لبنان
06 نيسان 2023, 05:55

في خميس الأسرار، ماذا يقول البطريرك الرّاعي للكهنة وعلى رأسهم الأساقفة؟

تيلي لوميار/ نورسات
كما في كلّ عام، ولمناسبة خميس الأسرار، يتوجّه البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي إلى الأساقفة والكهنة برسالة في ذكرى تأسيس سرّ الكهنوت. وتحت عنوان "إصنعوا هذا لذكري" (لو 22: 19)، يقول:

"1. في هذا يوم خميس الأسرار المقدّس، الّذي نحتفل فيه بذكرى تأسيس كهنوتنا لخدمة سرّ الإفخارستيّا، وأسرار الكنيسة النّابعة من هذا السّرّ، يسعدني أن أنضمّ إليكم وإلى إخواننا السّادة المطارنة رعاتكم السّاهرين عليكم، فيما أنتم تجدّدون معهم، أمام المسيح ربّنا الحاضر في سرّ القربان مواعيد كهنوتكم.

وأنضمّ إليكم فيما تقيمون ذبيحة الشّكر لله على اختياره لنا جميعًا لكي بشخص المسيح الكاهن الأسمى وباسمه نعلن كلمة الحياة لأبناء شعبنا غذاءً لإيمانهم، ونوزّع نعم الأسرار لتقديسهم، ونعتني برعايتهم بمحبّة المسيح.

ومعكم أقدّم في هذا اليوم المقدّس ذبيحة الاستغفار عن كلّ خطيئة ووصمة وتقصير شوّهنا بها قدسيّة الكهنوت. ونقصد العبور مع فصح المسيح إلى حياة جديدة أفضل. وإذ نتذوّق طيب الاستغفار والغفران، نتفانى في جعل المؤمنين يتذوّقونه مثلنا عبر خدمة سرّ التّوبة كمسؤوليّة أوّليّة لكهنوتنا.

وهذه اللّيتورجيا الّتي تحتفلون بها اليوم، فلنجعلها أيضًا ذبيحة استلهام لأنوار الرّوح القدس، لكي نجدّد بحلوله مقاصدنا وقوانا بذات الغيرة كما في يومنا الكهنوتيّ الأوّل، واضعين نصب أعيننا حاجات شعبنا المتزايدة، فنكون أمامهم علامة رجاء.

2. يسعدني أيضًا أن أهنّئكم بعيد كهنوتنا، وعلى الأخصّ بأنّنا كنّا في خاطر ربّنا يسوع في عشائه الفصحيّ الأخير والجديد، فبعد أن حوّل الخبز إلى جسده، والخمر إلى دمه بصلاة الشّكر والتّقديس، مستبقًا ذبيحة ذاته على الصّليب وقيامته من الموت، إذ قال: "خذوا كلوا هذا هو جسدي الّذي يُبذل من أجلكم... خذوا اشربوا، هذه الكأس دمي الّذي يراق من أجلكم ومن أجل الكثيرين لمغفرة الخطايا" (متّى 26: 26- 29؛ مر 14: 22- 24؛ لو 22: 17- 19)، أضاف: "إصنعوا هذا لذكري" (لو 22: 19)، بهذه الكلمة أسّس كهنوتنا، وائتمننا على وديعة استمراريّة ذبيحة ووليمة جسده ودمه، الآن وهنا، من أجل حياة العالم. هذا هو أثمن كنز ائتمننا عليه الرّبّ يسوع، ليكون كهنوتنا اليوميّ الدّائم المعاش، ومصدر عزائنا وقوّتنا ورجائنا.

3. بهذا الكهنوت وضعنا الله في مقدّمة شعبنا لنسير أمامه بمثل حياتنا، ونذهب به إلى ينابيع الخلاص؛ ووضعنا في الوسط لكي نتضامن مع أبناء شعبنا، نقوّي الضّعيف، ونهدي الضّائع، ونوجّه المتردّد، ونتعامل مع الجميع بتواضع وتفهّم وإصغاء؛ ووضعنا وراء شعبنا لكي نحميه من أيّ اعتداء، حماية القطيع من الذّئاب، ونردّ الشّاردين، ونصبر على المتأخّرين، ونحافظ على وحدتهم بحمايتها من أيّ انشقاق.

هذا التّموضع المثلّث يقتضي من الكاهن أن يكون شبه متفرّغ لرعيّته، وحاضرًا فيها، وزائرًا لعائلاتها. فمن دون زيارة أبناء الرّعيّة يبقى الكاهن غريبًا عنهم ولا يعرفهم، ويجهل تمامًا أوضاعهم.

4. اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، شعبنا يتطلّع إلى الكنيسة، والرّعيّة هي كنيسة المسيح المصغّرة، وكاهنها وجهها، وهي تنتظر منه أن يكون على مستوى انتظاراتها. مع الكنيسة الّتي تتعمّق اليوم في طبيعتها ككنيسة سينودسيّة، الكاهن مدعوّ ليكون رجل الإصغاء لأبناء رعيّته، روجل الصّلاة معم ومن أجلهم، ومنصتًا معهم لكلام الله، ومستلهمًا وإيّاهم إلهامات الرّوح القدس، لكي يميّزوا معًا علامات الأزمنة وركائز الرّجاء، استشراف الرّسالة المسيحيّة في الظّروف الرّاهنة.

5. بهذه المشاعر أخشع معكم ومع رعاتكم إخواننا السّادة المطارنة، أمام سرّ القربان، ونحتفل بذكرى تأسيس كهنوتنا، النّابع من محبّة قلب المسيح ربّنا، فليكن كهنوتنا مبادلة حبّ بحبّ، وانطلاقة حبّ دائم للجميع."