سوريا
04 حزيران 2019, 05:00

عرس بطريركيّ في معلولا وصيدنايا

زار بطريرك صربيا إيريناوس يرافقه بطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر مدينة معلولا، حيث توقّف في دير مارت تقلا بعد استقبال شعبيّ أقيم في باحة الدّير الخارجيّة بحضور رئيس الدّير الأرشمندريت متّى رزق، ومدير المنطقة سامر الشّعراني، والأخوات الرّاهبات، وأهالي معلولا.

 

بعدها ساروا باتّجاه كنيسة الدّير وسط قرع الأجرس ونثر الورود، وتلا فيها البطريركان صلاة الشّكر، بحضور رئيس دير مار سركيس وباخوس للرّوم الملكيّين الكاثوليك الأرشمندريت عبدالله الحمديّة، والقائم بأعمال السّفارة الصّربيّة في سوريا السّفير ميلان فياتوفيتش، وفعاليّات اجتماعيّة وشعبيّة.

رزق ألقى كلمة للمناسبة قال فيها:
"يعتصر القلب ألمًا ويعجز اللّسان عن الكلام عمّا حدث في بلدنا سوريا، خاصّة في مدينة معلولا، من تدمير وتهجير وسفك دم وإرهاب طال الحجر والبشر. بالرّغم من ذلك كلّه، لم تنطفىء شعلة الإيمان والحياة في كنيسة تؤمن بالقيامة.
إنّ ما يميّز أبناء معلولا، وهم يفتخرون به اليوم، إنّهم ناطقون باللّغة الآراميّة، لغة السّيّد المسيح. نحن نؤمن أنّ حضورنا، كمسيحيّين، في الشّرق، رسالة وشهادة. لقد اجتزنا هذه المحنة بسبب انتمائنا إلى أرضنا، الّتي فيها شيء من صليب وقيامة ربّنا يسوع المسيح، الّذي حملناه وسنحمله دومًا، كما علّمنا صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر الكلّيّ الطّوبى.
يسرنّا حضوركم اليوم، يا صاحب الغبطة، في رحاب معلولا وبين أبناء هذه المدينة وفي ربوع دير القدّيسة تقلا، الّذي يعتبر من أهمّ المعالم الدّينيّة والرّوحيّة والأثريّة في المنطقة، نحن متشبّثون بقوّة الحياة ولا نعرف الخوف".
بدوره، ردّ البطريرك إيريناوس بكلمة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة:

"نشكركم على هذا الاستقبال المهيب والمؤثّر. لقد سمعنا كثيرًا عن هذا المكان العريق والمقدّس، وبركة كبيرة أنّنا هنا لنتعمّق في هذا الجمال الرّوحيّ التّاريخيّ. فرحتنا كانت مضاعفة، عندما سمعنا أنّ أبناء معلولا يتحدّثون الآراميّة، ممّا يجعل من هذا الدّير التّاريخيّ نعمة كبيرة تفيض علينا الخيرات الرّوحيّة.
لقد تابعنا الأحداث الدّائرة في سورية، وعشناها معكم، لأنّنا مررنا بها في بلدنا صربيا. بالتّالي لا يمكننا أن ننسى هذه الأيّام الصّعبة، بل نتّعظ منها، ونطلب من الرّبّ أن يحمي سوريا وشعبها الطّيّب".
في الختام، قدّم الأرشمندريت رزق عصا رعائيّة للبطريرك إيريناوس الّذي قدّم للدّير أيقونة والدة الإله.
بعد الكلمات، أدّى أطفال معلولا أناشيد بالآراميّة وانتقل بعدها الجميع إلى الصّالون حيث التمس الشّعب بركة البطريركين.

وزار البطريركان دير سيّدة صيدنايا الّذي فرح بقدوم البطريركيّن الصّربيّ والأنطاكيّ، فأعدّ أهالي البلدة استقبالاً شعبيًّا بمشاركة إمام مسجد المدينة الشّيخ عبدالله اسماعيل، ومدير النّاحية محمّد الشّحيمة، ورئيس البلديّة الدّكتور عبدالله سعادة، ورئيسة الدّير الأمّ فيفرونيا نبهان والأخوات الرّاهبات، وكهنة مدينة صيدنايا، ورئيس جمعيّة القدّيس جاورجيوس للرّوم الأرثوذكس نبيل كحلا، وفعاليّات وحشد كبير من المؤمنين.
بعد الاستقبال رفع البطريركان والحضور صلاة الشّكر على نيّة مومني الكنيستين، وألقت الحجّة ماريا معلوف كلمة الأمّ نبهان وجاء فيها: "إنّه ليوم مبارك، الشّمس في كبدها تتلألأ ساطعة معلنة عن يوم مشرق، أعدّه الله لائقًا بالاحتفال الاستقباليّ، ليطلّ حبر من أحبار الكنيسة الأرثوذكسيّة. هنا كانت الفرحة العظيمة، عرش صربيا يعانق عرش أنطاكية العظمى في أرض القداسة، في هذا الفردوس البهيّ. جئتم تحملون بشارة الإنجيل ورسالة سلام وصليب التّضحية وإنكار الذّات، فيشعّ سماء صيدنايا نورًا مشرقًا مضيئًا يدفق من قلبكم الكبير، إنّه نور السّيّد المسيح له المجد.

يشرّفني أن أتحدّث نيابة عن أمّنا الرّئيسة، وعن أخواتي الرّاهبات وبناتنا الأيتام، كي أعبّر لكم عن فرحنا وسرورنا بقدومكم المبارك. نحن، وكلّ أهالي مدينة صيدنايا، نشكركم يا غبطة البطريرك ونرحّب بكم من أعماق القلوب، وقد حظينا بالشّرف الكبير باستقبالكم بكلّ حماسة وتهليل بكلّ معاني الفخر والاعتزاز. إنّ حضوركم الميمون يعيد إلى الأذهان قصّة القداسة، قصّة بناء هذا الدّير، عندما ظهرت السّيّدة العذراء مريم، ورسمت ملامح هذا الصّرح المقدّس. أنتم اليوم توطّدون ملامح الإيمان والمحبّة، وتكمّلون مسيرة القدّيسين والأنبياء.

صاحب القداسة، نكرّر شكرنا لكم وتقديرنا على هذه الزّيارة الكريمة الّتي سيسجّلها تاريخ الدّير والمشرق. نلتمس أن تشملونا ببركتكم ومحبّتكم لنبقى متمسّكين بأهداب الإيمان القويم. نعاهدكم، راهبات دير سيّدة صيدنايا، ومعنا أهالي المدينة من مسيحيّين ومسلمين، بأن نحافظ على طهارة هذه الأرض وقدسيّتها".
من ثمّ، ألقت الطّالبة جيسيكا فرح من بنات الميتم كلمة ترحيبيّة ليردّ بعدها البطريرك إيريناوس بكلمة قال فيها:
"أشكر أهالي مدينة صيدنايا والأخوات الرّاهبات على استقبالهم المؤثّر النّابع من محبّتهم. لم نكن نتوقّع أن نرى جمالاً بمثل هذا الجمال الرّوحيّ الأرثوذكسيّ. بالتّالي، أودّ من هذا الدّير الشّريف أن أقول لكم: حافظوا على هذا الإرث الأرثوذكسيّ المتميّز في الشّرق الأوسط. عليكم أن تدركوا أنّ العالم الأوروبيّ يشتهر بالشّركات وعالم المادّيّات، إلّا أنّ منطقتكم تزدان بالأديرة والكنوز الرّوحيّة، حافظوا عليها وتفاخروا بها.
نحن نعلم أنّ الشّعب السّوريّ قد تعذّب عبر التّاريخ، ومرّ في حروب كثيرة، لكن القدّيسين في هذه الدّيار المقدّسة هم من حموا هذه البلاد، فحافظوا عليها".

بعد كلمته قدّك قنديلاً للأمّ فيرونا الّتي سلّمته أيقونة العذراء مريم هديّة من الدّير.

ولم يغادر البطريرك الصّربيّ الدّير قبل أن يلتمس بركة شاغورة صيدنايا، ويجول في أرجاء الدّير، ويمنح بركته الأبويّة للمؤمنين في صالون الدّير.

وأخيرًا، حطّ البطريركان رحالهما في سفارة جمهوريّة صربيا في دمشق، وكانت إضاءة على العلاقة التّاريخيّة الوطيدة الّتي تربط صربيا بدولة سوريا.