لبنان
10 كانون الثاني 2024, 06:55

في ذكرى رسامته الأسقفيّة يونان يشكر الرّبّ ويصلّي من أجل العائلات والشّبيبة

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد مار يوحنّا المعمدان، احتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، صباح الأحد، بالذّكرى السّنويّة الثّامنة والعشرين لرسامته الأسقفيّة، في قدّاس إلهيّ ترأّسه على مذبح كاتدرائيّة سيّدة البشارة- المتحف، محييًا خلاله أيضًا الذّكرى السّنويّة الثّامنة والعشرين لتأسيس حركة مار شربل في رعيّة سيّدة البشارة- بيروت وتجديد الوعود لعدد من أعضائها وقيادتها، وتسمية رئيس جديد لمجلس شرف الحركة.

العظة ألقاها يونان بعنوان "لقد وجدْنا المسيح"، وتحدّث فيها عن "عيد مار يوحنّا المعمدان، الّذي تحتفل به الكنيسة في السّابع من كانون الثّاني، وهو اليوم التّالي لعيد الدّنح أيّ الظّهور الإلهيّ وعماد الرّبّ يسوع. فيوحنّا المعمدان هو الشّخص الّذي يربط بين العهدين القديم والجديد، ومعنى اسمه "الله تحنّن"، وكان شبيهًا بيسوع، سواء بمعجزة ولادته، وبحياته المكرَّسة لله، وحتّى باستشهاده، إذ قدّم ذاته ذبيحةً فدائيّةً في سبيل الحقّ والإيمان بالله، بعدما أمر هيرودس الملك بقطع رأسه. والرّبّ يسوع نفسه يقول عن يوحنّا المعمدان "إنّه أعظم مواليد النّساء"، وهو المدعوّ كي يسبق ابن الله الوحيد المخلّص يسوع المسيح، ويهيّئ له الطريق".

ولفت يونان بحسب إعلام البطريركيّة إلى أنّه "عندما اعتمد يسوع في نهر الأردنّ، وحلّ الرّوح القدس عليه بهيئة حمامة، والآب السّماويّ أعلن أنّه هو ابنه الّذي به سُرَّ، كان يوحنّا المعمدان الشّاهدَ الأوّل والأكبر على هذا الظّهور الإلهيّ العلنيّ. وكما سمعنا من الإنجيل المقدّس، فإنّ الرّبّ يسوع جاء أيضًا إلى نهر الأردنّ بعد العماد، والتقى بيوحنّا الّذي قال عنه "هذا هو حمل الله". لقد اعترف يوحنّا أنّه ليس أهلاً أن يعمّد الرّبّ، لكنّه تمّم إرادة الرّبّ، وبعد إعلان يوحنّا هذا الاعتراف بألوهة يسوع وبنوّته لله الآب، تبعَ اثنان من التّلاميذ يسوعَ، وأرادا أن يعرفا أين يسكن يسوع، فقال لهما: "تعاليا وانظرا"، وكان أندراوس أخو سمعان بطرس أحد هذين الإثنين، فأخبر أخاه بهذه البشرى: لقد وجدنا المسيح".

ونوّه إلى أنّنا "نلتقي معًا في هذا القدّاس الإلهيّ لنشكر الرّبّ على نِعَمِه بمناسبة الذّكرى الثّامنة والعشرين لرسامتي الأسقفيّة، ونطلب منه أن يقوّينا في هذه الفترة الصّعبة الّتي نمرّ بها في لبنان، كما في بلدان عدّة في الشّرق الأوسط، لاسيّما في سوريا والعراق والأراضي المقدّسة، ويؤهّلنا كي نعيش التّكرّس للرّبّ بحسب الدّعوة الّتي إليها دعانا، كلٌّ من موقع خدمته ومسؤوليّته، وأن نقوم برعاية شعب الله الّذي أوكلَتْه إلينا الكنيسة المقدّسة رعايةً صالحةً دون أيّ تردُّد، وبأمانة كاملة وتجرُّد تامّ".

وأضاف: "نمتلئ فرحًا اليوم لأنّ أولادنا في حركة مار شربل يجدّدون وعدهم للمسيح الّذي وجدوه داخل قلبهم، كي يتبعوه بكلّ فخر واعتزاز، وفي الوقت عينه بالأمانة لله والعائلة والكنيسة والوطن. نهنّئ قيادة حركة مار شربل في رعيّة سيّدة البشارة، لقيامها بهذه المهمّة نحو إخوة وأخوات، ولمساعدتهم ومرافقتهم كي يتعرّفوا أكثر على يسوع المخلّص، ويزدادوا محبّةً له، ويبقوا فخورين به، وينشروا الإيمان به حولهم بحياةٍ مسيحيّة صالحة، كما سمعنا من رسالة مار بولس الرّسول إلى تلميذه تيطس، حيث يؤكّد للتّلميذ الّذي كان يقوم برعاية المؤمنين في الكنيسة الأولى، أنّ علينا جميعًا أن نتبع الرّبّ يسوع الّذي أعطانا نِعَمَه بالميلاد وبالرّوح القدس. ونشكر أيضًا الممثّلين عن حركة مار بهنام وسارة في الفنار لحضورهم ومشاركتهم، ونشكر بشكل خاصّ الأهل الّذين أتوا كي يُظهِروا اعتزازهم بأولادهم الذين تعرّفوا على يسوع وأحبّوه ووعدوا أن يستمرّوا بمحبّة يسوع ومحبّة الكنيسة والرّعيّة."

وأكّد أنّنا "نؤمن بشخص ولا نؤمن بأفكار ونظريّات، أيّ ليس لدينا إيديولوجيّة كما يفكّر البعض، بمعنى أنّه لدينا فهمٌ لبعض الأمور وعلينا اتّباعها خلافًا لما تبعه أهلنا وآباؤنا وأجدادنا وكنائسنا منذ أكثر من ألفي سنة، وهم الّذين تعذّبوا وضحّوا بالكثير كي يبيّنوا أنّهم تلاميذ الرّبّ يسوع. إذًا ليس لدينا إيديولوجيّة، بل نؤمن بشخص هو الرّبّ يسوع الّذي علّمنا أنّه هو المحبّة، وهو الّذي خلّصنا، وطلب منّا أن نرتفع إليه، حتّى نكون أهلاً أن نُسمَّى تلاميذ له".  

وذكّر المؤمنين "بما أنّنا نحتفل بتجديد وعود شبيبتنا وأولادنا وصغارنا، فعلينا أن نركّز على موضوع العائلة الّتي تجتاز صعوبات كثيرة، ليس فقط صعوبات مادّيّة، لكن للأسف صعوبات تأتي من الضّجر والمعاناة الّتي يتحمّلها الآباء والأمّهات، ولا يستطيعون تخطّي هذه المعاناة بقوّة الرّبّ يسوع وبإلهام الرّوح القدس، كي يقبلوا ويتحمّلوا بعضهم بعضًا، ويصبروا على هفوات البعض، ويشجّعوا أحدهم الآخر ليكونوا مثال العائلة المسيحيّة الصّالحة. نعرف جميعًا أنّ الصعوبات كثيرة، ويقولون لنا في المحاكم الكنسيّة أنّ هناك مشاكل في العائلات، فالخلافات تزداد، لا نعني هنا الاختلاف، إذ بإمكان الشّخص أن تكون لديه نظرة مختلفة عن الآخر، لكنّها خلافات تؤدّي آثارها السّلبيّة، وهذا ما يؤلم قلوبنا، إلى خراب العائلة، وإلى إهمال التّربية للأولاد الّذين هم عطيّة الرّبّ".

وتضرّع يونان "إلى الرّبّ يسوع، حمل الله الّذي بذل ذاته وسفك دمه من أجلنا، كي يبارك شبابنا، ويرافق عائلاتنا على الدّوام، مهما كان عددنا قليلاً، فلا ننسى أنّ تلاميذ المسيح كانوا 12 شخصًا، وانطلقوا يبشّرون بيسوع، وغيّروا وجه العالم. لذلك، بقوّة الرّبّ يسوع وبإلهامات الرّوح القدس، سنستطيع أن نشارك في تغيير العالم، وفي نهضة رعايانا، وفي خلاص لبناننا الغالي من كلّ المحن، كي نكون شهودًا حقيقيّين ليسوع، أينما كنّا، وفي كلّ الظّروف الحياتيّة الّتي نعيشها، متشبّهين بالقدّيس العظيم يوحنّا المعمدان، الصّوت الصّارخ والكاروز المبشّر الّذي بشّر بقدوم الرّبّ يسوع وأعدّ الطّريق قدّامه، والّذي كرّس ذاته كلّيًّا للرّبّ، لأنّنا جميعنا وجدنا المسيح".

وفي الختام، حثّ "الجميع على السّعي الدّائم كي نرضي الله في حياتنا، ليس فقط بالأقوال، إنّما أيضًا بحياةٍ نعيشها بالبرارة والنّقاوة، حسبما يطلب منّا الرّبّ، ونبقى ثابتين في دعوتنا وأمناء في خدمتنا، ونعطي المثال الصّالح للمؤمنين الموكَلين إلى رعايتنا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، والقدّيس مار يوحنّا المعمدان، حتّى نستحقّ أن ننال السّعادة الأبديّة في الملكوت السّماويّ".

وقبل البركة الختاميّة، هنّأ المطران شارل مراد البطريرك يونان- بإسم الأبرشيّة، لمناسبة ذكرى سيامته الأسقفيّة متمنّيًا له دوام النّجاح والتّوفيق في متابعة رعاية الكنيسة في هذه الظّروف العصيبة، وسائلاً الرّبّ أن يديمه بالصّحّة والعافية والعمر المديد.