فرنسيس: نحن بحاجة إلى ثقافة تهتمّ بتوفير العناية والجمال، وترى في كلّ وجه، وجه يسوع
"أُريدُ أن أُحدّثكم عن ما يمكن لهذا المعهد الذي له ستّة قرون من التّاريخ أن يعلِّمنا اليوم، ومن الأمثلة على ذلك تأسّسه بفضل تبرُّع مصرفي غنيّ بالمال، ومن هنا أهميّة المسؤوليّة الاجتماعيّة والأخلاقيّة لعالم الماليّة اليوم أيضًا، من أجل بناء مجتمع عادل وتضامنيّ. مثال آخر هو تكليف أهم معماريّي تلك الفترة بتشييد هذا المعهد، أيّ فيليبو برونيليسكي، وذلك بينما كان يُنفّذ رائعة تُدهش العالم حتّى اليوم وهي قبّة كاتدرائيّة فلورنسا. ومن المهمّ بأن يكون الجمال المُكرّس لبيت الرّبّ مكرّسًا أيضًا لهيئة تخدم الأطفال المحتاجين إلى ملجأ ومكان يعتني بهم.
ومن الضّروري أن نقول اليوم بوضوح أنّ علينا تقديم أفضل ما لدينا للفقراء والضّعفاء ومَن يعيشون في الضّواحي، ومن بين أكثر الأشخاص ضُعفًا والذين علينا العناية بهم هناك الكثير من الأطفال المرفوضين والمحرومين من طفولتهم ومن مستقبلهم. أذكُر في هذا السّياق القاصرين الذين يواجهون رحلات صُعبة هربًا من الجوع أو من الحرب، وعن الأطفال الذين لا يرون النّور لأنّ أُمّهاتهم يتعرّضن لضغوط اقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة تدفعهُنّ إلى التّخلّي عن تلك الهبة الرّائعة، ولادة إبن.
إنّنا بحاجة كبيرة اليوم إلى ثقافة تعترف بقيمة الحياة، وخاصّة الحياة الضّعيفة والمهدّدة، ثقافة، وبدلًا من التّفكير في أن تُبعد هذه الحياة وفي إقصائها بالجدران والانغلاق، تهتمّ بتوفير العناية والجمال، ثقافة ترى في كلّ وجه، حتّى أصغر الوجوه، وجه يسوع الذي قال "ومَن قَبِل طفلًا مثله إكرامًا لإسمي، فقد قَبِلني أنا" (متى 18، 5).
وأدعوكم اليوم إلى أن نضع هدفًا ألا تكون أيّ أمّ في ظروف تجعلها تهجر طفلها، وأن تكون هناك منشآت ومسيرات استقبال تحظى فيها الطّفولة دائمًا بالحماية والعناية في حال وقوع أيّ حدث مأساويّ يمكنه أن يُبعد الأطفال عن والديهم."
أمّا في الكلمة العفويّة التي وجّهها فرنسيس إلى ضيوفه خلال استقباله لهم، فتوقّف عند تعبير استخدمته رئيسة المعهد في كلمتها، وهو "ثقافة الطّفل". ودعا البابا إلى العودة إلى هذا التّعبير المؤثّر، وتحدث عن ثقافة المفاجأة في رؤية الأطفال يكبرون ومشاهدة كيف يفاجَؤون بالحياة ويدخلون في علاقة معها. وذكّر البابا أيضًا بعودة رئيسة المعهد إلى كلمات يسوع "دعوا الأطفال يأتون إليّ". وتابع مذكّرًا بمقاطع أخرى من الإنجيل حيث لا يتوقّف يسوع عند استقبال الأطفال، فقد قال "إِن لم ترجعوا فتصيروا مثل الأطفال، لا تدخلوا ملكوت السّموات". وأكّد فرنسيس إلى ضرورة أن نعود إلى بساطة الأطفال، وفي المقام الأوّل إلى قدرتهم على التّفاجئ. ثمّ عاد إلى حديث رئيسة المعهد في كلمتها عن ترك النّساء اللّواتي يتركن أطفالهُنّ في الملاجئ نصف قطعة من العملة محتفظات بالنّصف الآخر، وذلك للتّعرُّف على أبنائهن في المستقبل، في ظروف أفضل، وقال فرنسيس إنّ أطفالًا كثيرين اليوم، مثل ضحايا الحرب والهجرة، الأطفال غير المرافَقين وضحايا الجوع، لديهم نصف العملة، أمّا من لديه النّصف الآخر فهي الكنيسة الأم. كما تحدّث الأب الأقدس عن التّبنّي وأهميّتُه.