في يومه الثّاني في أستراليا: الرّاعي احتفل بقدّاس الأحد في سيّدة لبنان- ملبورن قبل الانتقال إلى سيدني
ألقى الرّاعي عظة بعد قراءة الإنجيل قال فيها: "من أراد أن يكون الأوّل بينكم فليكن خادمًا للجميع".
مع عيد ارتفاع الصّليب بدأ زمن الصّليب أو زمن النّهايات الّذي ينتهي في الأحد الأخير من شهر تشرين الأوّل وهو الزّمن الأخير من السّنة الطّقسيّة. في هذا الزّمن نتأمّل بمجيء يسوع المسيح الثّاني بالمجد أنّه زمن الواقعات الجديدة أيّ زمن الموت وما بعد الموت الخلاص الأبديّ والهلاك الأبديّ الدّينونة ونهاية العالم ولذلك جميع الأناجيل الّتي سنسمعها حتّى الأحد الأخير من تشرين الأوّل سوف تكون حول صعوبات حياتنا وعلامات نهاية العالم حتّى مجيء الرّبّ يسوع في حياتنا وهذا الأهّم. نحن في هذا الحياه نسير باتّجاه ملكوت الله وعلينا عبور جسر الموت والدّخول عبر باب جديد اسمه الموت فلا نخاف منه إن كنّا استعدّينا له فحياتنا التّاريخيّة معدودة، بعضنا ينعم عليه الله بعمر مديد، البعض الآخر يرحل في سنّ مبكرة. تتفاوت الأعمار عند الرّحيل ولكن أحدًا لا يعرف متى تأتي ساعته لذلك جميع الأناجيل تذكّرنا بضرورة الاستعداد للعالم الثّاني.
زمن الصّليب يضعنا أمام فكرتين أساسيّتين: الأولى أنّنا نكرّم صليب يسوع علمًا أنّه كان وسيلة للتّعذيب والقتل ولكن عندما مات عليه الرّبّ يسوع أصبح الصّليب علامة الخلاص وينبوع الغفران والمصالحة وإذا كنّا نكرّم صليب المسيح فنحن ملتزمون بمصالحة الله وبالتّوبة وطلب الغفران عن خطايانا والمغفرة لبعضنا البعض حتّى نكون مسيحيّين حقيقيّين.
والوجه الآخر من الصّليب يذكّرنا أنّه بقيامة الرّبّ يسوع من الموت انتصر على الشّرّ والخطيئة أعطانا إرادة الانتصار على الموت والشّرّ في هذا العالم. القدّيس أغوسطينوس يختصر حياتنا بالقول إنّ الكنيسة بجميع أبنائها تسير في هذا العالم بين اضطهادات العالم وتعزيات الله أيّ بين الصّعوبات من كلّ الأنواع وفي الوقت نفسه مع العزاء الإلهيّ. هذه علامات الصّليب وإنجيل اليوم يقدّم لنا النّهج الجديد لمفهوم السّلطة في البيت والكنيسة والمجتمع والدّولة ويقول من آراد أن يكون الأوّل أيّ يتحمّل المسؤوليّة عليه أن يكون خادمًا للجماعة فالمسؤوليّة هي خدمة أي بذل وعطاء وتضحية بالذّات والوقت والرّاحة وإلّا فهي لم تعد سلطة وأعطانا المثل بأنّه هو ابن الإنسان لم يأت حتّى يخدمه النّاس بل العكس لقد أتيت لكي أخدم النّاس هذا هو مفهوم السّلطة الّذي أعطاه الرّبّ يسوع. وكما الأهل مع ما يمثّلانه من سلطة في البيت وتضحية وبذل وعطاء هكذا يجب أن تكون السّلطة في الكنيسة مع كاهن الرّعيّة ومطران الأبرشيّة والبطريرك والبابا ما من سلطة في الكنيسة للتّمجيد الذّاتيّ. كذلك بالنّسبة للدّولة السّلطة فيها يجب أن تكون خدمة وعطاء. مشكلة المجتمعات المدنيّة أنّ غالبيّة المسؤولين السّياسيّين فقدوا معنى السّلطة فأصبحت تسلّطًا ومصالح خاصّة وإهمالًا للشّعب. نحن نعيش هذا الأمر في لبنان وأطلب منكم أن تصلّوا معنا على نيّة كلّ واحد يحمل السّلطة في لبنان لكي يعود إلى ذاته وضميره ويتذكّر قول الرّبّ يسوع إنّه ما من سلطة إن لم تكن بذلاً وخدمة وعطاء."
وكان البطريرك الرّاعي قد زار الأحد دير مار أنطونيوس ومدرسة مار يوسف للرّاهبات الأنطونيّات- ملبورن حيث ألقيت كلمة ترحيب جاء فيها:
""مبارك الآتي باسم الرّبّ" الآتي إلى بلد بعيد لزيارة الأبرشيّة في يوبيلها الذّهبيّ، وهي في أوجّ عزّها وانتشارها بفضل راعيها سيادة المطران أنطوان- شربل طربيه وكلّ الفريق المعاون في ملبورن وسيدني وحيث تنتشر الكنيسة المارونيّة في أنحاء أستراليا كافّة ونيوزلندة وأوقيانيا. مبروك يوبيلُها الذّهبيّ ولسنين عديدة.
صاحب الغبطة، فرح كبير لنا أن نرحّب بكم في ديرنا دير مار أنطونيوس في ملبورن، ونرحّب أيضًا بكلّ الحاضرين وأنتم أخوة أعزّاء لنا، أنتم في بيتكم وضمن عائلتكم.
صاحب الغبطة، لقد تكبّدتم عناء السّفر الطّويل لتتفقّدوا أبناءكم وبناتكم الموارنة وتطمئنّوا على أحوالهم وأحوال الجالية اللّبنانيّة، لا بل المشرقيّة. هم بخير واندمجوا في البلدان الّتي استقبلتهم وأصبحوا جزءًا مهمًّا منها وفيها، لكن الحنين ‘لى مسقط الرّأس لا يستكين فيهم. فهم يحملون في أعماقهم رائحة البيت الوالديّ والشّجرة الّتي تسلّقوها والهواء الّذي استنشقوه... الوطن غالي، وأملهم أن يعودوا إليه.
صاحب الغبطة، أيّها الأعزّاء،
عمر الأبرشيّه خمسون سنة وعمرنا كراهبات أنطونيّات في ملبورن ثلاث وأربعون سنة، لقد كانت بدايات مسيرتنا صعبة، لكن عزمَ الرّاهبات وإيمانًهن بالرّسالة بقيت أقوى من الصّعوبات.
في تشرين الأوّل سنة 1980 وبطلب من مثلّث الرّحمات المطران عبده خليفة، وصلت إلى ملبورن الأخوات هنريات روفايل (رئيسة الجماعة) فلورنس دحدح شارل عاقلة وماري نصّار، وأقمنَ في بيت وقف رعيّة سيّدة لبنان في كارلتون- ملبورن، وذلك للاهتمام بالأمور الرّعويّة واللّيتورجيّة والرّوحيّة. وعملن في التّعليم الرّسميّ والخاصّ والتّمريض لتأمين معيشتهنّ. واكتسبن محبّة أبناء الجالية وبالأخصّ الموارنة منهم، وثقة الكهنة الّذين تعاونوا معهم وبركة الأساقفة الّذين توالوا على رعاية الأبرشيّة، واليوم بعد ثلاث وأربعين سنة لا تزال الرّاهبات حاضرات في الرّعيّة إلى جانب خدمتهنّ الرّسوليّة في مجال التّربية والاجتماع والصّحّة.
رسالاتنا في ملبورن مثل حبّة الخردل الّتي زرعت في أرض طيّبة، نمت وأصبحت شجرة كبيرة وأعطت ثمارًا طيّبة.
من مدرسة السّبت لتعليم اللّغة العربيّة في البدايات
إلى دار الحضانة Child Care في سنة 1986،
والمدرسة الابتدائيّة في “Ceader Campus” سنة 1998
إلىTrinity College في 2002 كمرحلة انتقاليّة
وبعدها إلى Saint Joseph College سنة 2011
إلى استلام إدارة Saint Paul’s Hostel سنة 1994 وشرائه في 2017
ومع افتتاح المركز الرّياضيّ الجديد والمختبرات العلميّة والقاعات الفنّيّة وتبريكها على يد صاحب السّيادة المطران أنطوان شربل طربيه في 14 أيلول 2023 تكون الدّائرة قد اكتملت وزادت النّعم نعمًا.
نحن اليوم نستقبل حوالي تسعماية وخمسين تلميذًا بين مدارس وحضانة وستّين مسنًّا، في مركز مار بولس للمسنّين ومع الخدمة الرّوحيّة في الرّسالات والرّعايا، بالتّنسيق مع كهنة الرّعيّة وببركة صاحب السّيادة تتجلّى خدمتنا إلى جانب الجالية بكلّ فئاتها. فالحصاد كثير والفعلة قليلون.
صاحب الغبطة،
ثلاث وأربعون سنة للأنطونيّات، وخمس وعشرون سنة للأنطونيّين في ملبورن، نرجو أن تستمرّ وتتعمّق ببركة الرّبّ وسعي الأخوة والأخوات وتصبح خمسين وستّين ومئة. نحن نزرع ونسقي ونشذّب ونترك للرّبّ عناء الإنماء.
نطلب صلاتكم جميعًا كي يعطينا الرّبّ دعوات جديدة. ونشكر لفتتكم الكريمة لنا. فأهلاً وسهلاً بكم، وصحتين."
وألقى البطريرك الرّاعي كلمة خلال لقاء الرّاهبات قال فيها: "نشكر الرّهبنة الأنطونيّة والرّاهبات على كلّ ما قمتم به هنا في ملبورن وكلّ ما تقومون به في بلاد الانتشار ونحن نصلّي لكي يعطينا الرّبّ دعوات كهنوتيّة ورهبانيّة ولاسيّما الرّهبانيّات النّسائيّة الّتي تعاني أكثر من غيرها من نقص في الدّعوات لكي ينعم الرّبّ عليها لاستمرار رسالتها. لقد قامت الأنطونيّات بخطوات متقدّمة لاسيّما منذ الإصلاحات الّتي نفّذتها الرّهبنة لقد كان ملفتًا ما قمتم به على الصّعيد الرّوحيّ والتّربويّ والرّهبانيّ وأنتم تشكّلون في قلب الكنيسة قوّة لها دورها ومكانتها. نصلّي كي ينعم الرّبّ علينا براهبات قدّيسات ملتزمات كي يبقى حقل الرّبّ مليئًا بالحصاد والفعلة. نشكر الرّبّ على وجود رهبانيّات تساعد شعبنا ولاسيّما في هذه الأوقات. قيمة الأبرشيّة في أستراليا هي قدوم الرّهبانيّات الرّجاليّة والنّسائيّة وفتح مؤسّسات ودور اجتماعيّة وهي من أقوى أبرشيّاتنا نظرًا للوحدة الموجودة بين مطراننا والمؤمنين والجماعات الرّهبانيّة وهذا ما يجعلها متراصّة. ٤٠ سنة وأنتم ولا تزالون تضحّون ومن كلّ قلبكم نشكر الرّبّ عليكم."
وإنتقل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي والوفد المرافق إلى سيدني في ختام زيارته إلى ملبورن حيث أدّى صلاة الشّكر في كنيسة مار مارون في ردفرن المجاورة لمدينة سيدني وهي أقدم كنيسة مارونيّة في أستراليا .
وشارك في الصّلاة إلى جانب راعي الأبرشيّة المطران أنطوان شربل طربيه والمطران بولس الصّيّاح والمطران سيمون فضّول، عدد من الرّؤساء العامّين وكهنة ورهبان من مختلف الكنائس .
حضر الصّلاة قنصل لبنان العامّ في سيدني شربل معكرون ومدير مكتب الإعلام والبروتوكول في الصّرح البطريركيّ وليد غيّاض ومنسّق تيّار المردة سركيس كرم والرّئيس السّابق للجامعة الثّقافيّة ميشال الدّويهيّ ورئيس تحرير النّهار الأستراليّة أنور حرب ومدير مكتب الوكالة الوطنيّة للإعلام الزّميل سايد مخايل.
بداية ألقى خادم رعيّة مار مارون الأب جيفري عبدالله كلمة رحّب فيها بالبطريرك الرّاعي والوفد المرافق والحضور وفي مقدّمهم القنصل معكرون، ثمّ تحدّث عن تاريخ الوجود المارونيّ في أستراليا منذ إنشاء أوّل كنيسة قبل ١٢٦ سنة، كما شرح التّطوّر الّذي شهدته الأبرشيّة المارونيّة منذ تأسيسها مع المطران عبدو خليفة وصولاً إلى اليوم مع المطران طربيه الّذي أضيفت إلى مسؤوليّاته الأبرشيّة منطقة أوقيانيا مؤخّرًا.