العراق
29 آذار 2021, 06:30

عرس الشّعانين في قره قوش يعيد إلى البال صورة الاحتفالات قبل التّهجير والنّزوح

تيلي لوميار/ نورسات
إستعادت شوارع قره قوش (بغديده) بهجة عيد الشّعانين، إذ ترأّس بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان المسيرة السّنويّة التّقليديّة التّاريخيّة الخاصّة بالشّعانين، بمشاركة لفيف من المطارنة والإكليروس، وأكثر من عشرين ألف مؤمن ومؤمنة من أبناء البلدة، معيدين بذلك إلى البال صورة الاحتفالات هذه قبل التّهجير والنّزوح القسريّ، كما ذكر إعلام البطريركيّة الرّسميّ.

المسيرة انطلقت من أمام كنيسة الطّاهرة الكبرى، بعد أن احتفل البطريرك يونان على مذبحها بالقدّاس الإلهيّ الحبريّ بمناسبة عيد الشّعانين، وطافت في شوارع البلدة، فيما حمل البطريرك يونان صليبًا كبيرًا مزيّنًا بأغصان الزّيتون، ليتناوب لاحقًا على حمله الأساقفة والكهنة المشاركون. ومن أمام كنيسة مار يوحنّا المعمدان، رنّم يونان إنجيل عيد دخول الرّبّ يسوع إلى أورشليم، وألقى عظة قال فيها:

"أيّها الأحبّاء،

إنّنا كبطريرك أنطاكية للسّريان الكاثوليك، نودّ أن نقول لكم كم نحن فخورون أن نشارككم في هذه المسيرة المبهجة في عيد دخول يسوع إلى أورشليم، مسيرة فرحة، مسيرة سلاميّة، مسيرة راقية، لأنّنا كم وكم رأينا البسمة على وجوهكم، وكم رأينا التفاتات المحبّة فيما بينكم، رغم هذا العدد الكبير الّذي هو مفخرةٌ لنا نحن السّريان، إن كنّا هنا في العراق أو في الشّرق أو في بلدان العالم قاطبةً.

هناك العديد من إخوةٍ وأخواتٍ لكم اضطرّوا إلى المغادرة والتّغيُّب عن قره قوش المحبوبة، ولكنّهم معكم ومعنا اليوم في هذه الفرحة الّتي تملأ قلوبكم.

أنتم السّريان في قره قوش (بغديده)، أنتم البؤبؤ في عين كنيستنا السّريانيّة. أنتم الرّئة الأفضل الّتي بها تتنفّس كنيستنا السّريانيّة. هذه الرّئة الّتي تنضح بالإيمان، وتبشّر بالخير، وتدعونا جميعًا إلى أن نجدّد رجاءنا بالرّبّ يسوع في غمرة الصّعوبات والتّحدّيات، فهو القائل "لا تخافوا ها أنا معكم كلّ الأيّام وإلى انقضاء الدّهر".

نعم، تقولون إنّها كلمات، ولكنّها كلمات عبّر عنها وقالها لنا الرّبّ يسوع الّذي هو الحقّ والسّلام والقدرة.

لذلك مهما عصفت زوابع الزّمن، ومهما كثرت التّحدّيات، فنحن سنبقى الشّعب الّذي يشهد للسّلام والمحبّة والرّجاء بأن يقوم العراق في نهضةٍ مزدهرةٍ تبطل صفحة الماضي الّتي يعرفها الكثيرون منكم على أنّها لم تكن صفحةً مُشرقة.

أحبّاءنا،

اليوم عيدكم، عيد قره قوش، وهو عيدٌ يتبع العرس الّذي شهدته قره قوش، وكنتم أنتم أبطال هذا العرس عندما استقبلتم قداسة البابا فرنسيس. قبل ثلاثة أسابيع، كنتم مجتمعين في شوارع قره قوش الرّئيسيّة لاستقبال قداسة البابا، رسول سلامٍ وأخوّةٍ ومحبّةٍ وتسامحٍ للعراق.

نحن كأبناء الله وتلاميذ الرّبّ يسوع، لن نألوا جهدًا أن نشهد للكلّ، إن كانوا مؤمنين بإيماننا، أو لم يكونوا من ديننا، سواء أكانوا مسلمين أو إيزيديّين أو شبك. نحن سنبقى تلاميذ الرّبّ يسوع الّذين يشهدون بحياتهم وبأعمالهم كما بأقوالهم على أنّهم تلاميذ ربّ الحياة والسّلام والمحبّة.

نهنّئكم بهذا العيد، وندعو إلى الرّبّ كي يبارك هذا اليوم الّذي هو العرس السّنويّ التّقليديّ والتّاريخيّ لقره قوش (بغديده) بكلّ البركات، بشفاعة أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء الطّاهرة، ومار يوحنّا المعمدان، ومار بهنام وأخته سارة، ومار زينا، ومار يوسف، ومار يعقوب، ومار كوركيس. وليملأ الرّبّ دومًا قلوبكم بالسّعادة الحقيقيّة. آمين.

شعانين مباركة، مباركٌ الآتي بإسم الرّبّ".

وكان يونان قد ترأّس مساء السّبت قدّاس وزيّاح الشّعانين في الملعب الكبير بالسّاحة الخارجيّة لكاتدرائيّة سلطانة السّلام- عينكاوه، ألقى خلاله أيضًا عظة أضاء فيها على زيارة البابا فرنسيس للمدينة، وتأمّل في هذا العيد بفضائل البراءة والتّواضع والمحبّة الحقيقيّة.

وتأتي احتفالات الشّعانين من ضمن برنامج الزّيارة الرّعويّة للبطريرك يونان إلى أبرشيّة الموصل وتوابعها وأبرشيّة حدياب- أربيل وسائر إقليم كوردستان، والّتي استهلّها الخميس، برفقة القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة الأب حبيب مراد وأمين السّرّ المساعد الأب كريم كلش، محتفلاً برتبة تقديس كنيسة الطّاهرة الكبرى وتكريسها في قره قوش بعد الانتهاء من أعمال التّرميم وإعادة البناء إثر تعرّضها للتّخريب والحرق على أيدي الإرهابيّين، مترئّسًا فيها قدّاس عيد البشارة.

ومن أبرز المحطّات الّتي قام بها يونان منذ وصوله إلى العراق: مباركة مشروع بناء كنيسة سيّدة الرّجاء في قره قوش، زيارة أبويّة تفقّدية إلى بيت العائلة المقدّسة للرّاهبات الأفراميّات بنات أمّ الرّحمة- قره قوش، الاحتفال برتبة درب الصّليب في يوم الجمعة من الأسبوع السّادس من زمن الصّوم الكبير وذلك في ساحات دير مار قرياقوس- قره قوش، زيارة أبوية تفقّدية إلى دير مار بهنام الشّهيد التّاريخيّ في ناحية نمرود، كما إلى رعيّة بعشيقة- سهل نينوى.