الفاتيكان
26 آذار 2020, 08:50

غدًا... البابا يبارك العالم ويمنحه الغفران الكامل

تيلي لوميار/ نورسات
جدّد البابا فرنسيس الأربعاء في ختام المقابلة العامّة، دعوته للجميع للمشاركة بشكل روحيّ عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ في وقفة الصّلاة الّتي سيترأّسها غدًا الجمعة عند السّاعة السّادسة مساء في بازيليك القدّيس بطرس، يتخلّلها الإصغاء لكلمة الله وسجود للقربان المقدّس، يعطي في ختامها البركة لمدينة روما والعالم مع منح الغفران الكامل.

وكان البابا فرنسيس قد أطلّ على المؤمنين عيد البشارة، عبر الشّبكة من مكتبة القصر الرّسوليّ، ليتلو على مسامعهم تعليمه الأسبوعيّ داعيًا إيّاهم إلى الدّفاع عن الحياة البشريّة بشجاعة الكلمة والأعمال، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"لخمسة وعشرين سنة خلت في تاريخ الخامس والعشرين من شهر آذار الّذي يُحتفل به بعيد بشارة العذراء مريم أصدر القدّيس يوحنّا بولس الثّاني الرّسالة العامّة "إنجيل الحياة" حول قيمة الحياة البشريّة وحرمتها.

إنّ الرّابط بين البشارة و"إنجيل الحياة" هو وثيق وعميق، كما شدّد القدّيس يوحنّا بولس الثّاني في رسالته العامّة. نجد اليوم أنفسنا إذ نعيد إطلاق هذا التّعليم في إطار وباء يهدّد الحياة البشريّة والاقتصاد العالميّ. وضع يجعلنا نشعر بالتزام الكلمات الّتي تبدأ بها الرّسالة: "إنجيل الحياة هو في صميم الدّعوة الّتي نادى بها يسوع، وتتلقّاه الكنيسة كلّ يوم بحبّ لتذيعه بجرأة وأمانةٍ بشرى جديدة لجميع النّاس من كلّ عصر وكلّ ثقافة" (عدد ١).

ككلّ إعلان إنجيليّ، هذا الإعلان ينبغي أن يُشهد له أوّلاً. وأفكّر بامتنان بالشّهادة الصّامتة للعديد من الأشخاص الّذين، وبأشكال عديدة، يبذلون ذواتهم في خدمة المرضى والمسنّين والوحيدين والفقراء. هم يعيشون إنجيل الحياة، على مثال مريم الّتي قبلت بشارة الملاك وذهبت لمساعدة نسيبتها أليصابات الّتي كانت تحتاج للمساعدة. في الواقع إنَّ الحياة الّتي دُعينا لكي نعزّزها وندافع عنها ليست مبدءًا مجرّدًا لكنّها تظهر على الدّوام في شخص من لحم وعظم: في طفل حُبل به وفقير مهمّش ومريض وحيد ويائس أو في نهاية حياته، وشخص فقد عمله أو لا يمكنه أن يجد عملاً ومهاجر مرفوض ومُبعَد... إنّ الحياة تظهر بشكل ملموس في الأشخاص.

كلّ كائن بشريّ مدعوٌّ من الله لكي يتنعّم بملئ الحياة، وبما أنّه قد أوكِل إلى عناية الكنيسة الوالديّة، فكلُّ تهديد لكرامته وللحياة البشريّة لا يمكنه إلّا أن يؤثِّر في قلبها وفي أحشائها الوالديّة. إنَّ الدّفاع عن الحياة البشريّة ليس إيديولوجيّة في الكنيسة بل هو واقع، واقع بشريّ يطال جميع المسيحيّين وذلك لأنّهم مسيحيّين ولأنّهم إنسانيّين. إنّ الاعتداءات على كرامة الأشخاص وحياتهم لا تزال مُستمرّة للأسف حتّى في مرحلتنا هذه، مرحلة حقوق الإنسان العالميّة؛ لا بل نجد أنفسنا إزاء تهديدات جديدة وعبوديّات جديدة، والقوانين والتّشريعات ليست على الدّوام لحماية الحياة البشريّة الضّعيفة والهشّة.

إنّ رسالة الرّسالة العامّة "إنجيل الحياة" هي إذًا أكثر من آنيّة. وبغض النّظر عن الحالات الطّوارئ كالّتي نعيشها، يتوجّب علينا أن نعمل على الصّعيد الثّقافيّ والتّربويّ لكي ننقل لأجيال المستقبل موقف التّضامن والعناية والاستقبال عالمين جيّدًا أنّ ثقافة الحياة ليست إرثًا للمسيحيّين بشكل حصريّ، بل تنتمي لجميع الّذين، وإذ يجتهدون في بناء علاقات أخويّة، يعترفون بقيمة كلّ شخص بشريّ حتّى عندما يكون ضعيفًا ومتألّمًا.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، كلّ حياة بشريّة هي فريدة وتشكّل قيمةً لا تُقدَّر بثمن، وعلينا أن نعلن هذا الأمر على الدّوام بشجاعة الكلمة وشجاعة الأعمال. هذا الأمر يُذكّرنا بالتّضامن والمحبّة الأخويّة تجاه العائلة البشريّة الكبيرة ولكلّ فرد من أفرادها. لذلك أعيد التّأكيد مع القدّيس يوحنّا بولس الثّاني بقناعة متجدّدة على النّداء الّذي وجّهه للجميع لخمسة وعشرين سنة خلت: "احترمْ وصُنْ وأحبِبْ واخدُمْ الحياة، وكلّ حياة بشريّة! فعلى هذا الدّرب فقط تلقى العدل والنّموَّ والحرّيّة الحقيقيّة والسّلام والسّعادة!".