العالم
15 شباط 2021, 12:20

فضول في رسالة الصّوم: "رجاء متجدّد في زمن الوباء والأزمات"

تيلي لوميار/ نورسات
أصدر راعي أبرشيّة سيّدة البشارة – أفريقيا المطران سيمون فضول الرّسالة العامّة السّابعة لصّوم 2021 بعنوان "رجاء متجدّد في زمن الوباء والأزمات"، جاء فيها:

"إلى الكهنة والرّهبان والرّاهبات والشّمامسة والشّدايقة والإكليريكيّين وكلّ أبناء وبنات أبرشيّة سيّدة البشارة – أفريقيا الأحبّاء،

سلام وتحيّة بالرّبّ يسوع مخلّصنا بشفاعة والدته مريم العذراء سيّدة البشارة شفيعة أبرشيّتنا!

 

  1. مخاض الخليقة

منذ بداية صوم العام الماضي 2020 والعالم يعبر أزمة غير مسبوقة تجلّت بانتشار وباء الكورونا في كلّ زوايا الأرض لتحصد ألوف الأرواح وتطرح مئاتَ الآلاف في المستشفيات وتودي بدول عديدة إلى الانهيار الاقتصاديّ. وقد كان لوطننا لبنان وشعبه نصيبًا كبيرًا من "التّعتير" على عدّة جبهات نظرًا لوضعه الاقتصاديّ والاجتماعيّ المترهّل أساسًا، وخاصّة بعد انفجار المرفأ الكارثيّ. 

في خضمّ كلّ ما يحدث، يقفز الكثيرون إلى الاستنتاج أنّ الله غاضب على البشريّة ولذلك يحدث ما يحدث وكأنّ نهاية العالم اقتربت، غافلين عمّا قاله الرّبّ يسوع بهذا الصّدد بأنّ لا أحد يعرف متى يكون الانتهاء إلاّ الله وحده. وعن أنّ الله، وهو ينبوع الحبّ والرّحمة، لا يستطيع أن يكون مصدر غضب وشرّ!

 

  1. "أذكر يا إنسان أنّك تراب وإلى التّراب يعود"

تبدأ كنيستُنا المارونيّة مسيرةَ الصّومِ الكبيرِ اليوم. وزمن الصّوم هو دخول في الذّات البشريّة ليكتشف كلّ مؤمن نوعيّة علاقته بالرّبّ ومدى أمانته  لكلمته في حياته. وما الاحتفال برتبة  الرّماد، وهو علامة توبة وتصميم على التّغيّر  والتّجدّد، سوى تذكير بأنّ كلّ  ما على الأرض فانٍ مردّدين "أذكر يا إنسان أنّك تراب وإلى التّراب تعود". 

 

  1. الصّوم الأربعيني ينبوع رجاء لا يخيّب

في هذا الزّمن المحفوف بالقلق والمخاوف والحرمان، قد يبدو الحديث عن الرّجاء مجرّد وهم أو كذبة، لكنّ إيماننا لا يأخذ مداه وعمقَ معناه إلّا بقبس النّور المُشرق في قلب الظّلمة ومن لفتة الرّجاء وسط اليأس والإحباط. نعيشُ الرّجاء عندما نستبدل الحقد بالمغفرة، والانفعال بالهدوء، والكلمات المُهينة بكلمات التّشجيع واللّطف والتّحفيز، ومواقف اللّامبالاة والإحباط بمواقف الاهتمام والأمل. فالمحبّة التي نعيشها على خطى المسيح هي انتباه لكلّ شخص وتعاطف معه وهي أسمى تعابير الرّجاء المسيحيّ التي قد نقدّمها لبعضنا، مستذكّرين بأنّ الإيمان لا يكتمل بدون الرّجاء والمحبّة.

 

  1. المسيح يعيش في الإنسان بكلّ حالاته

لماذا إذاً نبحث عن المسيح في المكان الخطأ؟ هلمّ بنا نلتقيه في كلّ إنسان: إنه هنا مريضًا متروكًا أمام باب المستشفى بسبب عدم وجود مكان له فيها. وها هو هناك في عائلة نُكِبَت في انفجار بيروت فمات الوالد وأُصيبت الوالدة وتهدّم المنزل وتشرّد الأحبّاء! وهوذا يسوع في الإنسان المُعوَز الذي نلتقيه يبحث عن بعض فضلات طعام في القمامة! أجل المسيح يعيش فيهم ومعهم: "كنت جائعًا، عطشانًا، غريبًا، عريانًا، مريضًا، محبوسًا.... وكلّ ما صنعتموه إلى أحد أخوتي هؤلاء الصّغار فاليّ صنعتموه" (متّى25/35-36، 40). 

يقول قداسة البابا: " مسيرة الصّوم هي مساحة روحيّة نحاول خلالها أن نضعَ السّرّ الفصحيّ في محور حياتنا، فنغسلَ نفوسَنا من الأدرانِ ونمتلئَ بمشاعر التّعاطف والرّحمة عند رؤية جروح المسيح المصلوب في الضّحايا الأبرياء، وانتهاك حرمة الحياة، وأشكال العنف المتعدّدة، والكوارث البيئيّة، والإصابة بالوباء..." (البابا فرنسيس، رسالة صوم 2020).

 

  1. خاتمة: في الخلاصة، يقول غبطة البطريرك الرّاعي: في عظته على الجبل جمع الرّبّ يسوع بين الصّدقة والصّلاة والصّوم، فأفهمَنا أنّه بالصّدقة نرمّم علاقتنا مع إخوتنا في حاجاتهم؛ وبالصّلاة، نرمّم علاقتنا بالله لأنّنا بها نرفع النّفس إليه؛ وبالصّوم نرمّم العلاقة مع ذواتنا، لأنّ الصّوم تكفير عن خطايانا وسيطرة على إرادتنا وترويض لنفوسنا (غبطة البطريرك بشارة الرّاعي - رسالة صوم 2021). صوم مبارك!"