قدّاس في روما لمناسبة مرور ستّة أشهر على رحيل شيرين أبو عاقلة
وألقى عبّود عظة تحدّث فيها عن مآثر الشّهيدة أبو عاقلة وقال: "لا يمكنُ للمسيحيّ أن يتوقّف عن التّقدّم أو أن يتقوقع على ذاته لطالما قَبِلَ النّعمةَ الإلهيّة، فهو مدعوّ إلى "التّقدّم ليسبرَ عمقَ غمارِ البِحار". لقد باتت شهادتُنا المسيحيّة في هذا العالم مهمّةً جدًّا، لأنّنا نسعى لنمضي قُدمًا سائرين في السّبيل المغبوط الّذي هو طريق الحقيقة والحقّ والحياة، وهدفُنا كمسيحيّين هو أن ندخُل قُدسَ أقداس الله حيثُ السّكينةَ والطّمأنينةَ والسّلام.
أخواتي وإخوتي الأحبّاء،
من يبحثُ عن الحقّ ويومنُ به فهو حتمًا شهيدُ الحقيقة، لذلك وانطلاقًا من إيماننا ومن التّقليد المسيحيّ نجتمع اليوم لنُحيي، محتفلين باللّيتورجيّة الإلهيّة، ذكِرى مرور ستّة أشهر على فقدان أُختنا العزيزة الشّهيدة شيرين أبو عاقلة الّتي انتقلت من الحياة الأرضيّة إلى الأخدار السّماويّة بتاريخ الحادي عشر من شهر أيّار لعام 2022، وقد احتفل بالصّلاة الجنائزيّة على جثمانِها الطّاهر سيادة المطران ياسر العيّاش الجزيل الاحترام في بطريركيّتِنا الرّوميّة الملكيّة الكاثوليكيّة في القدس الشّريف.
لقد طُوِيت صحيفَتُك يا أختنا شيرين، عن واحد وخمسين ربيعًا، بعد أن أتممتِ واجبك المهنيّ، حتّى الرّمق الأخير، في إيصال الحقيقة المُرّة للصّراع الأعمى الّذي نتمنّى أن ينتهي الآن في هذه اللّحظة.
فكما لكّل مهنة أخلاقٌ رفيعةُ المستوى ولها حصّتها من المخاطر، كذلك الصَّحافيّ أو المراسل يلمس عن كثب الحقائق المؤلمة، ويجمعُ المعلومات ملتزمًا في احترام الحقيقة الموضوعيّة للأحداث الّتي يلاحِظَها، ليُدرجها بكلّ أمانة في صحيفةٍ مصقولةٍ بصدق فكريّ وبموضوعيّة قدر الإمكان ويحرص على أن يكون بعيدًا عن فكرِه الشّخصيّ.
فالصِّحافِيُّ مدعوّ إلى أن يحافظ على صـحيفتِهِ البيضاء أيّ على سُمعته الحسنة، لأنّ في ذلك نهجٌ قويمٌ يعبّر عن مِصْداقيّته في نقل الحدث ونقل ما يلفّه من حقائق. فلا شكّ أنّ الصِّحافيّ هو فم الحقيقة النّابض الّذي لا يصمت ولا يرهب الشّدائد الّتي يلقاها، بل يناضل بقلمه في توثيق الحقيقة المجرّدة وإظهارها. وهنا نستذكر كلمة حقّ قالتها فقيدتنا الغالية: "ليس سهلاً ربّما أن أغيّر الواقع، لكنّني على الأقلّ كنتُ قادرةً على إيصال هذا الصّوت إلى العالم.. أنا شيرين أبو عاقلة".
إسمحوا لي أن أشكر جزيل الشّكر قداسة البابا فرنسيس الكلّيّ الطّوبى والقداسة لأجل عطفه واهتمامه بكلِّ ابنٍ وابنةٍ له، على هذه البسيطة، كراعٍ صالح يعرف رائحة الخراف. لقد استقبل قداسته اليوم عائلة ابنتنا الرّوحيّة شيرين ومنحها بركته البابويّة والأبويّة، ونحن ممتنّون له لما عبّر عنه في مقرّ الأمم المتّحدة بلسان نيافة الكاردينال بيترو بارولين، أمينِ سرّ حاضرة الفاتيكان، عن قربه من الشّعب الفلسطينيّ وعن ألمه بسبب فقدان الأبرياء وعن احترام كرامة الإنسان حيّا كان أم ميّتًا.
نتوجّه بتعازينا القياميّة الحارّة، باسم صاحب الغبطة البطريرك يوسف العبسيّ الكلّيّ القداسة، إلى أهل المرحومة أختنا شيرين أبو عاقلة وإلى جميع أصدقائها ورفاقها وزملائها في العمل، ومعارفها، مقدّرين شخصها كامرأة محترفة."