سوريا
24 نيسان 2023, 05:00

في ذكرى العاشرة لاختطاف مطراني حلب، ماذا يقول البطريركان يوحنّا العاشر وأفرام الثّاني؟

تيلي لوميار/ نورسات
مع مرور عشر سنوات على اختطاف مطراني حلب يوحنّا ابراهيم وبولس يازجي، أصدر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسّريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثاني بيانًا جاء فيه:

"أيّها الإخوة والأبناء الرّوحيّون الأعزّاء،

المسيح قام، حقًّا قام.

نقولها اليوم في رهجة وحبور القيامة وعينُنا على صليب الألم الّذي حوّلَه ربُّ المجد إلى صليب مجد. نقولها ونستذكر صليب هذا الشّرق الّذي عاشه المسيحيّون مع سواهم قتلاً وتهجيرًا وإرهابًا. نقولها اليوم ونستذكر تلك الحربة الّتي، وكغيرها من الحراب على مدى ألفي عام، دمغت جلجلة آلامنا كمسيحيّين قبل عشر سنواتٍ من اليوم ولم يندمل جرحها حتّى السّاعة. نقولها اليوم ونستذكر حادثة خطف أخوينا مطراني حلب يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي في 22 نيسان 2013.

عشر سنواتٍ مرّت ولسان حالنا كمسيحيّين؛ نحن نعوّل على ربّنا فقط في وجودنا ههنا على هذه الأرض المشرقيّة. عشرُ سنواتٍ مرّت لنقول إنّنا مغروسون ههنا رغم كلّ شيء. نحن ههنا في شهادةٍ حيّةٍ لذاك النّاصريّ الّذي أحبَبْنا ونحبّ. عشر سنواتٍ مرّت ونحن نتعقّب هذا الملفّ. طرقنا أبواب حكومات وسفارات ومرجعيّات دينيّة ومدنيّة محلّيّة وأجنبيّة على أمل أن نحظى ولو ببارقة أمل. نقول كلّ هذا لنشارككم أيّها الإخوة كلّ ما عملنا ونعمل في هذا الملفّ وغيره. وإلى هذه اللّحظة نسعى وبكلّ قوّةٍ أن نتبيّن الشّيء اليقين في عتمة كلّ ما يثار عن هذه القضيّة الّتي تستحقّ أن تكون عنوانًا يختصر شيئًا من عذاب الخطف وامتهان الكرامة الإنسانيّة. تحتاج هذه القضيّة أكثرَ من مجرّد الكلام المعسول عن حقوق الإنسان الّتي تُسيّس حسب المصالح وتستحقّ من المجتمع الدّوليّ ومن سائر الحكومات العمل الجادّ بدلاً من التّعامي والتّعاجز والاكتفاء ببيانات الشّجب والإدانة.  

في أسبوع الفصح المجيد، نضع أمام أعيننا أوّلاً وأخيرًا أنّنا قياميّون رغم كلّ شدّة. ونذكر أيضًا أنّ دموع النّسوة حاملات الطّيب اللّواتي نُحنَ على المسيح انقلبت بعد القيامة دموع فرحٍ وابتهاجٍ بسيّدٍ غلب الموت ونقض قوّة المحّال. كمسيحيّين، يدعونا خطف المطرانين أن نتأمّل ونستفحص وندرك أنّ الجميع مستهدف في هذا الشّرق. لم يسأل خاطفو المطرانين عن طائفةٍ ولا عن انتماءٍ ولا عن دينٍ. خطف المطرانان لأنّهما ضوعٌ عطِر فوّاحٌ من عبير شهادة كنيسة أنطاكية ابنةِ هذه الدّيار موطئ أقدام الرّسل والمهد الفكريّ الأوّل للمسيحيّة والّتي لن يقوى عليها زلزال أو شدّة مهما كانت. كلّ هذا يدعونا دومًا إلى نظرةٍ وجوديّة عميقةٍ إلى تاريخ وجودنا ههنا وإلى ضرورة تلاحمنا في هذا الشّرق الجريح ككنيسةٍ تشهد لربّها لا بالإشراف على الهياكل الحجريّة وحسب لا بل بأصالةِ إيمان أبنائها وبأصالة وجودهم في أرض أجدادهم وبابتعادهم عن كلّ تشدّدٍ إثنيّ أو فئويّ يضعف من شهادتهم الواحدة للمسيح يسوع الّذي أرادنا واحدًا.  

في غمرة القيامة البهيّة، نتطلّع دومًا إلى وجه يسوع ونستمدّ منه قوّةً ورحمةً وسط كلّ ما يحيط بنا. ونصرخ إليه من عمق القلب حانين ركبة النّفس ونناجيه قائلين: أردتنا وجبلتنا من أديم هذه الأرض وشئتنا فيها شهودًا لاسمك القدّوس. قوّنا يا ربّ لنكون على قدر الشّهادة المناطة بنا وامسح أتعابنا بنور قيامتك. أسكت جماح الحروب واغرس فينا روح سلامك. كن يا الله مع المخطوفين ومع كلّ من هم في شدّةٍ وضيق. إنّ العالم يتوق إلى حلاوة سلامك يا مخلّص. نسألك هذا في موسم القيامة المجيد ونحني أمامك ركبة قلبنا ساجدين ومرنّمين من عمق النّفس:

"المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للّذين في القبور".