لبنان
23 أيار 2022, 07:50

عبد السّاتر: يا ليت سياسيّينا المسيحيّين يتوقّفون عن الكلام عن تفوّقهم على الفريق الآخر ويبنون الوطن والإنسان فيه

تيلي لوميار/ نورسات
"نحن المسيحيّين مدعوّون، على مثال القدّيسة ريتا، إلى أن نصبر على ضعف الآخرين ونحتمل شرَّهم ونغفر إساءاتهم ونسير معهم حتّى بلوغ ملء قامة المسيح... ويا ليت سياسيّينا المسيحيّين يتوقّفون اليوم قبل الغد عن الكلام عن تفوّقهم على الفريق الآخر وعن مشاريعهم المستقبليّة ليعملوا مع الآخر من أجل إطعام الجائعين واستشفاء المرضى وإيجاد العمل لشبابنا وبنيان وطننا لبنان والإنسان فيه."

هذه دعوة رفعها راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر في عيد القدّيسة ريتا الّذي احتفل به مع أبناء كنيستها في سنّ الفيل، خلال قدّاس إلهيّ عاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري جورج شهوان وخادم الكنيسة الخوري مروان عاقوري والمعاونان الخوري جان باخوس والخوري طوني الياس، بمشاركة الخوري طوني فريج والشّمّاس جاد عنيد.

ومن طريقة عيش شفيعة المستحيلات، انطلق عبد السّاتر في عظته، فقال:  

"الشّكر لله الآب الّذي أعطانا بفيض حبّه أن نعود ونحتفل معًا، وبشكل طبيعيّ، بعيد القدّيسة ريتا شفيعة هذه الكنيسة بالمحبّة والرّجاء والإيمان. إنَّ وجودنا جميعًا الآن وفي هذا العدد الكبير، هو علامة على عمل الرّوح القدس في قلوبنا هو الّذي يعزّينا في الشّدائد ويثبّتنا على الإيمان بالرّبّ يسوع القائم من الموت، مخلصًا وحيدًا منتصرًا على الموت، كلِّ موت في كلِّ إنسان.

لقد سعيت وأنا أكتب هذه العظة إلى أن أجد كلامًا للقدّيسة ريتا أتامّل فيه أو أنطلق منه. وبعد تفتيش متكرّر لم أجد ضالّتي. فالقدّيسة ريتا لم تختر أن تتكلَّم عن يسوع، مع أنَّ الكلام عنه هو أمر جيّد، ولكنّها اختارت أن تحمل مع يسوع الصّليب، من خلال الشّوكة الّتي زرعت في جبينها، حبًّا بالبشر وأن تبذل ذاتها من أجلهم كما فعل هو. لم تسع القدّيسة خلف الألم من أجل الألم ولكنّها أرادت أن تكون أمّة حقيقيَّة لله تأخذ على ذاتها خطيئة البشر أجمعين وضعفهم وأمراضهم لتكون لهم الحياة. ونحن المسيحيّين وعلى مثالها، مدعوّون إلى أن نصبر على ضعف الآخرين ونحتمل شرَّهم ونغفر إساءاتهم ونسير معهم حتّى بلوغ ملء قامة المسيح فيهم.

لم تختر قدّيستنا أن تتكلّم عن المحبة بل أن تعيشها في علاقتها مع الرّبّ ومع الآخرين ربّما لأنّها شعرت في داخلها أنّ الكلام سيكون مضيعة للوقت الّذي تستطيع أن تستعمله في بنيان الآخر. وربّما لأنّها كانت تعرف أنّ الكلام من دون أفعال يصير هزيلاً ويفقد الكثير من قوّته. فصلّت وخدمت واعتنت ولا زالت حتّى اليوم تعتني من السّماء بكلّ متألّم وبكلّ بائس وبكلّ تائه.  

ويا ليتنا نتعلّم منها الحبَّ والعمل قبل الكلام وحتّى من دون كلام.  

ويا ليتنا نعيش أمام الآخرين رجاء القيامة بدل أن نتكلّم عن القيامة الّتي تعطي الرّجاء.  

ويا ليتنا نعيش الغفران والصّدق في حياتنا بدل أن نتكلَّم عن أهمّيّتهما في حياتنا.

ويا ليت سياسيّينا المسيحيّين يتوقّفون اليوم قبل الغد عن الكلام عن تفوّقهم على الفريق الآخر وعن مشاريعهم المستقبليّة ليعملوا مع الآخر من أجل إطعام الجائعين واستشفاء المرضى وإيجاد العمل لشبابنا وبنيان وطننا لبنان والإنسان فيه."

وفي بداية القدّاس، كان ترحيب من الخوري عاقوري أكّد فيها أنّ حضور راعي الأبرشيّة معهم في هذا العيد هو تذكير بأنّ "محبّة المسيح هي أقوى من كلّ الصّعوبات والتّحدّيات، وأنّه بالحبّ لا شيء مستحيل"، رافعًا الشّكر إلى الله لما يبديه المطران عبد السّاتر من حبّ من أجل رعيّته على مثال الرّاعي الصّالح، فهو بتعبيره "صوت من لا صوت لهم وعلامة رجاء لمن فقدوه".