قبريانوس ويوستينا... إيمان ثابت فاستشهاد!
قبريانوس هو أحد نبلاء أنطاكيا، متحدّر من عائلة شريفة وثنيّة. تربّى على عبادة الأصنام والسّحر وقصده الوثنيوّن لهذه الغاية من كلّ حدب وصوب حتّى التقى بيوستينا فتاة جميلة اهتدت إلى الرّبّ يسوع واعتمدت ووالداها ونذرت حياتها ليسوع المسيح وتربّت على محبّته وطاعته في زمن اجتاحته الخلاعة ودفنت الأخلاق.
ويروي التّقليد الكنسيّ أنّ شابًّا وثنيًّا أُغرم بيوستينا وطلب منها الزّواج، إلّا أنّها رفضت بجرأة كبيرة مجيبة: "أنا مخطوبة ليسوع المسيح"، ما دفع أغلاوس إلى اللّجوء إلى قبريانوس السّاحر طلبًا للمساعدة، غير أنّ كلّ محاولاته باءت بالفشل، فأُدهش كيف لـ"فتاة مسيحيّة ضعيفة أن تنتصر على الأبالسة بمجرّد الصّلاة ورسم إشارة الصّليب"، متعجّبًا بقدرة "إله المسيحيّين".
هذا الحدث شكّل نقطة تحوّل في حياة قبريانوس الّذي تاب وتخلّى عن السّحر ونبذ الأصنام وأحرق كلّ كتب الشّعوذة أمام أسقف المدينة وشعبها، ولبس يسوع المسيح في سرّ العماد، واتّخذ الإنجيل المقدّس دستور عيش وصار للمسيح كاهنًا. هذا التّحوّل أفرح قلب يوستينا الّتي تلت الصّلوات بلا توقّف على نيّة ثباته في إيمانه، وباعت كلّ ممتلكاتها ومجوهراتها ووزّعت ثمنها على الفقراء. أمّا أغلاوس فحاله حال الكثير من الوثنيّين آمن وتاب واعتمد.
هذا الأمر لم يرق للملك ديوكلتيانوس، فأنزل بهما أشدّ الأحكام قساوة وتعذيبًا غير أنّ الله لم يتخلّ عنهما فحفظهما من كلّ أذى وأظهر من خلالهما قدرته على كلّ شرور الأرض، حتّى حكم عليهما الملك بقطع رأسيهما، فلبسا إكليل الظّفر عام 304، ونُقلت بعدها ذخائرهما إلى كنيسة يوحنّا لاتران في روما.