الفاتيكان
19 شباط 2021, 14:50

في زمن الصّوم والجائحة، إليكم ما أوصى به رئيس محكمة التّوبة الرّسوليّة!

تيلي لوميار/ نورسات
بين الصّوم وجائحة كورونا، تأمّل رئيس محكمة التّوبة الرّسوليّة الكاردينال ماورو بياشينزا في رسالة الصّوم لهذا العام، إذ هما "زمنان، أحدهما يحدّد التّقويم اللّيتورجيّ وحياة الكنيسة، والآخر يؤثّر على حياة البشريّة جمعاء اليوم، ولكنّهما يملكان بعض الكلمات المشتركة الّتي قد تبدو قديمة، على الأقلّ في الغرب"، فكتب بحسب "فاتيكان نيوز":

"يُطلب الآن من المواطنين في جميع أنحاء العالم التّخلّي، على الأقلّ جزئيًّا، عن ممارسة الحرّيّات الشّخصيّة، والتّضحية بأسلوب حياتهم من خلال اعتماد الاحتياطات الصّحّيّة، والامتثال لتعليمات السّلطة القائمة، حتّى عندما تمنع المساعدة، وحتّى الوداع النّهائيّ، لأحد أفراد الأسرة الموجود في المستشفى.

ولحثّ المواطنين على هذه الجهوزيّة الّتي لم يكن من الممكن تصوّرها سابقًا، فإنّ وسائل الإعلام، تنقل ثلاث رسائل: شجب خطر وشيك يكون كلُّ فرد أمامه مسؤولاً عن نفسه وعن الآخرين؛ الإعلان عن أفق مستقبليّ إيجابيّ؛ التّأكيد على أنّ هناك مهلة مطلوبة محدّدة للانتظار والتّضحية... وبشكل جزئيّ، كانت هذه دائمًا إحداثيّات التّوبة المسيحيّة في زمن الصّوم الكبير.  

في الواقع، وفي حملة جمع تبرّعات أربعاء الرّماد، نحن نطلب من الله أن نبدأ بالصّوم والتّوبة مسيرة ارتداد تسمح لنا بالانتصار ضدّ روح الشّرّ، العدوّ الكامن. لكن يُفتح لنا على الفور أفق إيجابيّ، وهو الانتصار الّذي حقّقه صليب المسيح والّذي دُعينا جميعًا إلى المشاركة فيه. في الختام، يتمّ وضع مرحلة للقتال، "يمثّلها" العدد المقدّس "للأربعين يومًا"، زمن الارتداد الحقيقيّ والخلاص."

وأضاف: "إنّ الشّرّ الّذي نتحدّث عنه في هذه الحالة والانتصار عليه لهما أهمّيّة لا تضاهى في حياة الإنسان، لأنّهما لا يتعلّقان فقط بالخير الزّمنيّ للصّحّة الجسديّة، وإنّما بالخير الجذريّ للخلاص الأبديّ وبالنّفس والجسد. لذلك يبدأ زمن الصّوم الكبير برشِّ الرّماد وصيغة التّوبة "أذكر يا إنسان أنّك من التّراب وإلى التّراب تعود" الّتي تذكّرنا بأنّنا مخلوقات تعتمد في كلّ كيانها على الله، وتجد معناها وهدفها الكامل في سماء الله العظيمة، وليس في أمور الأرض".  

وعن التّوبة، أوضح بياشنزا أنّها وبحسب المعنى المسيحيّ "تحتوي في حدّ ذاتها على فرح عميق جدًّا وإحساس بالعدالة غير قابل للاختزال، ينبغي علينا اكتشافهما من جديد؛ كذلك، هي ليست محاولة لكي نحصل من الله على ما لا يمكن أن نحصل عليه بقوّتنا الخاصّة، وإنّما تعبير عن إرادة بالإجابة بكامل كياننا على ذلك الحبّ، الإلهيّ والبشريّ، الّذي أخذ على عاتقه في المسيح شرّ العالم وبصليبه وقيامته، جدّد الكون الّذي مزّقته الخطيئة. لذلك، فإنّ التّوبة المسيحيّة هي فضيلة يمنحها الرّوح، ويسلِّم الإنسان من خلالها حياته للرّبّ، ويقبل أن يتألّم معه، مشاركًا هكذا في حياة المسيح الجديدة، الّذي وإذ أخضع نفسه للصّليب، جلس عن يمين عرش الله.

من الحضور الحيّ للفادي مركز الكون والتّاريخ تتبلور تلك الاهتمامات الّتي تنتمي إلى التّقليد اللّيتورجيّ والرّوحيّ للكنيسة الّتي تقدّمها لنا في قائمة: الاعتبار الصّحيح للذّات في فحص الضّمير؛ الارتداد في علاقتنا مع الله وذواتنا وإخوتنا من خلال الصّلاة والصّوم والصّدقة؛ الذّكرى اليوميّة للمسيح الحاضر من خلال تقديم "إماتات الصّوم"؛ ذكرى آلامه الفدائيّة في الممارسة التّقويّة لدرب الصّليب؛ تلاوة مزامير التّوبة؛ طلبات القدّيسين، الّذين هم "الأكثريّة" الكبرى في عالم الله؛ التّأمّل المحبّ في المسيح، المصلوب والقائم من الموت، في الاحتفال بالإفخارستيّا وعبادة القربان المقدّس؛ الصّلاة والثّقة بالطّوباويّة مريم العذراء الأمّ الحزينة الّتي تشارك بشكل كامل في مجد القيامة."

وفي الختام، سأل رئيس محكمة التّوبة الرّسوليّة  العذراء مريم "لكي تساعدنا على النّضوج في التّوبة المسيحيّة الحقيقية "القادرة وحدها على أن تعانق وترى حالة الوباء الطّارئة تتحوّل إلى مناسبة للخلاص، وتعيد الفرح والحرّيّة إلى القلوب."