في اليوم الأوّل من الجمعيّة السّينودسيّة القارّيّة للكنائس الكاثوليكيّة في الشّرق الأوسط في بيت عنيا قدّاس احتفاليّ لبطاركة الشّرق الكاثوليك في حريصا
تأتي هذه الجمعيّة السّينودسيّة القارّيّة بعد سنة ونصف السّنة على افتتاح المسار السّينودسيّ، الّذي شارك فيه الملايين من أبناء الكنيسة الكاثوليكيّة حول العالم في مرحلته الأولى الاستشاريّة، وينتقل اليوم إلى مرحلته الثّانية القارّيّة. وبناء على طلب الحبر الأعظم البابا فرنسيس من أبناء الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم "مراجعة حياتهم المسيحيّة والـ"السّير معًا" على ضوء الإنجيل ومستلزمات الزّمن الحاضر تحضيرًا للسّينودس الّذي سيعقد في حاضرة الفاتيكان في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 و2024، بعنوان :"من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة".
بعد جلسة الافتتاح كانت جلسات صلاة وحوار روحيّ خلصت إلى التّأكيد على ثلاث خطوات من السّير معًا، أوّلًها، الانطلاق معًا بالمسيرة والصّلاة مع تشديد على قوّة الكلمة الّذي نصب خيمته بيننا ويسير معنا وفي وسطنا.
ثانيًا، إرشادات شدّدت على أهمّيّة الإصغاء لبعضنا البعض ولكلمة الله، لأنّ الكنيسة السّينودسيّة هي كنيسة إصغاء. كما ركزّت على التّعارف وعيش خبرة الأخوّة وكسر الرّسميّات والانخراط في السّينودس كأنّنا كنيسة الله في هذه المنطقة مع ما فيها من تعدّد غنيّ ومن الصّعوبات والكوارث.
أمّا الخطوة الثّالثة فهي بدء الحلم السّينودسيّ الّذي ينطلق من الانخراط في المعيّة ضمن السّياق الوطنيّ الواحد وعلى ضوء التّحدّيات في حياة الكنائس والتّحدّيات المجتمعيّة والمسكونيّة والعلاقة مع أبناء الأديان الأخرى.
قدّاس احتفاليّ في بازيليك سيّدة لبنان
تكلّل اليوم الأوّل بقدّاس احتفاليّ في بازيليك سيّدة لبنان– حريصا، ترأّسه البطريرك الرّاعي مع سائر بطاركة الشّرق الكاثوليك وألقى خلاله عظة حملت عنوان "لمَ أنتم خائفون هكذا؟ ولمَ ليس فيكم إيمان؟" شدّد فيها على أولويّة الإيمان قائلًا "الإيمان عطيّة من الله، وفضيلة فائقة الطّبيعة. هذا ما قاله يسوع لسمعان بطرس عندما أعلن إيمانه في قيصريّة فيلبّس بأنّه "المسيح إبن الله الحيّ"، فكان جواب يسوع: "طوبى لك يا سمعان بن يونا، فإنّه لا لحم ولا دم أظهرا لك ذلك. لكن أبي الّذي في السّماوات".
الإيمان لكي يبقى حيًّا يحتاج إلى النّعمة الإلهيّة الدّائمة. ونحن بالصّلاة وممارسة الأسرار وكلمة الله ننعشه ونغذّيه، ونعيشه بأفعالنا وتصرّفاتنا وسيرة حياتنا. هو ليس مجرّد تحليل فكريّ عقلانيّ. الإيمان هو الأساس لمعرفة أسرار الله. فكم نرى من أشخاص أميّين يعيشون الإيمان أكثر من علماء في اللّاهوت!".
وتابع الرّاعي "ولكي نعيش آية تسكين الرّياح وأمواج البحر، لكون الإنجيل ليس مجرّد قصّة من الماضي، بل واقعًا نعيشه مع تبدّل الأشخاص والأمكنة والظّروف والأزمان، فيما "يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد" (عب 13: 8)، لا بدّ من قراءة رمزيّة للنّصّ الإنجيليّ.
السّفينة هي الكنيسة، ومدنيًّا الدّولة. التّلاميذ هم رعاة الكنيسة، ومدنيًّا المسؤولون السّياسيّون. البحر هو العالم بوجهيه الفسيح والمحدود. الرّياح والأمواج هي الصّعوبات والمحن والاضطهادات والثّورات والاحتجاجات".
وعن الكنيسة السّينودسيّة قال الرّاعي خاتمًا كلمته "هي هذه السّفينة الّتي تمخر بحر هذا العالم الهائج بأزمات الحروب وويلاتها، ومآسي الشّعوب الفقيرة والمهجّرة والمهاجرة، وبأزمات الإلحاد والإيديولوجيّات والرّوح المادّيّة والاستهلاكيّة الّتي تشوّه الإيمان وتخنقه في قلوب المؤمنين، وبأزمات التّعليم اللّاهوتيّ والأخلاقيّ المناهض لتعليم الكنيسة. كلّ هذه المسيرة السّينودسيّة، على مستوى الاستشارات في العالم بالوثيقة التّحضيريّة، واليوم على مستوى القارّات بالوثيقة الخاصّة بها، وفي تشرين الأوّل على مستوى الجمعيّة العموميّة برئاسة قداسة البابا فرنسيس، إنّما تسعى إلى شدّ أواصر الشّركة والمشاركة، بهدف تحقيق رسالتها بإعلانٍ أفضل وأشمل لإنجيل يسوع المسيح. أعاننا الله على ذلك بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة لبنان وأمّ الكنيسة".