العالم
06 حزيران 2024, 13:00

علاقةٌ وثيقة بين الحرّيّة الدينيّة والتنمية البشريّة المتكاملة

تيلي لوميار/ نورسات
عملت منظّمة فرسان مالطة على عقد مؤتمر رفيع المستوى يركّز على الحرّيّة الدينيّة والتنمية البشريّة المتكاملة لاستكشاف أطر واستراتيجيّات مبتكرة لتعزيز سياسات والتزامات شاملة ومراعية للدين، كما نقلت "أخبار الفاتيكان".

 

بمشاركة رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغر، والكردينال بيترو بارولين، ومسؤولين من الأمم المتّحدة، وخبراء عالميّين بارزين، انعقد مؤتمر "الحرّيّة الدينيّة والتنمية البشريّة المتكاملة: منصّة عالميّة جديدة" في روما.

نظّم المؤتمر كلٌّ من منظّمة فرسان مالطة المستقلّة لدى الكرسي الرسوليّ، والمجلس الاستشاريّ لمركز الحرّيّة والازدهار التابع للمجلس الأطلسيّ في الولايات المتّحدة، والجامعة البابويّة أوربانيانا في روما، وانعقد المؤتمر الذي استمرّ يومًا واحدًا في مقرّ منظّمة فرسان مالطة في تلّ أفنتين، وقام بتحليل الأطر والاستراتيجيات الممكنة لتعزيز سياسات والتزامات شاملة ومراعية للدين.

قال سفير منظّمة فرسان مالطة لدى الكرسي الرسوليّ، أنطونيو زاناردي لاندي، إنّ المؤتمر الرفيع المستوى، الذي يعقد في وقت مأساويّ من الحروب في أنحاء العالم أجمع، هو الأوّل من نوعه.

بدأ اللقاء بحلقة نقاش تحلّل الأزمة العالميّة للحرّيّة الدينيّة من منظور التنمية البشرية المتكاملة.

تحدّث في هذه الحلقة رئيس الأساقفة غالاغر، أمين سرّ الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظّمات الدولية عن وجهة نظر الكرسي الرسوليّ حول "تعزيز الحرّيّة الدينيّة والتنمية البشريّة المتكاملة"، وأشار إلى أنّ المجمع الفاتيكانيّ الثاني ألزم الكنيسة الكاثوليكيّة بتعزيز الحرّيّة الدينيّة، مشيرًا إلى أنّ وثيقة "كرامة الشخص البشريّ" Dignitatis humanae تشرح حقّ الشخص والمجتمعات في الحرّيّة الاجتماعيّة والمدنيّة في المسائل الدينيّة.

وأكّد من جديد أنْ "من أجل ممارسة هذه الحرّيّة، التي أرادها الله وهي منقوشة في الطبيعة البشريّة، لا ينبغي وضع أي عقبة في طريقها"، مع ملاحظة وجود صلة وثيقة بين حقوق الإنسان وحرّيّة الدين.

وقال: "في حين أنّ هذه ليست الجانب الوحيد لحقوق الإنسان، إلّا أنْ يمكن القول إنّها الجانب الأكثر جوهريّة"، مشيرًا إلى أنّ "الحقّ في حرّيّة الضمير هو الذي يوفّر الأساس لحقوق الإنسان الأخرى".  

وقال رئيس الأساقفة غالاغر إنّ الحرّيّة الدينيّة بأبعادها الفرديّة والجماعيّة والمؤسّسيّة تواجه حاليًّا تحدّيات كبيرة، فـ "من المثير للقلق أنْ، وفقًا لبعض التقديرات، يعيش ما يقرب من 4.9 مليار شخص في بلدان تشهد انتهاكات للحرّيّة الدينيّة"، مضيفًا أنّ المسيحيّين هم الأكثر ضعفًا في هذا الصدد.

وفي معرض حديثه عن التنمية البشريّة المتكاملة كعمليّة "يحقّق الفرد من خلالها الرفاه مع المساهمة في الصالح العامّ"، قال دبلوماسيّ الفاتيكان إنّ "الحرّيّة الدينيّة تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق التنمية البشريّة المتكاملة".

وقال إنْ بالنظر إلى ذلك، "يجب على الدولة أن تمارس حيادًا منفصلا وأن تمنح الجماعات الدينيّة والأفراد جميعهم حقًّا متساويًا في إظهار معتقداتهم الدينيّة علنا"، وأن تسعى دائمًا إلى تحقيق الصالح العامّ.

بعد ذلك، سلّط العميد سكوت أبلبي Scott Appleby من كلّيّة كيو للشؤون العالميّة في جامعة نوتردام في الولايات المتّحدة الضوء على التنمية البشريّة المتكاملة (IHD)، والتي تتطلّب مشاركة عالميّة لتحقيق تغيير ملموس.  

وقال إنّ فكرة التنمية البشريّة المتكاملة لا تتوافق مع فكرة شخص معزول عن المجتمعات، بل هي ترى البشر ككائنات علائقيّة، وتضيف قيمة إلى المناقشات حول حقوق الإنسان. وقال إنّ الحقّ في الحرّيّة الدينيّة ليس بعدُ حاسمًا كما ينبغي، وبالتالي يحتاج إلى أن يرتكز بشكل أفضل على إطار أكثر فعاليّة.

من جانبه، ناقش الدكتور سيلفيو فيراري، الأستاذ الفخريّ للقانون والدين في جامعة ميلانو والرئيس الفخريّ للاتّحاد الدوليّ لدراسات القانون والدين في إيطاليا، مساهمةَ حرّيّة الدين أو المعتقد في التنمية البشريّة المتكاملة.

نظر الدكتور فيراري في الأدوات المستخدمة لقياس كلّ من التنمية وحرّيّة الدين. وقال إنّ قياس التنمية على أساس العوامل الاقتصاديّة وحدها ليس هو النهج المناسب، مقترحًا بدلا من ذلك قياسه بمعايير أخرى.  

وشاركت نازيلا غانيا، مقرّرة الأمم المتّحدة الخاصّة المعنيّة بحرّيّة الدين أو المعتقد، عبر الفيديو، وأعربت عن التزامها بمواصلة العمل معًا بشأن هذا الموضوع، مؤكّدةً أنّ المحادثات الملهمة والمثمرة حول هذا الموضوع تعطي زخما متجدّدا لأهداف التنمية المستدامة.

واستكشفت حلقة نقاش ثانية "الحرّيّة الدينيّة والتنمية العالميّة: الأدلّة والتحدّيات والفرص من منظور التنمية البشريّة المتكاملة" رحّبت بمشاركة أسماء فاعلة في مجالات: القانون الكنسيّ، والحرّيّة الدينيّة، والتنمية الدينيّة، والسياسة، والبحوث الاقتصاديّة والاجتماعيّة، من بلدانٍ عدّة.  

وقد استكشفت المناقشة الحيويّة الحاجة، على المستويات كلّها، إلى تعزيز الحرّيّة الدينيّة والتنمية البشريّة المتكاملة، لا سّيما بالنسبة إلى من يتمّ نبذهم، أو حتّى نسيانهم تماما، في ما يتعلّق بأنشطة الشركات الكبرى.  

وتضمّنت فترة بعد ظهر يوم انعقد فيه المؤتمر محادثة بين الأديان تربط بين التنمية البشرية المتكاملة والكرامة الإنسانية والحرية الدينيّة، وأخرى حول تحويل الأفكار إلى سياسة وكيف أنّ النظر إلى الحرّيّة الدينيّة من خلال عدسة IHD يحدث فرقا.

على أن يُصار إلى بثّ شريط فيديو المؤتمر، يوم الثلاثاء، الثامن عشر من حزيران / يونيو الساعة التاسعة بالتوقيت الشرقيّ.