لبنان
28 أيلول 2018, 13:29

في الرّبوة.. لقاء بين البطريرك العبسيّ والرّئيس السّنيورة

شدّد بطريرك الرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ على "ضرورة الاستمرار بالسّعي لشرح القضايا العربيّة، خصوصًا وأنّها تعني مسيحيّي المشرق كما تعني العيش المشرقيّ المشترك في ظلّ التّطوّرات الإقليميّة والدّوليّة المتسارعة"، ودعا إلى "تكثيف الجهود الآيلة إلى تشكيل الحكومة بعد أن تخطّت الأزمات المعيشيّة الخطوط الحمر ولامست حافّة الهاوية".

موقف البطريرك العبسيّ جاء إثر استقباله للرّئيس فؤاد السّنيورة في الرّبوة، دار خلال حوار حول القدس وزيارة مجلس العلاقات العربيّة والدّوليّة إلى الفاتيكان وتشكيل الحكومة اللّبنانيّة.

وبعد اللّقاء، أدلى السّنيورة بتصريح قال فيه نقلاً عن "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "أنا اليوم شديد السّعادة بهذا اللّقاء، وهو اللّقاء الثّاني مع غبطة البطريرك العبسيّ. وكان اللّقاء الأوّل عندما زار مدينة صيدا. والآن هذه الزّيارة الثّانية، وقد حظيت بهذا اللّقاء الطّيّب والغنيّ أوّلاً بكلّ مشاعر الودّ والصّداقة الّتي بدأناها وأنا سعيد بها، والغنيّ أيضًا بالموضوعات الّتي بحثناها.
وكانت مناسبة لأضع غبطة البطريرك في أجواء لقاء مجلس العلاقات العربيّة والدّوليّة، الّذي أنا عضو فيه، مع قداسة البابا في حاضرة الفاتيكان، من أجل موضوع القدس، في ضوء قرارات الإدارة الأميركيّة والقوانين الّتي تصدرها إسرائيل والمبنيّة على التّمييز العنصريّ الكامل الّذي تمارسه ضدّ الفلسطينيّين، وفي ما يتعلّق بالقدس أيضًا بالقرارات الّتي تتّخذها. وبعد اللّقاء مع قداسة البابا، عقد اجتماع موسّع ومطوّل مع أمين سرّ الدّولة الكاردينال بارولين وأيضًا مع وزير الخارجيّة بول غالاغر من أجل البحث في المواضيع المتعلّقة بالقدس والقضيّة الفلسطينيّة وأيضًا العيش المشترك الإسلاميّ- المسيحيّ في المنطقة العربيّة.
وكان هناك بحث مطوّل حول الوضع اللّبنانيّ. وفي خضمّ موضوع تشكيل الحكومة أبديت لسيّدنا البطريرك وجهة نظري في ما آلت إليه الأمور. وأنا أعتقد أنّ لبنان الآن يمرّ بفترة شديدة الصّعوبة، وعلى الجميع أن يدرك المخاطر المتأتّية من عدم التّنبّه لهذه المشكلات. وفي اعتقادي أنّ هناك على الأقلّ ثلاث مجموعات من المشكلات والتّحدّيات في لبنان، ولا أدخل هنا في مسائل قطاعات الكهرباء والمياه والصّرف الصّحّيّ والمدارس وغيرها وكلّها مهمّة، لكن هناك ثلاث مجموعات أساسيّة من المشكلات: الأولى هي المشكلة الاقتصاديّة والماليّة وتداعياتها الكبرى، والثّانية تتعلّق بالحالة الّتي آلت إليها الدّولة في لبنان من تناثر وتقاسم واستتباع من قبل الأحزاب والميليشيات. فلكلّ واحد وزارة ويعتقد أنّها مسجّلة باسم عائلته أو حزبه، وبالتّالي الأمور ليست كذلك والدّولة لا تقوم على هذا الشّكل. أمّا الثّالثة فهي المشكلات المتأتّية عمّا يجري عن علاقة لبنان مع محيطه العربيّ وأيضًا مع العالم، والمخاطر الّتي نلحظها ونشاهدها مع ملامح غير مريحة، وهي تناقض حالة التّسامح مع لبنان من قبل العالم الخارجيّ، سواء أكانت الدّول الأجنبيّة أمّ الدّول العربيّة.
هذه كلّها مشكلات يقتضي التّنبّه لها، والمسارعة إلى تشكيل الحكومة أمر ضروريّ جدًّا وأساسيّ. يجب أن نتنبّه إلى أنّنا تخطّينا مرحلة المعالجة بالمراهم وبالطّريقة الكلاسيكيّة الّتي اعتدنا عليها. أعتقد أنّنا بحاجة إلى صدمة سياسيّة كبرى لأنّ الملاءة السّياسيّة هي الّتي تشكّل الملاءة الاقتصاديّة، وأعتقد أنّ هذه الصّدمة لم تعد الآن من خلال حكومات، كما عهدناها، فضفاضة كبيرة وموسّعة.
بتقديري الشّخصيّ، إنّنا بحاجة إلى حكومة استثنائيّة قائمة على ما يسمّى بحكومة أقطاب، أهمّيّتها أنّ الأقطاب هم المشاركون الأساسيّون في القرار في البلد، وبالتّالي عندما يكونون موجودين هم يتحمّلون المسؤوليّة وبالتّالي يحرصون على بذل الجهد لإنجاح هذا المسعى. عندما تتألّف حكومة مصغّرة من 10 أو 14 وزيرًا، يكون بإمكانها اتّخاذ ما يقتضي من قرارات للمعالجة بشكل فعّال، وبالتّالي تسهم في أن نستعيد ما يسمّى الثّقة الّتي أصبحت مفقودة بين المواطن والدّولة وبين المواطن والأحزاب السّياسيّة.
وكلّما تأخرنا تصبح المعالجة أصعب، وهذه مشكلة نواجهها الآن. نحن بحاجة ماسّة إلى حكومة تكون متلائمة بطبيعتها وعددها ومكوّناتها، وليس كما يحصل الآن من تنازع للوزارات. فإذا اجتمع الأقطاب، تكون حكومة كاملة متكاملة، فلربّما حينها نستطيع ان نبدأ باستعادة الثّقة وأن نعالج المشكلات الّتي تقاعسنا، ولزمن طويل، عن اتّخاذ القرارات اللّازمة من أجلها، ولربّما نستطيع أن نكون على مستوى المسؤوليّة والتّحدّيات الّتي نواجهها."