عينطورين تتذكّر الخوري أنطانيوس ابراهيم في تمثال نصفيّ
"كعادته دائمًا يجمعنا اليوم الخوري أنطانيوس ولو لم يكن حاضرًا بيننا بالجسد، إنّما هو معنا بالرّوح، وكما عرفناه دائمًا هو الإنسان المميّز بخدمته وعلاقاته الاجتماعيّة والإنسانيّة، هو الكاهن الخادم الذي يكون دائمًا محطّ ثقة عند الناس. في العهد القديم كان ابراهيم عندما يريد اختيار زوجة لولده كان يرسل رئيس خدمه كي يقوم بهذه المهمة، أشعيا النّبي عندما كان يتحدّث عن المسيح قبل مجيئه كان يقول عنه عبد الله أو خادم الله. هو رجل الثّقة الذي يضع فيه الرّبّ كلّ ثقته حتّى يوصل رسالته إلى الشّعب، حتى يلفت انتباه الشّعب إلى ما يجب أن يقوموا به، والكاهن يختاره الرّبّ حتّى يكون في خدمة أبناء شعبه، من هنا جاءت تسمية الكاهن خادم الرّعيّة. لذا يجب أن يكون الكاهن قدوة ومثالًا وهذا ما يميّزه عن غيره كي يكون المعلم، والمدبّر، والمقدّس.
أن يكون المعلّم يعني أن يكون المسؤول عن تعليم أبناء رعيّته، عن توجيههم لما يقومون به حتّى يدركوا أهميّة إيمانهم، الذي هو ليس نظريّات ولا أفكار مجردة، إنّما هو حياة، والكاهن حتّى يعلم يجب أن يكون المثال والقدوة في حياته. الكاهن يجب أن يكون مدبّرًا يمتلك السّلطة المبنيّة على المحبّة، كي يكون الرّاعي الصّالح الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه، وهي الميزة التي يعطيها المسيح للكاهن. يجب أن يكون المقدّس ليس فقط في احتفالاته خلال قداساته يوم الأحد في الذّبيحة الإلهيّة، إنّما بحياة الصّلاة وعلاقته مع الرّبّ، وأن يكون دائماً في حالة إصغاء لكلام الرّبّ.
هذه هي الصّفات الثّلاثة الأساسيّة للكاهن، والتي تميّز بها الخوري أنطانيوس، لقد عرفته منذ مدة طويلة الكاهن المنفتح على الجميع، وكان الملجأ لكلّ أبناء رعيّته، يستشيرونه في كلّ شاردة وواردة، وكلّ ما يتعلّق بحياتهم، الشّخصيّة، والعمليّة، فكان دائمًا المرجع الذي يحسن توجيه أبناء رعيّته، حتّى ينجحوا في حياتهم المادّية والعمليّة والرّوحيّة. وما قصدته مرّة في منزله إلّا ووجدته يعجّ بأبناء الرّعيّة الذين يطلبون استشارة منه في مواضيع تهمّهم، وهو كان دائمًا حاضرًا لتلبية طلباتهم، حتّى أيّام الثّلج في فصل الشّتاء كان دائمًا حاضرًا بينهم. وليس غريبًا أن يكون هذا الجمع موجودًا اليوم للصَلاة من أجله ومعه حتّى يكافئه الرّبّ مكافأة العبد الصّالح والأمين.
في إنجيل اليوم قسمان إيجابيّ وتحذيريّ؛ الإيجابيّ هو طوبى للعبد الذي جاء سيّده ووجده حاضرًا؛ والثّاني الويل للعبد الذي اذا جاء سيّده ولم يجده حاضرًا، وأنا أعتقد أنّ القسم الأوّل من الإنجيل ينطبق على الخوري أنطانيوس الذي عاش هذه القيم في حياته الشّخصيّة والعائليّة، بعدما ربّى عائلته تربيةً صالحةً، كما هو تربّى والذي جعل منها كنيسة بيتيّة، فكان أولاده على مثاله دائمًا حاضرين في كلّ ما يطلب منهم، لأنّهم تربّوا هكذا ويربّون أولادهم كما تربّوا."
وفي نهاية القدّاس، كانت كلمةً للعائلة ألقاها نجل الرّاحل ادوار ابراهيم؛ شكر فيها كل من شارك في هذا التّكريم، وقال: "لقد جسّدتم حضوره في ما بينكم، وعبّرتم عن محبّتكم وشعوركم تجاه خادمكم الأمين، في منحوتة من رخام تعبّر عن مدى محبّتكم وارتباطكم وتعلّقكم بكاهنكم خاصّةً وقد أحبّكم جميعًا، وأحبّ بلدته عينطورين وخدمها بكلّ إخلاص وتفان. شارككم الأحزان والأفراح متمّمًا قول المسيح "كنت جائعاً فاطعمتموني"."
ثمّ ألقى رئيس البلدية ضومط الياس كلمةً قال فيها: "خدم رعيّته لأكثر من ستّين عامًا، ونحن اليوم نردّ له هذا الجميل، عايشناه في لجنة الوقف، فكان المثال الصّالح والمرشد الحكيم لكلّ أبناء البلدة، في الأمور الدّينيّة والدّنيويّة، شاركهم أفراحهم وأحزانهم، وحالاتهم الإنسانيّة والمرضيّة، عاونهم في إعادة إعمار وترميم منازلهم، هو من ساهم في تأسيس البلديّة عام 1965 وظلّ مرافقًا لأعمالها حتّى آخر أيّامه، كان السبّاق في إقامة المشاريع في رعيّته، بمساعدة ومساهمة أبناء البلدة مقيمين ومغتربين، فرمّم كنيسة سيّدة الانتقال، ودير مار روحانا، وأنشأ قاعة للرّعيّة، وسعى لإنشاء ملعب رياضيّ وموقع للمدافن، إلى أعمال كثيرة لم نأتِ على ذكرها."
بعدها، تسلّم المونسنيور نضيرة والمطران بو جوده دروعًا تقديريّةً من البلديّة والعائلة ولجنة الوقف. ثّم انتقل الجميع إلى خارج الكنيسة حيث أزيحت السّتارة عن تمثال نصفيّ للخوري ابراهيم، من أعمال النّحّات العالميّ نايف علوان، وأُقيم عشاء في المناسبة.