العراق
31 كانون الثاني 2019, 06:53

في ذكرى انتخابه، رسالة من البطريرك ساكو إلى أبناء كنيسته

في الذّكرى السّادسة لانتخابه بطريركًا على كنيسة بابل للكلدان، كتب البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو رسالة إلى أبناء كنيسته، جاء فيها بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ:

 

"أشكر الله على كلّ شيء وأشكر معاونيّ وأعضاء السّينودس والكهنة وكلّ الّذين أعانوني في العمل والاستشارات والمقترحات، أو شجّعوني على المضيّ قُدمًا، جازاهم الله خيرًا.

أنا شخص واضح في أفكاري واختياراتي. أرفض المساومة وأن يشتريني أحد. أحبّ الصّدق والشّفافيّة، ولا طمع لي في حطام الدّنيا. علاقتي مع ذاتي واضحة. المواجهة  والصّراحة هما قوّتي إلى جانب صلاتي. وأعتقد أنّه بات من الواضح للكثيرين بأنّ الانتقادات الموجّهة إليّ وإلى البطريركيّة معظمها صادر من أناس ضعيفي النّفوس، لا يتحمّلون استعادة  الكنيسة الكلدانيّة هيبتها ودورها وتألّقها على الصّعيدين المحلّيّ والعالميّ، بالرّغم من التّحدّيات القاسية الّتي واجهتها  خلال السّنوات السّتّ الماضية. وأذكر منها:

إحتلال تنظيم الدّولة الإسلاميّة للموصل وبلدات سهل نينوى– سنة بعد تنصيبي- وتهجير سكّانها، وتحمُّل الكنيسة مسؤوليّة الاهتمام بهم خلال ثلاث سنوات ونصف، من سكن وطعام ومعالجة، وضمان مواصلة أولادهم الدّراسة في أربيل وكركوك. وقد وقفت كنيستنا إلى جانبهم وحملت صوتهم إلى المحافل الدّوليّة. وهبَّت بعد التّحرير لإصلاح دُورِهم وكنائسهم ومدارسهم وذاقت معهم مرارة التّهجير وقاسمتهم رجاء العودة وفرح التّحرير والإعمار.
نزيف الهجرة الّذي أفقد المكوّن المسيحيّ نحو مليون شخص، وطلبات المهاجرين، ممّا استوجب إرسال كهنة لهم.
تصدّي الكنيسة للتّصريحات المحرّضة على الكراهيّة والعنف والاستحواذ على بيوت المسيحيّين في بغداد  ومدن أخرى وتفانيها في استعادة الكثير منها، رغم الوضع الأمنيّ الهشّ.
مواجهة القوانين المجحفة بحقّ المسيحيّين.
وقوف الكنيسة في وجه بعض السّياسيّين المسيحيّين الّذين سعوا لمصادرة إرادة المكوّن المسيحيّ خدمةً لمصالحهم الشّخصيّة، ممّا دفعهم إلى انتقادها بنحو غير مهنيّ في الغالب، بل وصل ذلك إلى التهجّم عليها.

علامات التّعزية:

تنظيم الدّائرة الماليّة البطريركيّة، انعقاد السّينودس الكلدانيّ السّنويّ بانتظام، تجديد الطّقوس لكي تتلاءم مع العصر، رسامة ثمانية أساقفة جدد وعدد من الكهنة والشّمامسة الإنجيليّين، تأسيس الرّابطة الكلدانيّة، تأسيس المجلس الرّاعويّ لبغداد وهيئة المستشارين للبطريركيّة وبنحو مواكب للكنيسة الجامعة، زيارة عدد كبير من الكرادلة والأساقفة والكهنة من مجالس الأساقفة الكاثوليك للعراق دعمًا  للمهجّرين، تنظيم  التّنشئة المستدامة لكهنة الكلدان في العراق، دعاوى تطويب شهداء كنيستنا رسميًّا، وهي المرّة الأولى في تاريخها، انعقاد اجتماع البطاركة الكاثوليك هذا العام ببغداد وللمرّة الأولى، بعد مرور 25 سنة على تأسيسه، زيارة الكاردينال بيترو بارولين، أمين سرّ دولة الفاتيكان للعراق واحتفاله بليلة الميلاد 24 / 12/2018 وحضور فخامة رئيس الجمهوريّة وبعض الوزراء وأعضاء السّلك الدّبلوماسي وعلماء دين مسلمين، تنظيم التّعليم المسيحيّ في كافّة الرعايا، زيارة معظم الأبرشيّات الكلدانيّة داخل الوطن وفي بلدان الانتشار، حضور عدد كبير من المؤتمرات، الاهتمام بالشّباب وإقامة عدّة نشاطات روحيّة وثقافيّة وفنّيّة، وصيانة معظم كنائسنا ببغداد. وكان للبطريركيّة الفضل في تشكيل لجنة حوار من رجال دين مسيحيّين ومسلمين شيعة وسنّة وصابئة مندائيّين وايزيديّين، عملت على تفكيك الخطاب المتشدّد وإعداد كرّاس يعرّف بالدّيانات المتواجدة في العراق.

وأودّ أن أقول للجميع: إنّ الوقت أثمن من أن نضيّعه بتفاهات، والحياة قصيرة لا بدّ من أن نعيشها بسلام وصدق وفرح. وفي الحياة توجد أوقات مناسبة تساعد المرء على التّفكير من أجل أخذ وقت كافٍ للعيش بسعادة، وهذا متاح  فقط  لمن لديه الشّجاعة ليسبر قلبه، بكلّ تواضع وثقة.

إنّي أدرك أنّ المسيح لم يعمل إلّا الخير، لكن النّاس لم يرضوا عنه، فقاموا بصلبه، وأنا لست بأفضل منه.

لقد وضعت ذاتي، بكل جدّيّة وتواضع، ومنذ بداية كهنوتي في خدمة كلّ إنسان. واليوم أتعهّد من جديد أن أصغي إلى النّاس وأتحسّس مشاكلهم وأعينهم بكلّ ما أوتيت من نعمة وقدرة. أحبّ العراق وهو هويّتي، وأحبّ الكنيسة الكلدانيّة وهي مسؤوليّتي وأخدم المسيحيّين من كلّ الطّوائف بدون استثناء، وكلّ العراقيّين. إنّي واثق من أنّ عملي سوف يتمّ تقييمه فيما بعد.

صلّوا من أجلي ومن أجل الكنيسة والعراق".