لبنان
07 تشرين الأول 2025, 05:55

عبد السّاتر: صلاة المسبحة الورديّة هو فعل حبّ مستمرّ للآب وللإبن وللعذراء مريم

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد سلطانة الورديّة، احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد السّاتر بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة سيّدة الورديّة في كفرشيما، عاونه فيه خادم الرّعيّة الخوري روجيه شرفان والخوري يوحنّا روحانا، بمشاركة الخوري شربل ديب والخوري يوحنّا الحبيب بويز، وبحضور رئيسة مدرسة الرّاهبات الأنطونيّات- كفرشيما الأخت جرمان بشارة وعدد من الرّاهبات، وحشد من الفعاليّات.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: "نحتفل معًا في هذا الصّباح بعيد أمّنا مريم العذراء، شفيعة رعيتكم وكنيستكم المباركة وسلطانة الورديّة. ونصلّي معًا على نيّة شفاء مرضانا وراحة أنفس موتانا وعلى نيّة بعضنا البعض. ونطلب من أمّنا الحنون أن تتشفّع لنا إلى ابنها الوحيد لنعيش دومًا المحبّة على مثالها، محبّة القريب والله فنتقدّس على هذه الأرض وتكون لنا الحياة الأبديّة في الآخرة في قلب الله الآب برفقة من سبقونا من الأبرار والصّدّيقين. وفي هذه المناسبة سأتأمل معكم في أهمّيّة تلاوة مسبحة الورديّة وفي هدفها الأوّل وفي معنى لقب "سلطانة الورديّة" الّذي نطلقه على أمّنا مريم العذراء.

أتذكّر أنّني لمّا كنت لا أزال إكليريكيًّا، كنت أزور عرّابتي في منزلها من وقت لآخر هي الّتي كانت طريحة الفراش منذ فترة بسبب ثقل الأيّام وتعب السّنين. وكانت امرأةً تقيّةً تقضي السّاعات الطّوال في صلاة المسبحة حتّى وصلت بها الحال إلى أن تصلّي الورديّة كاملةً خمس عشرة مرّة في اليوم الواحد. فسألتها في إحدى زياراتي كيف أنّها لا تملّ من تكرار صلاة "السّلام عليك يا مريم..." أكثر من ألفين ومئتي مرّةً في اليوم الواحد. فأجابتني وهل يملّ الحبيب من تكرار كلمة "أحبّك" لحبيبته أم هل تملّ الحبيبة من تكرار كلمة "أحبّك" لحبيبها؟ فأدركت حينها أنّ صلاتها لمسبحة الورديّة ليست تكرارًا لنفس الكلمات بل فعل حبّ مستمرّ لله الآب وللابن الوحيد وللعذراء مريم، ومن يملّ من الحبّ؟

وفي زيارة أخرى سألتها كيف تستطيع أن تصلّي المسبحة من دون أن يتشتّت فكرها في هموم هذه الدّنيا وآلامها. فأجابتني ببساطة الإنسان المؤمن الّذي اعتاد العيش مع الرّبّ صبحًا ومساءً: كيف أتشتّت وأنا في صلاتي للمسبحة أتكلّم إلى سيّدي وإلهي وأتأمّل في عمله الخلاصيّ من أجلي ومن أجل البشريّة جمعاء؟ كيف أتشتّت وأنا في صلاتي أقف أمام ميلاده في بيت لحم وأمامه معلّقًا على الصّليب حبًّا بنا جميعًا؟ كيف أتشتّت وأنا أعيش معه مجد قيامته وصعوده إلى عند أبيه. وإذا ما بدر إلى بالي همّ أم شقّ قلبي ألم، وضعته سريعًا أمامه ليحمله عنّي ويخفّف ضيقي. كيف أتشتّت وأنا أصلّي مسبحتي مع أمّي العذراء الّتي من قبلي عرفت كيف تجعل من ابنها محور حياتها تعيش معه وتتأمّل بكلامه وأفعاله وحقيقته.

إخوتي وأخواتي، صلاة الورديّة هي فعل حبّ نعيشه مع الرّبّ يسوع ومع أمّه مريم. إنّها ليست تكرارًا لكلمات بل هي ترداد لكلمات حبّ يستحقّ الرّبّ أن يسمعها منّا نهارًا وليلًا. إنّها وقت نعيشه في التّأمّل بمدى حبّ الله الآب لنا وبسرّ تجسّد الابن وموته وقيامته لأجل خلاصنا وذلك بفعل الرّوح فينا. في صلاة الورديّة يكون يسوع محور حياتنا والأساس فيها، نحبّه ونعيش معه ولأجله. هكذا عاشت أمّنا مريم وهكذا صلّت لذلك استحقّت وتستحقّ لقب سلطانة الورديّة المقدّسة.

إخوتي وأخواتي، ليكن هذا الأحد مباركًا ولتنزل نعم الرّبّ عليكم بشفاعة أمّنا مريم العذراء سلطانة الورديّة المقدّسة. آمين". 

وكانت كلمة للخوري روجيه شرفان قال فيها: "أتوجّه إلى سيادتكم باسم الرّعيّة وأبنائها والحضور ببالغ الامتنان والعرفان على مشاركتكم وترؤّسكم القدّاس الإلهيّ هذا لمناسبة عيد العذراء مريم، سلطانة الورديّة المقدّسة، شفيعة هذه الكنيسة والبلدة.

صاحب السّيادة،

إنّ حضوركم بيننا هو علامة محبّة أبويّة وتشجيع لنا لنتثبت في الإيمان ونعمّق رجاءنا وننمو في المحبّة.

لقد أضفتم إلى هذا العيد فرحًا مضاعفًا، إذ اجتمعنا حول المذبح لنحتفل معًا بسرّ الافخارستيّا في جوّ من الفرح الرّوحيّ واللّقاء العائليّ الكنسيّ.

لقاؤنا بكم اليوم يبهج قلوبنا ويذكّرنا بأنّ الكنيسة هي بيت يجمعنا، ومريم العذراء هي الأمّ الحاضنة لأبنائها.

في ظلّ الخوف والقلق اللّذين يعيشه شعبنا بسبب الأوضاع الصّعبة في لبنان والمخاوف من المستقبل المجهول، يزداد فرحنا بهذا اللّقاء معكم، لأنّكم تذكّروننا بأنّ الرّجاء أقوى من الخوف وأنّ المسيح حاضر بيننا ليبدّد الظّلمة ويمنحنا السّلام.

صاحب السّيادة،

نشكر كلماتكم الأبويّة الرّاعويّة الغنيّة الّتي غذّت نفوسنا وشجّعتنا على أن نعيش الرّوحانيّة المريميّة بعمق، فنقتدي بمريم في تواضعها وطاعتها لكلمة الله، ونرفع قلوبنا لتقودنا دومًا إلى المسيح ابنها وإلهنا.

نصلّي إلى الرّبّ بشفاعة أمّنا مريم العذراء سلطانة الورديّة المقدّسة أن يمنحكم الصّحّة والعمر المديد، ويبارك رسالتكم الأسقفيّة في خدمة الكنيسة وشعب الله.

شكرًا لكم يا صاحب السّيادة على محبّتكم الأبويّة ومعكم نرفع الصّلاة والتّمجيد للثّالوث الأقدس بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة الورديّة المقدّسة. واسمحوا لنا سيّدنا أن نقدّم لكم باسم الرّعيّة أيقونة الورديّة المقدّسة لترافقكم على الدّوام في مسيرتكم وخدمتكم الأسقفيّة في الأبرشيّة".

كما قدّمت جماعة "اللّجيو ماريه" تذكارًا لعبد السّاتر عربون تقدير ومحبّة. 

وبعد القدّاس الإلهيّ الّذي خدمته جوقة الرّعيّة، التقى المطران عبد السّاتر أبناء الرّعيّة وبناتها في صالون الكنيسة.