في عيده.. نور القدّيس جاورجيوس في دير الحرف
أسّس الدّير عام 1409 وشهدت فيه الحياة الرّهبانيّة فترات من الانقطاع بسبب الاضطرابات السّياسيّة، إلّا أنّه عام 1957 عمل متروبوليت جبل لبنان الياس كرم على تثبيتها. وتقوم هذه الحياة في الدّير على الصّومعة والجماعة واللّيتورجيا؛ والصّومعة هي المكان الّذي ترتقي فيه حياة الرّاهب الدّاخليّة إلى الرّبّ من خلال المطالعة الرّوحيّة والتأمّل والصّلاة، أما حياة الجماعة فتُخوّل الرّاهب التّغلّب على أنانيّته وتجنّب الكبرياء.
تتّخذ هيكليّة الدّير شكل حرف اللّام اللّاتيني "L" وهو يحوط بفناء داخليّ تحوّل جزء منه مع مرور الوقت إلى حديقة. أمّا القسم الأكبر من الدّير فشُيّد بين عاميّ 1790 و1860. وفي عام 1922، شهد مرحلة تطوّر وبُنيت مدرسة إلى جانبه إلّا أنّها توقفت عن العمل بعد بضع سنوات.
وفي ما يختصّ بكنيسة الدّير، فهي مستطيلة الشّكل ومبنيّة بواسطة الحجر البنّيّ من صحن واحد تعلوه قبّتان مضلّعتان، تفصلهما قنطرة عن مكان الجوق الّذي يحدّ بينه وبين الهيكل إيقونطاس خشبيّ يعود إلى القرن التّاسع عشر.
تُزيّن الأيقونات والرّسوم الجداريّة كنيسة دير القدّيس جاورجيوس، ففي الزّاوية المحوريّة للقبّة الأولى، رسم للمسيح الضابط الكلّ يرمز إلى التقاء السّماء مع الأرض. أما في القبّة الثّانية، فرُسمت جداريّات تُصوّر الثّالوث الأقدس والعنصرة والمعموديّة والصّلب وغيرها من وقائع التّاريخ المسيحيّ.
ويُذكر أنّ الرّهبان في ستّينات القرن العشرين كانوا يحرّرون نشرة تصدر مرّتين سنويًّا تحت عنوان "دفاتر دير الحرف" تتضمن شروحات الإنجيل ومقالات عن الرّهبنة وغيرها. كما أنشئت مكتبة داخل الدّير عام 1975 احتوت على 4000 كتاب دينيّ وتاريخيّ، إلّا أنّه لم يبقَ منها إلّا 1500 كتاب بفعل الحرب. هذا وأسّس الدّير، بالتّعاون مع أديرة أخرى، دار نشر غير رسميّة متخصّصة بنشر تراث الأدب الرّهبانيّ.
بُني دير الحرف منذ ستّة قرون، وما زال حتّى اليوم القدّيس جاورجيوس متربّعًا ملكًا على كنيسته، وها هو ينفح أبناء دير الحرف بنسمة ممزوجة بالإيمان والخشوع فيُشّبعون بها قلوبهم محبّة ورجاءً وينشرون الرّسالة المسيحيّة بكل فخر وامتنان في كلّ أرجاء العالم.