لبنان
15 تشرين الثاني 2022, 06:00

عبد السّاتر من جديدة المتن: وحدها الصّلاة تخلّص لبنان وشعبه وعائلاته

تيلي لوميار/ نورسات
على مدى ثلاثة أيّام، زار راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر رعيّة القدّيسين سركيس وباخوس- جديدة المتن، مستكملاً زياراته الرّعويّة، يرافقه خادم الرّعيّة الخوري جان- بول أبو غزالة ومعاونه الخوري بطرس صعب والمتقدّم بين الكهنة في قطاع ساحل المتن الخوري بيار أبي صالح.

شملت الزّيارة مؤسّسات تقع ضمن نطاق الرّعيّة، ولقاءات مع عائلات وعدد من المرضى، كما مع الكهنة ومختلف اللّجان والجماعات والحركات الرّسوليّة.

وبحسب إعلام المطرانيّة، "زار المطران عبد السّاتر مبنى بلديّة الجديدة- البوشريّة- السّدّ حيث التقى رئيس البلديّة أنطوان جبارة وبعض أعضاء المجلس البلديّ والموظّفين والعاملين وعناصر شرطة البلديّة، وتوجّه إلى الحاضرين بالقول: "في كلّ زيارة رعويّة أقوم بها، أجول على المؤسّسات الواقعة في نطاقها، ولهذا السّبب أتيت إليكم اليوم وأحببت أن أشكركم على كلّ ما تقومون به في هذه الأيّام الصّعبة الّتي تحتّم علينا جميعًا أن نقف إلى جانب النّاس ليبقوا ثابتين في أرضهم وبلدتهم"، مشيرًا إلى أنّه "بالتّضامن والأخوّة تندحر الأزمات بشكل أسرع". من جهته، شكر جبارة المطران عبد السّاتر على زيارته كما على وقوفه إلى جانب كلّ إنسان، مشدّدًا على أنّ "النّاس متعطّشون لأمثال سيادتك يترجمون العيش المشترك أفعالًا لا أقوالًا"، ومؤكّدًا له أنّ البلديّة وكلّ العاملين فيها هم بتصرّف الكنيسة وكهنتها. وإستمع المطران عبد السّاتر من الحاضرين إلى التّحدّيات الّتي تواجههم في عملهم اليوميّ.

من ثمّ، التقى المطران عبد السّاتر المختار الياس نصّور.

وبعدها، كان لقاء مع خادم رعيّة مار جاورجيوس للرّوم الأرثوذكس الأب جبران فيعاني ومعاونه الأب عطالله مخّول، تمّ خلاله عرض لتاريخ التّعاون بين الرّعيّتين في مختلف الاحتفالات والمناسبات.  

وإجتمع المطران عبد السّاتر مع المونسنيور يوسف سعيد الّذي خدم الرّعيّة لسنوات طوال، لينطلق بعدها في جولة على مختلف أقسام الكنيسة وقاعاتها المخصّصة للمونة والثّياب والأدوية الّتي يتمّ توزيعها على أبناء الرّعيّة.

وزار المطران عبد السّاتر عائلات في الرّعيّة وقام بمناولة عدد من المرضى والمسنّين فيها، ومن ثمّ انتقل إلى كابيلّا القدّيسة ريتا حيث التقى بجماعات: الرّحمة الإلهيّة، الورديّة، أولاد مريم، إتّحاد القلوب والسّجود للقربان، مشدّدًا أمامهم على أنّ وحدها الصلاة تخلّص لبنان وشعبه، قائلًا لهم: "أطلب منكم، أنتم الّذين تختبرون وجود الرّبّ في حياتكم، أن تنقلوا فرح المسيح وسلامه إلى كلّ يائس ومحبط ومتعب ومتألّم، ليس بالكلام والوعظ بل بأفعالكم وبمثلكم الصّالح."  

وإستمع المطران عبد السّاتر من أعضاء أخويّة الحبل بها بلا دنس، ومن أصدقاء القدّيسين سركيس وباخوس، ومن الجماعة العيليّة في الرّعيّة كما من شبيبة القدّيسين سركيس وباخوس، إلى تاريخ تأسيس كلّ أخويّة وجماعة، وإلى أبرز الصّعوبات والتّحدّيات الّتي تواجهها. وشدّد المطران عبد السّاتر أمام الحاضرين على أنّ "الصّلاة الجماعيّة هي غنى للكنيسة وللعالم"، طالبًا منهم أوّلًا أن يصلّوا على نيّة كلّ من لا يعرفون يسوع المسيح بعد فيتعرّفوا إليه ويحبّوه، وأن يكونوا مثالًا في الأخوّة والمحبّة والفرح والتّضامن. وأردف قائلًا: "طالما أنّ أساس مسيرتكم هو يسوع المسيح والجماعة المسيحيّة، لا تخافوا! احملوا هموم النّاس وأوجاعهم وضعوا مكانها في قلوبهم وبيوتهم يسوع المسيح وفرحه وسلامه". وتابع المطران عبد السّاتر: "مسؤوليّة العائلة بالغة الأهمّيّة في أيّامنا هذه، لذا اخلقوا توازنًا بين تعبكم وأعمالكم وبين مسؤوليّتكم تجاه أولادكم، فيشعروا بمحبّتكم لهم وبحضوركم إلى جانبهم". وللشّبيبة توجّه المطران عبد السّاتر بالقول: "الكنيسة بحاجة إلى فرحكم وحماستكم، فأنتم مستقبلها، لذا فليكن هذا المستقبل مبنيًّا على أساس متين هو يسوع المسيح".

وكان لقاء مع جوقة الرّعيّة وجوقة الأطفال فيها، ومن ثمّ اجتمع المطران عبد السّاتر مع المجلس الرّعويّ وتمّ عرض لأبرز مهامه الّتي يقوم بها، وبعده مع لجنة الوقف الّتي أشار أعضاؤها إلى البحث عن خطط محفّزة لتأمين حاجات الرّعيّة ضمن الإمكانيّات لمواجهة الصّعوبات المرتكزة على الأزمة الّتي يعيشها البلد. وشدّد المطران عبد السّاتر، من جهته، على أنّ البشارة هي إحدى المهام الأساسيّة للجنة الوقف، كما تأمين المساعدات للوقوف إلى جانب المحتاج، ولاسيّما في هذه الظّروف الصّعبة.  

وإختتمت الزّيارة الرّعويّة بالقدّاس الإلهي الّذي احتفل به المطران عبد السّاتر وعاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري جان- بول أبو غزالة والخوري بطرس صعب، بمشاركة المونسنيور يوسف سعيد والمتقدّم بين الكهنة في القطاع الخوري بيار أبي صالح، وبحضور النّائب ابراهيم كنعان وعقيلته، وقائمقام المتن السّيّدة مارلين حدّاد، ورئيس بلديّة الجديدة- البوشريّة- السّدّ أنطوان جبارة وأعضاء المجلس البلديّ، والمختار الياس نصّور، وحشد من أبناء الرّعيّة.

وإنطلق المطران عبد السّاتر في عظته من إنجيل بشارة زكريّا، ليقول: "يا ليتنا في حياتنا لا نتسرّع في الكلام، لكُنّا وفّرنا على بعضنا جروحات ونزاعات وكراهيّة وغضب وانقسامات حتّى في قلب البيت الواحد والجماعة الواحدة.  

عندما يعِد إلهنا يصدق في وعده، حتّى لو كلّفه الأمر أن يموت على الصّليب. فعندما قرّر الله، في اللّحظة الّتي خلقنا بها، أن نكون في شراكة معه، وعندما قرّر أن يخلّص الإنسان بعد ابتعاده عنه، كان أمينًا لوعده وصار إنسانًا ليحمل موت الإنسان، وتسمّر على الصّليب وقام في اليوم الثّالث وأعطانا الحياة الأبديّة.  

إلهنا إله الحياة والقيامة. إلهنا إله محبّة. فلنتذكّر دومًا هذه الحقيقة، في علاقتنا الشّخصيّة مع الرّبّ وضمن الجماعة.

في اليوم العالميّ للفقير، فلنتذكّر دومًا من هم بحاجة بيننا، فنتقاسم معهم الأساسيّ لدينا، فتمرّ الأزمة بأخفّ وطأة.  

في زيارتي إلى رعيّة القدّيسين سركيس وباخوس، تعلّمت من أبنائها المحبّة المجّانيّة، ولمست الإيمان الموجود في قلوبهم وبيوتهم والخدمة في ما بينهم بصمت وتكتّم، وعاينت الرّجاء الّذي يعيشونه كلّ يوم على الرّغم من كلّ الصّعوبات المعيشيّة والصّحّيّة، ورأيت انتماء الجماعات إلى هذه الرّعيّة وتعلّقها بالقدّيسين سركيس وباخوس والفرح الموجود فيها وغيرتها على الكنيسة، لذا لا يسعني إلّا أن أقول: ليتمجّد إسم الرّبّ!

يمكنني اختصار زيارتي إلى رعيّتكم بالعبارة التّالية: إنّها زيارة رجاء وفرح وإيمان والكثير من المحبّة.  

أشكر كهنة الرّعيّة على خدمتهم بينكم وعلى محبّتهم الكبيرة لكم وعلى عدم توفيرهم أيّ جهد ليقفوا إلى جانبكم في أفراحكم وصعوباتكم."

وفي ختام القدّاس، كانت كلمة لخادم الرّعيّة الخوري جان- بول أبو غزالة، توجّه فيها إلى المطران عبد السّاتر بالقول: "صاحب السّيادة، بفرحٍ كبير استقبلَتكم رعيّة مار سركيس وباخوس في ربوعها، وأنتم الرّاعي والمؤتمَن على نفوسِ المؤمنين، أهلاً وسهلاً بكم في رعيّتكم.  

فزيارتكم تندرج بروحانيّة السّينودس بأبعاده الثّلاثة: الشّركة والشّراكة والرّسالة فنحن كهنة ومؤمنين في شركة تامّة معكم، يا صاحب السّيادة، شركة صلاة ومحبّة، شركة بفعل الرّوح القدس، روح الوحدة والحقّ الّذي يحثّنا على التّلاقي والاستقبال المتبادَل. ومن دون الشّركة لا وجود للشّهادة؛ فحضوركم بيننا خلال مدّة الأيّام الثّلاث الّتي مضت، علامة حسّيّة ومنظورة على غِيرة الرّاعي الّذي يتفقّد قطيعَه باللّقاء والإصغاء والتّوجيه والتّفكير.  

أمّا الشّراكة فتتجلّى من خلال المشاركة على مثال الجماعة المسيحيّة الأولى، مشاركة بالأمور الرّوحيّة والخيور الزّمنيّة، وأنتم منذ تسلّمكم مقاليد الأبرشيّة، كان همّكم الوحيد خدمة الفقير والمهمّش والجالس على حانب الطريق.

وبولس الرّسول يقول: "إنّ رسالتنا هي أنتم..." وقد جسّدتم هذا البعد للرّسالة بمجيئكم إلينا، رسالة هدفها تثبيت كلمة الله في النّفوس الحائرة والخائفة، وزرع بذور الرّجاء الّذي لا يخيب ولا يُخيّب ولاسيّما في هذا الوقت العصيب الّذي نمرّ به في بلادنا. فالمسيح هو رجاؤنا ونبع تجدّدنا. ولذلك اخترنا لنا شعارًا لهذا العام "بالرّجاء صابرين".

سيّدنا بإسم كلّ الوجوه الّتي التقيتم، وبإسم كلّ أبناء رعيّة القدّيسين سركيس وباخوس في الجديدة حاضرين وغائبين نقول لكم شكرًا على ما أنتم عليه، وعلى ما تشهدون له من تعليم الإنجيل وقِيَم الملكوت في رسالتكم الأسقفيّة.

كلّنا معكم يدًا بيد، في هذه المسيرة، مسيرة الشّركة والشّراكة والرّسالة."  

وبعد القدّاس، التقى المطران عبد السّاتر بأبناء الرّعيّة وبناتها في صالون الكنيسة".