أوروبا
17 شباط 2020, 07:30

في فولينيو- إيطاليا تكريم لذخائر مار مارون برئاسة البطريرك الرّاعي

تيلي لوميار/ نورسات
ترأس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قدّاس الأحد في كاتدرائيّة فولينيو في إيطاليا حيث تحفظ ذخائر القدّيس مارون، بحضور راعي الأبرشيّة المطران غوالتيرو سيجيسموندي، وكاهن الرّعيّة الخوري جوزف برتيني، وحشد من أبناء الرّعيّة ومن أبناء رعيّة مار مارون في روما. وقد عاونه في القدّاس المطران سمعان عطالله والمعتمد البطريركيّ لدى الكرسيّ الرّسوليّ المطران رفيق الورشا ونائبه الخوري هادي ضو ووكيل عامّ الرّهبانيّة الأنطونيّة لدى الكرسي الرّسوليّ الأب ماجد مارون ولفيف من الكهنة والرّهبان.

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى الرّاعي عظة بعنوان "عندهم موسى والأنبياء"، وجاء فيها :

"إخواني أصحاب السّيادة والآباء والأخوات، نحن اليوم أتينا إلى مدينة فولينيو في زيارة تقوية لإحياة أمرَين: أوّلًا، نُكرّم ذخائر أبينا القدّيس مارون الّتي حُفظَت منذ الأجيال الوسطى، أجيال الصّليبيّين، في فونينيو، هربًا من التّلف. والغاية الثّانية هي ليتورجيّة، لنُصلّي ونُحيي ذكرى مَوتانا والموتى المؤمنين. لكلِّ الموتى، نُصلّي ونقول: الرّاحة الدّائمة أعِطِهم يا ربّ ونورُك الأزليّ فليضئ لهم فليستريحوا بسلام.

القدّيس مارون، ونحن هنا لنكرّم ذخائره، يعلّمنا أمورًا كثيرة نحن بأمسّ الحاجة أن نعيشها وهي اتّحاده العميق بالله، بالصّلاة بالتّأمّل والتّقشّف والموت عن الذّات بمقدار ما كان متّحدًا بالله أصبح متّحدًا بكلّ النّاس، وهذا هو السّرّ الأساسيّ. أيّة علاقة سليمة بإمكاننا أن نعيشها على المستوى الأفقيّ، لا نقدر أن نعيشها إلّا إذا كان عيشنا العاموديّ سليمًا مع الله. سلام مع الله، سلام مع البشريّة كُلّها. هذا هو تعليم القدّيس مارون وهذه هي صلاتنا في أوطاننا المشرقيّة وفي لبنان بنوع خاصّ، بحيث أنّه لا مجال للخروج من الخلافات والنّزاعات إلّا بمقدار قرب المتخاصمين من الله. ولا يمكنهم أن يكونوا أقرباء من الله إلّا من خلال التّجرّد والتّقشّف والخروج من الذّات. وهذه صلاتنا باستمرار. الكنيسة هي موسى والأنبياء اليوم هي الّتي تخاطب دائمًا ضمائر وعقول النّاس. لا تقدر الكنيسة أبدًا أن تراعي الخواطر إنّما عليها أن تحرّك الضّمائر. لا يمكنها المساومة على شيء وألّا تتنكّر لدورها ورسالتها. نشكر الرّبّ الّذي أوجد الكنيسة كي تظلّ صوت الضّمير المستمرّ، صوت الله. يعطي الرّبّ يسوع في الإنجيل مثل الغنيّ ومثل لعازر الفقير. الغنيّ الّذي عاش لنفسه، وقد أعطاه الله الكثير من موارد وخيرات مادّيّة لكنّه نسيَ المُعطي، تعبد لها حتّى أنّه لم يستطع أن يرى لعازر المطروح على باب بيته مجروح وجوعان، لأنّ الإنسان إذا لم يخرج من ذاته لا يقدر أن يرى إلّا ذاته. مشكلة الغنيّ ليس لأنّه غنيّ؛ الغنى عطيّة من الله. مشكلة الغنيّ أنّه تعبّد للغنى ونسي الله ولذلك لم يقدر أن يرى الفقير على باب داره. هكذا نحن لا يمكننا أن نرى الإنسان ببؤسه، بحاجته أيًّا كانت الحاجة إذا لم نكن مرتبطين بالله، لعازر لم ينل الخلاص لأنّه فقير ولكنّه قبل إرادة الله عليه صبر واحتمل. وبصبره كأنّه كان يشارك مسبقًا بآلام المسيح الخلاصيّة نال الخلاص. نحن نصلّي على نيّة موتانا، لراحة نفوسهم، نحن نلتمس النّعمة أن نعيش منفتحين إلى الله، وبالإصغاء إلى صوت الله نتّحد معه، ونرى أخوتنا البشر. ولا تنتهي النّزاعات والحروب والخلافات إلّا بطريق واحدة العودة إلّا الله. معكم نصلّي على نيّة كلّ المسؤولين في لبنان كي يعودوا إلى الله وإلى الصّلاة وإلى التّوبة، وعندها يستطيعوا العودة إلى بعضهم البعض. نلتمس نعمة الاتّحاد بالله كي نقدر أن نرى أخوتنا البشر وحاجاتهم، أخوتنا البشر ليس بالمطلق، أخي وأختي الّذين في جنبي، بالحاجة الّتي يحتاجونها. تحيّة إلى لبنان، من هنا من فولينيو، من شعب فونينيو الّذي نَكِنُّ له صداقة وتقدير. فمار مارون الّذي احتضنت فولينيو ذخائره يجمعنا دائمًا بصداقة كبيرة مع هذا الشّعب الطّيّب ومعه نصلّي من أجل استقرار لبنان والسّلام في الشّرق الأوسط."