فرنجيّة: مارون تحوّل إلى نجمة ساطعة في سمائنا، ننظر إليها لتقودنا إلى يسوع
"في أعياد القدّيسين، يجب على الجماعة المسيحيّة النّظر بتمعُّن لا إلى القدّيسين بحدّ ذاتهم، بل إلى عمل اللّه في هؤلاء البشر والإصغاء إلى ما يريده اللّه منها مردّدةً "عجيب اللّه في قدّيسيه، إله إسرائيل هو يعطي قوّةً وعزاءً لشعبه، والصّدّيقون يفرحون ويتهلّلون أمام اللّه ويتنعّمون بالسّرور، هلّلويا (مزمور 68/35، 3).
في عيد شفيع جماعتنا المؤمنة التي أطلق عليها اسم الكنيسة المارونيّة، تيمُّنًا بالقدّيس مارون، نؤكد ما تؤكّده كلمة اللّه بعيدًا عن العواطف والمغالاة.
القدّيس مارون نال من اللّه قوّته، ترك العالم وضجيجه لا من أجل الهروب من مسؤوليّات الحياة بل، وعلى مثال المجوس والرّعاة، لينظُر إلى السّماء، متّبعًا رغبة قلبه في البحث عن اللّه، الكبير وحده، الثّابت وحده، مبتعدًا عن القشور والأمور السّطحيّة، عائشًا الحبّ والجمال والطّيبة. مارون تحوّل إلى نجمة ساطعة في سمائنا، ننظر إليها لتقودنا إلى يسوع، ولتساعدنا على تخطّي الظُّلمات وتركيز نظرنا إلى فوق، لنجد يسوع كما وجده الرّعاة والمجوس.
مارون ليس إلهًا، ونحن لا نعبده كما يظنُّ البعض بأنّنا نعبد البشر، ولكنّنا نُكرّمه لأنّه تجاوب مع نعم اللّه الذي أعطاه القوّة على صنع المعجزات، فلُقّب بمارون الإلهيّ. ففي القدّيسين، نلتقي بعمل الرّوح القدس، ونبتهج كما ابتهجت إليصابات في لقاء مريم والطّفل يسوع في حشاها، وكما ابتهجت مريم بالله مخلّصها.
وهذا هو الإيمان، مكان الفرح والاندهاش الأوّل الذي يتكلّم عنه البابا فرنسيس في عظاته: مكان يلتقي فيه اللّه مع البشر.
والمكان الثّاني الذي نجد فيه فرحنا واندهاشنا إذا كان لنا الإيمان هو التّاريخ الذي يعمل فيه اللّه كما يريد. وكما قالت مريم: "كشف عن شدة ساعده، فشتت المتكبرين في قلوبهم" فلننظر إلى التّاريخ نظرة إيمانيّة، فنكتشف يد اللّه القديرة تقلب المقاييس، على الرّغم من الدّموع والآلام التي ترافق أيّامنا.
والمكان الثّالث الذي نجد فيه فرحنا واندهاشنا هو الكنيسة، التي لا يجب أن ننظر إليها كمؤسّسة بشريّة فقط، بل كأم حاضنة وباحثة عن الحقيقة وعن كلّ بعيد بفرح، لتظهر للعالم أجمع رحمة الله وحبّه للبشر.
وهذا ما رأيناه في اللّقاء التّاريخيّ الذي حصل بين قداسة البابا فرنسيس، رأس الكنيسة الكاثوليكيّة، وشيخ الأزهر مُوقّعين على "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة".
نسأل اللّه بشفاعة القدّيس مارون أن يزيد أبناء مارون إيمانًا بيسوع، كإيمانه لنرى التّاريخ والكنيسة مكان فرحنا واندهاشنا وهذا ما يقودنا إلى شكر اللّه الدّائم على نعمه الكثيرة".