الفاتيكان
12 آذار 2017, 13:32

في كلمته قبل تلاوة التّبشير الملائكي البابا يتحدّث عن رسالة صليب المسيح

كانت عقارب السّاعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً عندما أطلّ البابا فرنسيس من على شرفة مكتبه الخاص في القصر الرسولي بالفاتيكان ليتلو مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس صلاة التّبشير الملائكي، كما جرت العادة ظهر كل أحد.

تمحورت كلمة البابا حول إنجيل هذا الأحد الثاني من زمن الصّوم الذي يحدّثنا عن تجلّي يسوع المسيح. وقال فرنسيس إنّ الرب أخذ ثلاثة من الرّسل، هم بطرس ويعقوب ويوحنا، وصعد معهم إلى جبل عالٍ، وهناك حصلت هذه الظاهرة الفريدة: "أَضاءَ وجهُهُ كالشَّمسِ، وصارَتْ ثِيابُهُ بَيْضاء كالنُّور" (متى 17، 2).

بهذه الطريقة ـ تابع البابا يقول ـ أشرق في شخص يسوع المجدُ الإلهي الذي يمكن استشفافه من خلال الإيمان بكرازته وبأفعاله العجائبية. وظهر على الجبل كلّ من موسى وإيليا وهما يكلمانه. واعتبر البابا أنّ النور المضيء الذي ميّز هذا الحدث الفائق الطبيعة رمز إلى الهدف ممّا جرى: إنارة عقول التلاميذ وقلوبهم كي يدركوا بوضوح من هو معلّمهم. لقد أضاء هذا النور على سرّ يسوع وأنار شخصه ورسالته بالكامل. 

مضى البابا فرنسيس إلى القول إنّ يسوع، وفيما هو متّجه إلى أورشليم حيث سيُحكم عليه بالموت بواسطة الصّلب، أراد أن يُعد خاصته لهذه "العثرة" التي كانت قوية جدّاً بالنسبة لإيمانهم، وشاء في الوقت نفسه أن يُعلن مسبقاً عن قيامته من بين الأموات، مظهراً أنّه المسيح، ابن الله. ولفت البابا إلى أنّ يسوع أعدّ تلاميذه لهذه اللّحظة الحزينة، وقد أظهر نفسه مسيحاً مخالفاً للتّوقّعات، للصّورة التي كانوا ينتظرونها: لم يظهر كملك صاحب نفوذ ومجد بل كخادم متواضع وأعزل، لم يظهر كسيّد ثريّ، بل كرجل فقير ليس لديه مكان يلقي عليه رأسه، لا كبطريرك ذي نسل كبير بل كرجل غير متزوج، لا بيت له ولا مأوى. هذا هو وحي الله المخالف للتوقعات. والعلامة الأكبر لهذه العثرة كانت في الصليب، لكن من خلال الصّليب وصل يسوع إلى القيامة المجيدة. وهذه القيامة ستكون نهائية، مع أنّ التجلي استغرق لحظات قليلة.

تابع البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي مؤكّداً أنّ يسوع الذي تجلّى على جبل طابور أراد أن يُظهر مجده لتلاميذه، ولم يشأ لهم أن يتجنّبوا الصليب، بل أن يدلّهم على ما يقود إليه الصليب:من يموت مع المسيح يقوم مع المسيح، فالصليب باب القيامة، من يناضل معه ينتصر معه: هذه هي رسالة الرجاء التي يتضمّنها صليب المسيح الذي ليس مجرد زينة في المنزل أو قلادة نرتديها. الصّليب المسيحي يذكّرنا بالمحبة التي حملت يسوع على التّضحية بذاته لينقذ البشرية من الشر والخطية.

بعدها شجّع البابا المؤمنين في زمن الصّوم هذا على التّأمل بصورة الصليب الذي هو رمز الإيمان المسيحي، ورمز يسوع الذي مات وقام من الموت من أجلنا. وشدّد فرنسيس على ضرورة أن يطبع الصليب مراحل مسيرة الصوم كي ندرك بشكل أفضل فداحة الخطية وقيمة التضحية التي أعتقنا المخلّص من خلالها. وأكّد البابا فرنسيس في الختام أنّ القديسة مريم عرفت كيف تتأمل بمجد يسوع المخبأ في بشريته وهي تساعدنا على الصّلاة بصمت.

بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي، عبّر البابا عن قربه من شعب غواتيمالا على أثر الحريق الذي شبّ في سان خوسيه بينولا وأوقع عدداً من الضحايا والجرحى، وسأل الرب أن يقبل أنفس الموتى ويعزّي قلوب عائلات الضحايا والأمّة بأسرها. ودعا فرنسيس المؤمنين أن يصلوا على نيّة الشبان والشابات ضحايا العنف وسوء المعاملة والاستغلال والحروب، قال إنّ هذه آفات خطيرة ينبغي أن نعيرها الاهتمام، ولا يسعنا أن ندّعي بأنّنا لا نرى ما يحصل ونصمّ الآذان. وبعد أن وجّه تحيّاته إلى وفود الحجاج والمؤمنين القادمين من روما وإيطاليا ومناطق أخرى حول العالم، تمنّى البابا فرنسيس لجميع الحاضرين في السّاحة الفاتيكانيّة أحداً سعيداً وغداءً شهيّاً وسألهم أن يصلّوا من أجله.