طربيه ترأّس قداس مار مارون في سيدني: لتكن المناسبة فرصة للموارنة ليفخروا بتقاليدهم وهويّتهم ويلتقوا مع بعضهم البعض
وعلى وقع التراتيل والصلوات، دخل طربيه وخيرالله مع الكهنة الى الكاتدرائية حيث رفعت الذخائر على الأكف وبارك طربيه الحضور الذين كان في مقدمهم، رئيسة حكومة نيو ساوث ويلز غلاديس برجيكليان، السفير اللبناني ميلاد رعد، رئيس المجلس التشريعي السيناتور جان عجاقة، القنصل اللبناني العام في سيدني شربل معكرون، زعيم المعارضة في ولاية نيو ساوث ويلز النائب لوك فولي وعدد من النواب وقيادة الشرطة.
كما شارك رئيس أساقفة سيدني أنطوني فيشر، راعي أبرشية الأرمن الأرثوذكس في أوستراليا ونيو زيلاندا هايغازون نجاريان، راعي أبرشية الأقباط الأرثوذكس في نيو ساوث ويلز الأنبا دانيال والاساقفة المساعدين في سيدني تيرينس برايدي، أنطوني راندازو وريشارد أمبرز، الأب إبراهيم سلطان ممثلاً المطران روبير رباط، الأب نبيل كشاب ممثلاً المتروبوليت باسيليوس قدسيه.
وشارك أيضاً رؤساء بلديات وأعضاء مجالس بلدية وممثلو أحزاب وجمعيات وروابط ووسائل اعلام وكهنة الطائفة ورهبان وراهبات وفاعليات الجالية اللبنانية وشخصيات أسترالية.
عاون طربيه في القداس، الى خيرالله، النائب الأبرشي العام المونسينيور مرسلينو يوسف، خادم الرعية الأب ايلي نخول والمونيسنسور بشارة مرعي، بمشاركة ممثلين عن الطوائف المسيحية وكهنة ورهبان وراهبات.
وقرأ عجاقة رسالة بولس بالانليزية، فيما قرأها رعد بالعربية.
وألقى طربيه عظةً، رحّب فيها بالقيادات الأسترالية واللبنانية، وتحدّث عن مسيرة القديس مارون وعن دور الموارنة في لبنان وأستراليا والعالم، وقال: "إنّ احتفالنا بعيد القديس مارون هذه السنة مختلف عما كان عليه خلال الأعوام الماضية. فهذه السنة فريدة بمغزاها وأهميتها، وهي تردنا إلى نقطة البداية لتاريخ الموارنة: حياة وشهادة مارون الراهب، الكاهن والناسك. بعد وفاة القديس مارون في العام 410، كانت ذخائره موضع اهتمام ونزاع كبيرين. وبعد مواجهات، استولى سكان قرية مجاورة، يعتقد بأنّها قرية براد في منطقة كفرنبو السورية، على جثمانه. ولكن ذخائره انطلقت الى إيطاليا لسنوات طويلة، لكنّها أُعيدت سنة 1999 إلى لبنان."
أضاف:"إنّه لحدث عظيم في حياة أبرشيتنا المارونية في أستراليا أن نستقبل، هنا في كاتدرائيتنا في ردفرن، مع بداية هذا القداس، ذخيرة مقدسة من عظام القديس مارون عمرها 1600 سنة، وتحديداً جزء من جمجمته. لقد نقلت إلينا هذه الذخيرة برحلة حج من ضفاف نهر العاصي في سوريا، حيث كان دير مار مارون، إلى شواطئنا الأسترالية، لتشكل جزءاً من المسيرة الطويلة التي يقوم بها شعبنا الماروني باسم الإيمان بالله والحرية والعائلة."
وأكّد أنّه"بالنسبة إلى الموارنة، الإيمان بالله ليس مسألة تقليد فحسب، بل هو أيضاً لإعطاء معنى لجوهر الحياة. لقد تلقينا الإيمان هدية من أهالينا وأجدادنا، إذ كانوا الذاكرة الحية ليسوع المسيح في بيوتنا. لقد تعلّم معظمنا الصلاة والحب وعيش الإيمان في صمت الحياة العائلية. ومع نمونا، تندمج حياتنا العائلية أكثر فأكثر في حياة رعيتنا ومدرستنا ومجتمعنا، ويفيض الإيمان بحياة جديدة ليصبح كالأوكسيجين الذي لا يمكننا العيش من دونه. هذا هو الإيمان البسيط، لكن القوي، والذي غالباً ما رافق الموارنة خلال الاضطهادات والشدّائد. والموارنة الذين أتوا إلى هذه الأرض الحبيبة، أستراليا، لم يأتوا غزاة أو محتلين، بل جاؤوا ليحافظوا على حرية إيمانهم وليبحثوا عن حياة أفضل. إنّه لتحد كبير اليوم، للجماعة المارونية، ولجماعات كثيرة أخرى، أن تجد أنّ حريتها الدينية هي مجددا تحت المجهر في أستراليا، خصوصاً من قبل أولئك الذين من المفترض أن يحموها. والمفاجأة أنّ حكومة الكومنولث، وحتى المعارضة، تبدوان غير مهتمتين لحماية الحرية الدينية، كما هو ملاحظ في التشريع الجديد للزواج."
وعن مسألة زواج المثليين، قال:"أن نخسر حريتنا الدينية، وأن يتمّ العبث بالعائلة الطبيعية المؤلفة من رجل وامرأة وأطفال محتملين، إنّما هو تغيير لطبيعة الزواج بحدّ ذاته، وهو أمر مرفوض وسيبقى دائماً كذلك. هذه أمور تسبّب لنا الخوف من أنّها البداية للانتقاص من حقوقنا وحرياتنا الدينية والحدّ منها. هذا الوضع يتناقض مع السبب الأساسي الذي دفع بكثير من الناس للهجرة والمجيء إلى هذه الأرض، بمن فيهم نحن الموارنة. الإيمان والحرية والعائلة مبادئ جوهرية نشأ عليها مجتمعنا ووطننا الأسترالي، ولا يجوز لأحد أن يتجاهل أنّها تواجه اليوم تهديداً كبيراً. يجب أن نعمل معاً، وفقاً للحقوق التي يضمنها لنا النظام الديمقراطي، لكي نوصل إلى زعماء هذا الوطن رسالة تؤكّد أنّ هذه المبادئ الثلاثة متلازمة دائماً، لا يمكنها أن تتغير أو تنفصل عن بعضها البعض."
واعلن أنّه"بعد القداس اليوم، سنحتفل بإنجاز المبنى الذي سيكون أول إكليريكية مارونية لنا هنا في أستراليا. آمل أن يسكن الإكليريكيون الموارنة هنا في المستقبل القريب لمتابعة تنشأتهم. من المهم جدّاً أن نتمكن من تنشأة قادة الغد الروحيين هنا، فيتعلّموا من روحانية مار مارون تحت أنظار أسقفهم وفي قلب شعبهم، مع وفاء تام لحقيقة الله في عالمنا ولحبه وخدمته."
وعن القديس مارون، قال:"من روحانيته وقداسته شهدنا ولادة كنيستنا المارونية. وبالتّالي، أعلن اليوم سنة الروحانية المارونية في كنيستنا المارونية هنا في أستراليا، ابتداءً من التاسع من شباط 2019، أي بعد سنة من الآن، ولغاية التاسع من شباط 2020. إلا أنّ التحضير لهذه الفترة المميّزة يبدأ اليوم. على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة، يجب أن نحضر الأسس لهذا الحدث المميز، لكي تكون مسيرة فريدة وحارة تقودنا الى تجديد الإيمان. وفي الاتجاه ذاته، سوف يخلق مجمعنا العام الأول لأبرشيتنا المارونية، والمقرّر من 11 إلى 13 نيسان 2018، دينامية للتّجدد ليكون شعبنا قويّاً دائماً بإيمانه ولكي ينمو بالحب."
وأوضح أنّه"في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، أعلن غبطة بطريركنا الماروني مار بشارة بطرس الراعي سنة الشهادة والشهداء في كنيستنا المارونية، على أن تنتهي في آذار 2018، في عيد القديس يوحنا مارون."
واعتبر أنّه"خلال هذه السنة، تعلمنا الكثير عن شهدائنا وعن أمثلتهم الكثيرة في الشهادة. أود أن أشارككم بإحداها، قصة البطريرك جبرائيل، من حجولا، وهي قرية صغيرة في قضاء جبيل، لبنان. انتخب جبرائيل بطريركا للموارنة في العام 1357. بعد حوالى عشر سنوات، بدأ المماليك موجة جديدة من الاضطهاد ضد المسيحيين في الشرق الأوسط، واستهدفوا الإكليروس الماروني في جبل لبنان. احتل المماليك كنائس وأديارا كثيرة، واعتقلوا الكثير من الموارنة وكهنتهم وقتلوهم. في العام 1367، احتلوا مقر الكرسي البطريركي، لكنهم لم يتمكنوا من القبض على البطريرك الذي استطاع الهرب إلى قريته حجولا. غضب المماليك فاعتقلوا المئات من الزعماء المدنيين للموارنة من كل أنحاء البلاد، وطلبوا أن يسلم البطريرك نفسه في طرابلس، وإلا فإنّهم سيقتلون جميع العلمانيين الذين ألقوا القبض عليهم. من أجل إنقاذ شعبه، وعلى خطى ربنا يسوع المسيح، ومظهراً حبّاً حقيقيّاً وقيادة صحيحة، ذهب البطريرك جبرائيل إلى طرابلس، ومثل أمام المماليك الذين ألقوا القبض عليه ثم أحرقوه حيّاً بعد أيام قليلة خارج أسوار المدينة. ولا يزال ضريحه موجوداً حتى الآن في طرابلس كمزار لتكريمه من قبل المسيحيين والمسلمين معاً. فلتكن صلواته معنا، وليضئ مثله طريق القيادة الصحيحة وتضحيته منارة لجميع القادة والناس."
وشكر طربيه الحضور وخيرالله والإكليروس والرابطة المارونية وجميع الذين ساعدوا في تنظيم وصول الذخائر إلى أستراليا، كما شكر وسائل الإعلام المحلية والاوسترالية ووزير الاعلام ملحم الرياشي"الذي أرسل فريق تلفزيون لبنان ليقوم بتغطية هذا الاحتفال الحدث"، وختم:"ليكن هذا الحدث مناسبة لجميع الموارنة، كباراً وصغاراً، لكي يفتخروا بتقاليدهم وروحانيتهم وهويتهم، ولتكن فرصة جديدة لكي يلتقوا مع بعضهم البعض ويعيشوا في هذه الأرض الحبيبة القيم الروحية والانسانية النابعة من تاريخ الكنيسة المارونية، ويكونوا دوماً شهوداً حقيقيين لها."
وبعد القدّاس، بارك طربية المبنى الجديد للاكليريكية، ثم تحدّثت برجيكليان، فأعربت عن شكرها للمشاركة في احتفال عيد مار مارون وهنّأت طربية بوصول الذخائر وبافتتاح مبنى الإكليركية، كما نوّهت بدور أبناء الطائفة المارونية في الولاية.
والقى فولي كلمةً، أكًد فيها على صداقته ومحبته للموارنة في استراليا، معتبراً احتفال هذا العام"نقطة انطلاق مميزة للكنيسة المارونية".
أمّا رئيس الرابطة المارونية باخوس جرجس، فتناول"دور الرابطة في خدمة الكنيسة الى جانب المطران طربيه"، مشيداً بما قام به أعضاء الرابطة من "مساهمات لاستقدام الذخائر"، ومؤكّداً"دعم الرابطة للدعوات وللاكليريكية في الأبرشية."
ثم بادرت رئيسة سيدات الإنجيل المارونيات الى تهنئة راعي الابرشية وقدمت شيكاً بمبلغ 25 الف دولار للمركز الجديد.
وشارك من لبنان النحات نايف علوان والزملاء الاعلاميين جلال عساف، سامر حنا، ربيكا ابو ناضر، دوريس الحاج ومدير مكتب الوكالة الوطنية للإعلام الزميل سايد مخايل.
اختتمت المناسبة بحفل كوكتيل.