عظة الخوري طوني بو عسّاف في عيد مار يوسف - شحتول
تحتفل الكنيسة في العالم اليوم بعيد القديس يوسف البتول ونحنُ في مسيرة الصوم هذه كم نحنُ بحاجة أن نتأمّل في سيرة حياته والفضائل المتنوّعة التي عاشها، علّنا في هذه المحطّات التي تضعها الكنيسة نصب عيوننا. إنطلاقة جديدة في حياتنا نحنُ. وقد أطلقت الكنيسة ألقاباً عدّة وجعلته شفيعاً للكثيرين من مربّي الفادي، وزنبق الطهارة، وشفيع العائلات والعمّال إلى حارس الفادي وغيرها.
نتوقّف في العيد أمام لقب تأمّل به قداسة البابا الراحل القدّيس يوحنّا بولس الثاني وإرادة إرشاداً رسوليّاً "حارس الفادي". حارس من كان يوسف؟ وكيف مارس حراسته؟ وما هو دورنا اليوم؟
إنَّ القدّيس يوسف كما سمعنا في إنجيل متّى الرسول "قام من النوم وفعل كما أمره ملاك الرب". فكان الحارس ليس لمريم البتول وللطفل يسوع وحب بل امتدّت حراسته كما قال البابا فرنسيس "إلى جسد المسيح السرّي أي إلى الكنيسة". فالقدّيس يوسف، حتى لو لم يفهم مشروع الله بأكمله ولكنّه فعل ما طلبه منه الله، فتخلّى عن مشروعه الشخصيّ ليكمل مشروع الله.
وقد مارس القدّيس يوسف حراسته بتخفّ وتواضع وصمت "فقصبة مرضوضة لم يكسر، وفتيلة مدخّنة لم يطفىء، ولم يسمع صوته في الساحات"، والأهمّ من ذلك بأمانة تامة لإرادة ومشيئة الله. حراسته للطفل يسوع ولمريم البتول في كل وقت ومكان، فمن الاكتئاب ورحلة الصعود إلى اليهوديّة إلى بيت لحم مدينة داود، إلى ميلاد الطفل في مذود، إلى الهروب إلى مصر وفي رحلة البحث عن الطفل في الهيكل، وفي العمل وتعليم الطفل يسوع مهنة التجارة. في كلِّ تلك الأماكن والأوقات لم ينفكّ يوسف أن يكون الحارس المؤدّي خدمته بفطنة وحكمة وأمانة. القدّيس يوسف مثال الحارس المتيقّظ دائماً لعلامات الله يقرأها في أحداث حياته، والنبيه لمشروع الله الخلاصي الذي يحتاج دوماً إلى حجارة حيّة موسومة بالروح القدس لتؤدّي شهادتها وحراستها بالصمت والقول والعمل.
وكما كان القدّيس يوسف الحارس ليسوع ومريم والكنيسة، نحنُ بدورنا علينا أن نكتشف دورنا في هذه الحياة حيث أقامنا الله حراسنا ليسوع في عالم يريد أن ينتزع هذا الكنز منّا. نحنُ حرّاس القيم الإنجيليّة والإنسانيّة والإجتماعيّة، نكمل مسيرة الخلاص كما أكملها يوسف مع مريم ويسوع والكنيسة، كما يقول القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني "نحنُ حرّاس الفجر"، فجرُ الحقيقة والقيامة والحياة.
أيّها القدّيس يوسف حارس الفادي ومريم والكنيسة ألهمنا لنضحي حرّاساً أمينين لدعوتنا وتكون حراستنا بحكمة وصمت وتواضع. آمين.