عبد السّاتر في عيد مار متّى: كلّ إنسان غال على قلب الله، حتّى ذلك الضّالّ
وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد السّاتر عظةً جاء فيها: "وأنا في طريقي نزولاً نحو وادي السّتّ كنتُ أفكّر كيف كان المسيحيّون الأوائل يختارون أعلى القمم أو أسفل الوديان ليعيشوا إيمانهم متنعّمين بحرّيّة الضّمير، وتخيّلت أهلنا واجدادنا الّذين عاشوا هنا بالرّغم من خطورة المكان وصعوبة الوصول إليه والتّنقّل فيه آنذاك، لأنّهم فضّلوا إيمانهم المسيحيّ على حياة الرّاحة، والتّضحيات على حياة الرّغد والتّرف.
أقول لكم اليوم: طوبى لكم لأنّكم أبناء وبنات عائلات مسيحيّة أصيلة لا زالت تعطي الكنيسة بوفرة وسخاء آباء وراهبات يكرّسون حياتهم لمحبّة الله والإنسان.
إنّها نعمة بالنّسبة إليّ أن أكون بينكم في هذا العيد لأنّني في هذا الوادي المقدّس."
ثمّ توقّف عند مسيرة مار متّى وقال: "الميزة الأولى للقدّيس متّى أنّه تبع المسيح من دون القيام بحسابات الرّبح والخسارة، ومن دون أن يفكّر ما إذا كان يستحقّ أن يكون من اتّباع يسوع أم لا. تبع قلبه الّذي أحبّ يسوع حتّى النّهاية. لذا، لا عجب في أن يخرج من منطقة وادي السّتّ، الّتي اختارت مار متّى شفيعًا لها، أشخاص يتبعون الرّبّ من دون حسابات ويكرّسون حياتهم له.
كان يعتبر مار متّى نفسه أنّه من أسوأ الأشخاص، ولكن بعين الله، الّذي دفع ثمن كلّ إنسان بتجسّده وموته وقيامته، ما من أحد سيّء، بل هناك شخص معرّض للقيام بأخطاء متخلّيًا عن العيش بمحبّة. كلّ إنسان غال على قلب الله، حتّى ذلك الضّالّ."
وأضاف مؤكّدًا أنّ "إلهنا مختلف، لا يعاقب من يعصي وصاياه بل يحبّه أكثر، ويبحث عمّن ابتعد عنه، ويقرع باب من قرّر التّخلّي عنه، وصولاً الى بذل ذاته عنّا جميعًا"، وأنّه "عندما نتأمّل في حياتنا وضعفنا وأخطائنا، نقول إنّنا لا نستحقّ أن ندخل إلى الكنيسة أو أن نعتبر أنفسنا مسيحيّين. ولكن خلاصنا من عند الرّبّ، ليس لأنّنا نستحقّ هذا الخلاص أم لا، بل لأنّ يسوع يحبّنا وتجسّد ومات وقام ليعطينا الحياة الأبديّة. لذا علينا أن لا ننظر إلى ضعفنا وخطيئتنا فقط، بل أن نفسح في المجال لأنفسنا لنرى غلاوتنا في عيني الرّبّ الّذي لا ينسانا ولا يهملنا."
وأنهى لافتًا إلى أنّ عيد مار متّى يذكّر اليوم "أنّ العيش مع الرّبّ ليس مسألة وصايا وقوانين، بل حبّ يجعلنا نتوق للقاء الله والغرق في قلبه"، مصلّيًا في الختام "أن يخلص بلدنا بشفاعة مار متّى"، مشدّدًا على أنّ "خلاصه لا يتمّ بدوننا، ولا يتحقّق إذا لم نكن مواطنين أصيلين بمحبّتنا ونزاهتنا ورجائنا وتضامننا بين بعضنا البعض."