ضاهر: نصلّي أن يلهم الرّبّ الرّؤساء والمسؤولين الرّوحيّين والزّمنيّين كي يعملوا على إنسان ومواطن مؤمن بالله وبالوطن
بهذه الكلمات استهلّ رئيس أساقفة طرابلس وسائر الشّمال للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر عظته خلال قدّاس القيامة الّذي ترأّسه في مار جاورجيوس في منطقة الزّاهريّة- طرابلس، عاونه فيه المونسنيور الياس البستاني والاب باسيليوس غفري، بمشاركة حشد من المؤمنين.
وللمناسبة، تابع قائلاً بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام": "المسيحيّة هي ديانة المسيح، الإله– الإنسان، القائم من بين الأموات، ديانة الفرح بالغلبة على الانتصار. المسيحيّة، ليست ديانة الخوف والضّعف واليأس، كما أنّها ليست فقط ديانة العقائد الإيمانيّة، والأخلاق والقيم والوصايا والأسرار، بل هي ديانة مرتكزة على شخص يسوع المسيح، هذا الإله- الإنسان، المنتصر على الموت، ومخلّص البشريّة من وصمة خطيئة جدّنا الأوّل آدم، ولذلك نحن ملقّبون باسمه، مسيحيّون. المسيحيّة هي ديانة الانتصار على الذّات، ديانة القيامة الرّوحيّة الذّاتيّة الدّاخليّة، والتّجدّد في عمق ضميرنا وسيرتنا. كلّ شيء في هذا العيد، عيد الفصح المجيد، يدعونا إلى القيامة الرّوحيّة الذّاتيّة، أيّ إلى القيامة من موت الخطيئة، إلى التّجدّد في عمق ضميرنا وسيرتنا، وبدون هذا التّجدّد، يمسي العيد مهرجانًا مملًّا، وبهرجة عقيمة. ولكم من أحياء، هم في الواقع أموات، ضمائرهم مخدّرة، نفوسهم محنّطة، وأعمالهم من وحي الظّلمة وغياهب القبور. ولا يدرون أنّ بهجة العيد، بهجة القيامة، هي بهجة العودة إلى الله، بروح التّوبة والمصالحة، هي قصد التّجدّد في حياتهم الرّوحيّة والأخلاقيّة، والعدول عن كلّ ما يمكن، أن يجعلهم أمواتًا في الخطيئة، رازحين تحت عبء غرائزهم ومطامعهم وأنانيّتهم، مستعبدين للمال والجسد والسّلطة.
كلّنا مسيحيّون ومسلمون، نتشارك في وطن واحد لبنان، وكلّ الزّعماء ورجال السّياسة والفعاليّات الحزبيّة، أجل كلّنا نريد الأشياء نفسها ونطالب بها، ألا وهي: التّمتّع بالأمن والاستقرار والحرّيّة، وتأمين الطّبابة والسّكن والتّعلّم في المدارس والجامعات، والشّعور بفرح الوجود وبالصّحّة الجيّدة، وتأمين العيش الكريم، والحصول على وظائف لائقة ووقف الهجرة، وبخاصّة هجرة الشّباب. وندعو رجال السّياسة والزّعماء، إلى الجلوس معًا والعمل معًا على تحييد لبنان عن صراعات المحاور الدّوليّة والإقليميّة، ليكون منطلقًا للاستقرار والأمن والسّلام في المنطقة، ومساحة لقاء وحوار للجميع. ندعوهم تحمّل واجباتهم الوطنيّة والعمل على انتخاب رئيس للجمهوريّة ضمن المهل الدّستوريّة. وتعالوا معي أيّها المؤمنون بالمسيح وقيامته، نصلّي ونطلب من النّاهض من بين الأموات، أن يلهم الرّؤساء والمسؤولين الرّوحيّين والزّمنيّين، كي يعملوا على إنسان ومواطن مؤمن بالله وبالوطن، وتأمين العيش الهادىء والهانىء والكريم لكلّ اللّبنانيّين.
أيّها الأحبّة، تأكّدوا أنّكم أبناء القيامة والغلبة، لا أبناء الموت والخوف والجبانة. الرّبّ يسوع، الّذي بموته وقيامته، حرّرنا من الموت ومن الخطيئة، قادر، إذا نحن أردنا، أن يجدّد فينا الرّجاء والقيامة، وبالرّغم من كلّ ما يحيط بنا، من ثورات وانقلابات وكوارث وعنف وقتل ودمار، ومن صور قاتمة، وأصوات يأس وبؤس وشؤم، نعم بالرّغم من كلّ ذلك، نبقى دائمًا وأبدًا، منتصرين فخورين بأنّنا أبناء القيامة والحياة والفرح، وفي أعماق قلوبنا وعلى شفاهنا نردّد أنشودة العيد: المسيح قام حقًّا قام".
بعد القدّاس تقبّل ضاهر والكهنة التّهاني بالعيد.
هذا وترأّس قدّاس اثنين الباعوث، في سيّدة الوحدة في ضهر العين- النّخلة، عاونه كاهن الرّعيّة الأب عبدالله سكاف، وبحضور حشد من المؤمنين.
وشدّد في عظته على "أهمّيّة سماع كلمة الرّبّ يسوع والعمل بها، لنكون شهودًا حقيقيّين في حياتنا وأعمالنا اليوميّة، وننشر البسمة والفرح على وجوه المقرّبين منّا وعلى أصدقائنا ومحيطنا".
كما تطرّق إلى حلم الشّباب بالهجرة بحثًا عن فرص عمل في الخارج وفقدان الأمان في بلدهم، وإلى صعوبة الوضع المعيشيّ، آملاً "من المعنيّين العمل سريعًا على انتخاب رئيس للجمهوريّة، لانتظام عمل المؤسّسات، لأنّ الوضع الماليّ والاقتصاديّ والمعيشيّ حرج جدًّا، وعلينا جميعًا أن نتكاتف ونتعاضد من أجل إنقاذ البلد والتّوجّه به نحو برّ الأمان قبل فوات الأوان".