عبد السّاتر في ليلة عيد مار جرجس: نريد أن ننتصر على الشّرّ في لبنان
بعد الإنجيل، ألقى عبد السّاتر عظة قال فيها بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام: "إنه لأمر جميل أن نعود ونلتقي بكم على الرّغم من المصائب الّتي تحلّ بنا، ومن المهمّ أن نعود ونجتمع بالنّاس الّذين نحبّهم ويحبّوننا، بالآباء وبمنطقة عزيزة وغالية على قلب الأبرشيّة وعلى قلب الكهنة ومطران الأبرشيّة. وقد سمعنا مرّات ومرّات عن الحدث وحزنّا على ما أصابها نتيجة وباء كورونا، ولا بدّ أن أوجّه الشّكر لجميع من تعب وكدّ في سبيل حماية المنطقة أكثر وأكثر من التّأثيرات السّلبيّة لهذا الفيروس. وأودّ أن أقدّم هذا القدّاس على نيّة كلّ من غاب عنّا بسبب الفيروس، وعلى نيّة كلّ من يتألّم اليوم وعلى نيّة كلّ الأهل الّذين عانوا بسبب خسارة أحبّائهم.
اليوم جئنا لنفرح، وفرحنا ليس أساسه راحة البال أو راحة العيش، لكن أساسه يسوع المسيح. وكما سمعتم في الإنجيل المقدّس نحن متمسّكون بيسوع المسيح وليس لدينا غيره مخلّصًا ونحن نأخذ منه الحياة. والويل لنا إذا ابتعدنا عنه لأنّنا سنخسر كلّ شيء. اليوم نودّ أن نفرح لأنّ يسوع حيّ بيننا ومعنا، لأنّنا نختبر كلّ يوم محبّته لكلّ فرد منّا. واليوم يجب أن نفرح لأنّ نهايتنا ليست بالألم والموت. نحن نعيش الألم ونمرّ بالموت، ولكن نهايتنا في قلب الله. ولهذا نحن نجتمع اليوم ونفرح، ليس لأنّ لا هموم لدينا، بل على العكس لأنّنا نعرف الألم ونعرف الصّليب، ولكن نعرف كذلك القيامة والانتصار على الشّرّ والانتصار على الموت.
القدّيس جرجس هو الإنسان الّذي كان متعلّقًا بيسوع المسيح، لأنّه لم يكن إنسانًا عاديًّا بل كان ممتلئًا من محبّة يسوع المسيح ومن محبّة الإنسان، ولهذا فقد انتصر على الشّرّ وخلّص جماعته. ونحن اليوم مدعوّون، نحن المتمسّكين بيسوع المسيح أن نخلّص جماعتنا من الشّرّ. ولكن نخطىء أحيانًا عندما نعتقد أنّ الشّرّ هو أمامنا، وننسى أحيانًا أنّ الشّرّ هو في داخلنا، ودائمًا نتحدّث عن غيرنا ونحمّل المسؤوليّة لغيرنا. واليوم في هذا العيد أدعوكم لننظر إلى أنفسنا ونسأل: هل نخلو من الأنانيّة والكبرياء؟ وهل نحبّ النّاس بمجّانيّة؟ وهل نحن نسامح الّذين يجب أن نسامحهم؟ أنا لا أدعوكم لأن نجلد أنفسنا، أدعوكم لكي ننظر إلى داخلنا، ونعرف أنّنا نريد أن ننتصر على الشّرّ في لبنان، وبنعمة ربّنا سنبدأ بمحاربة الشّرّ الّذي في داخلنا.
وقبل أن أطلب من غيري أن يكون جيّدًا يجب أن أطلب من نفسي أنا أن أكون جيّدًا. وقبل أن أطلب من غيري أن يكون صادقًا ونزيهًا يجب أن أكون أنا أوّلاً صادقًا ونزيهًا، وقبل أن أقول كيف يركض هذا وراء السّلطة ووراء المراكز، عليّ أن أرى ماذا أفعل أنا أحيانًا كي أظهر وألغي غيري، القريب منّي. اليوم وإذا أردنا أن نكون إخوة لمار جرجس، علينا أن نحارب الشّرّ الّذي هو أمامنا وفي داخلنا بنعمة الرّبّ يسوع، بصلاتنا وبمحبّتنا المجّانيّة، بغفراننا وتواضعنا وخدمتنا وصدقنا، هكذا نكون إخوة لمار جرجس. وإلّا ليس علينا أن نستغرب إذا عدنا إلى الوراء، وإذا بلبنان الّذي نحبّه اخترب أكثر، وذلك لأنّنا لا نحمل المسؤوليّة ولا نعمل من أجل خلاص أنفسنا وخلاص بلدنا بنعمة الرّبّ.
نتأمّل ونصلّي أن تكون السّنة المقبلة سنة خير وبركة، وحضوري هذا المساء في رعيّة مار جرجس الخريبة هو فرح لي، والله يقدّسنا ويعطينا الجرأة لكي نرى الضّعف الّذي فينا ونسامح الضّعف الّذي في الآخر".