع هذا استمر ملاتيوس في حركته إلى أن انعقد مجمع محلي برئاسة القديس بطرس في الاسكندرية في العام 305 أو 306 للميلاد جرّده من الأسقفية بعدما أدانه بتهمة ارتكاب "جرائم متعددة والتضحية للأوثان". 
لم يمتثل ملاتيوس لقرار المجمع بل أعلن ما أسماه "كنيسة الشهداء" شاقاً بذلك كنيسة الاسكندرية إلى اثنين في ما عرف بـ "الانشقاق الملاتي" الذي استمر ما يقرب القرن. يذكر أن آريوس الهرطوقي هو من هذه الكنيسة المنشقة وفيها وجد أشدّ أتباعه حماساً له. 
واستمر القديس بطرس في رعاية شعبه بغيرة وأمانة إلى أن جرى القبض عليه وقطع الولاة رأسه. يذكر أن أعداداً كبيرة من المؤمنين قضت في اضطهاد ذلك الزمان. بعض المصادر يقول إن بضع مئات لا قوا حتفهم وإن عائلات بأكملها أبيدت. وقد تركت تلك الفترة بصمتها في وجدان المصريين حتى إن الكنيسة القبطية اعتمدتها بداية لتقويمها الكنسي. من جهة أخرى، سرى القول، مذ ذاك، أنه "كما كان بطرس أول الرسل كان بطرس آخر الشهداء". وبالفعل فإنه باستشهاد القديس بطرس الاسكندري انتهى زمن الاضطهاد. وقد كان ذلك في الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام 311 للميلاد. 
هذا ويحكى عن القديس بطرس أنه لما كان في السجن رأى رؤيا، الرب يسوع المسيح في هيئة صبي في الثانية عشرة بهي الطلعة يلبس ثوباً ممزّقاً من فوق إلى أسفل وكان الصبي ممسكاً بشقي الثوب يحاول بهما، وبدموع، إخفاء عريه، فسأله بطرس: " يا سيد، من الذي مزّق ثوبك؟" فأجاب: "آريوس! لذلك أقول لك إياك أن تقبله في الشركة وقل لأخيلاس والاسكندر الكاهنين عندك، وهما سيخلفانك، أن يحفظا الإيمان الارثوذكسي المقدس من هجماته". 
من جهة أخرى يحكى عن القديس بطرس أنه كان يرفض باستمرار الجلوس في سدة الأسقفية وكان يكتفي بالجلوس على الدرج تحت الكرسي. ولما ألح عليه أهل بيته معترضين أجابهم: "لا تجبروني الجلوس على هذا العرش الأسقفي لأن الخوف والرعدة يعترياني كلما دنوت منه، فأنا أنظر سلطان العلي وضياءه مستقراً عليه، سلطان ربنا يسوع المسيح الذي هو وحده الكاهن الأكبر". 
هذا ويبدو أن القديس بطرس ترك كتابات قيّمة لم يبق منها غير أصداء وشواهد في كتابات الآباء اللاحقين. مجمع أفسس (431) استشهد به لتأكيد ألوهية السيد وإنسانيته وكذلك ليونتيوس البيزنطي في القرن السادس. ولعل أبرز ما بقي لنا منه مجموعة قوانينه بشأن الساقطين وجاحدي الإيمان أثناء الاضطهاد. هذه القوانين ذكرها القانون الأول للمجمع المسكوني الرابع (خلقيدونيا 451)، والقانون الثاني للمجمع المسكوني السادس المسمى ترولو (692). ولعل ميزة هذه القوانين أنها أقل تشدداً وأكثر رحمة من غيرها في الموضوع عينه.
 
استشهاد القديس مارمينا العجايبى (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم استشهد القديس مينا الملقب بالآمين المبارك، كان والده اوذكسيوس من أهالي نقيوس وواليا عليها، فحسده أخوه وسعي به عند الملك، فنقله إلى أفريقيا وولاه عليها ففرح به أهلها لأنه كان رحومًا خائفا من الله. 
أما أمه إذ لم يكن لها ولد، وذهبت في أحد الأيام إلى الكنيسة في عيد السيدة البتول والدة الإله الكائنة باتريب، ونظرت الأولاد في الكنيسة بملابسهم النظيفة مع والديهم فأنها تنهدت وبكت أمام صورة السيدة العذراء متوسلة بها إلى ابنها الحبيب إن يرزقها ولدا، فخرج صوت من الصورة قائلا "امين"، ففرحت بما سمعت وتحققت إن الرب قد استجاب صلاتها، ولما عادت إلى منزلها وأخبرت زوجها بذلك، قال له "فلتكن إرادة الله"، وقد رزقهما الله هذا القديس فأسمياه مينا كالصوت الذي سمعته والدته، ولما نشا علماه الكتابة وهذباه بالآداب المسيحية، ولما بلغ من العمر إحدى عشرة سنة توفي والده بشيخوخة صالحة، ثم والدته بعد ثلاث سنوات، فكرس هذا القديس حياته للصوم والصلاة والسلوك المستقيم، حتى انه من حب الجميع له ولأبيه، أقاموه مكان أبيه، ومع هذا فانه لم يتخل عن عبادته، ولما ارتد دقلديانوس واصدر أوامره بعبادة الأوثان، واستشهد كثيرون علي اسم السيد المسيح، ترك هذا القديس ولايته ومضي إلى البرية حيث أقام هناك أياما كثيرة يتعبد لله من كل قلبه، وذات يوم رأي السماء مفتوحة والشهداء يكللون بأكاليل حسنة، وسمع صوتا يقول "من تعب علي اسم المسيح ينال هذه الأكاليل"، فعاد إلى المدينة التي كان واليا عليها واعترف باسم المسيح، فلاطفوه أولا لعلمهم بشرف اصله وجنسه، ووعدوه بعطايا ثمينة، ثم توعدوه، وإذ لم ينثن عن رأيه أمر القائد بتعذيبه، ولما عجز عن تحويله عن إيمانه بالمسيح، أرسله إلى أخيه عساه يتمكن من التأثير عليه، ولكنه فشل أيضًا، وأخيرا أمر بقطع رأسه بحد السيف وطرح الجسد في النار، وتذرية رماده في الرياح، فلبث الجسد فيها ثلاثة أيام وثلاث ليال لم ينله فساد، فتقدمت أخته وبذلت أموالا كثيرة للجند حتى آخذت الجسد، ووضعته في فرد (جوال) خوص وعزمت علي التوجه إلى الإسكندرية كما أوصاها أخوها، فركبت ومعها جسد أخيها إحدى المراكب إلى الإسكندرية، وقد حدث أثناء سيرهم إن طلعت عليهم وحوش بحرية له رقاب طويلة مثل الجمال لافتراس ركاب المركب، ففزعوا وصرخوا، فصلت آخت القديس إلى الله واستشفعت بأخيها، وبينما كان الركاب في فزع واضطراب خرجت نار من الجسد إلى وجوه تلك الوحوش، فغطست لوقتها في الماء، ولما عادت إلى الظهور ثانية لحقتها النار أيضًا، فغطست ولم تعد بعد، ولما وصلت المركب إلى مدينة الإسكندرية، خرج اغلب الشعب مع الآب البطريرك وحملوا الجسد الطاهر بكل إكرام واحترام، وادخلوه المدينة باحتفال مهيب وأودعوه في الكنيسة بعدما كفنوه بأكفان غالية، ولما انقضي زمان الاضطهاد، ظهر ملاك الرب للقديس المكرم البطريرك أثناسيوس الرسولي، وأعلمه بأمر الرب إن يحمل جسد القديس مينا علي جمل ويخرجه من المدينة، ولا يدع أحدا يقوده بل يتبعه من بعيد، حتى يقف في المكان الذي يريده الرب فساروا وراء الجمل حتى وصلوا إلى مكان يسمي بحيرة بياض بجهة مريوط، وحينئذ سمعوا صوتا يقول “ هذا هو المكان الذي أراد الرب إن يكون فيه جسد حبيبه مينا، فأنزلوه ووضعوه في تابوت وجعلوه في بستان جميل وجرت منه عجائب كثيرة، وحدث بعد ذلك إن ثار أهالي الخمس المدن علي البلاد المجاورة للإسكندرية، فتأهب الأهالي للقاء هؤلاء البربر، واختار الوالي إن يأخذ معه جسد القديس مينا ليكون له منجيا وحصنا منيعا، أخذه خفية وببركة هذا القديس تغلب علي البربر، وعاد ظافرا منصورا، وقد صمم الوالي علي عدم إرجاع جسد القديس إلى مكانه الأصلي وأراد أخذه إلى الإسكندرية، وفيما هم سائرون مروا في طريقهم علي بحيرة بياض مكانه الأصلي، فبرك الجمل الحامل له ولم يبرح مكانه رغم الضرب الكثير، فنقلوه علي جمل ثان فلم يتحرك من مكانه أيضًا، فتحقق إن هذا أمر الرب، ثم صنع تابوتا من الخشب الذي لا يسوس ووضع فيه التابوت الفضة ووضعه في مكانه، وتبارك منه وسافر إلى مدينته، ولما أراد الرب إظهار جسده المقدس كان في البرية راعي غنم قد غطس منه يوما ما خروف اجرب في بركة ماء كانت بجانب المكان الذي به جسد القديس، ثم خرج وتمرغ في تراب ذلك المكان فبرئ في الحال، فلما عاين الراعي هذه الأعجوبة بهت وصار يأخذ من تراب ذلك المكان ويسكب على الماء ويلطخ به كل خروف اجرب، أو به عاهة فيبرا في الحال، وشاع هذا الأمر في كل الأقاليم حتى سمع به ملك القسطنطينية، وكانت له ابنة وحيدة مصابة بمرض الجذام، فأرسلها أبوها إلى هناك، واستعلمت من الراعي عما تفعل، فأخذت من التراب وبللته بالماء ولطخت جسمها ونامت تلك الليلة في ذلك المكان، فرأت في نومها القديس مينا وهو يقول لهه "قومي باكرا واحفري في هذا المكان فتجدي جسدي"، ولما استيقظت وجدت نفسها قد شفيت، ولما حفرت في المكان وجدت الجسد المقدس فأرسلت إلى والدها وأعلمته بالأمر ففرح كثيرا وشكر الله ومجد اسمه، وأرسل المال والرجال وبني في ذلك الموضع كنيسة، كرست في اليوم الخامس عشر من شهر بؤونة، ولما ملك أركاديوس وانوريوس أمرا إن تبني هناك مدينة وكانت الجماهير تتقاطر إلى تلك الكنيسة يتشفعون بالقديس الطوباوي مينا، وقد شرفه الله بالآيات والعجائب التي كانت تظهر من جسده الطاهر، ومع دخول العرب مصر اعتدي البعض علي المدينة وتهدمت الكنيسة ولم تبق إلا آثارها، وعندما ارتقي غبطة البطريرك المتنيح البابا الأنبا كيرلس السادس كرسي الكرازة المرقسية، اهتم بإقامة دير كبير في تلك المنطقة باسم القديس مار مينا، انفق عليه مبالغ طائلة، وبالدير كنيستان يزورهما شعب الكرازة المرقسية للتبرك والصلاة، كما اشتري أيضًا مائة فدان وأقام سورا لاحاطتها، وقد رسم عددا من الآباء الرهبان الذين نالوا قسطا وافرا من الثقافة العلمية والدينية. 
شفاعة القديس مار مينا، البابا الأنبا كيرلس السادس، تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.
وفي هذا اليوم أيضاً : نياحة القديس يوحنا الربان 
تذكار نياحة القديس يوحنا الربان. صلواته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.