ضاهر للأمّهات: لولا الأمّهات لما كانت عائلة، ولما كان مجتمع، ولما كان وطن
" يختزل عيد الأم كلّ الأعياد. والأم هي رمز العطاء والحنان والإنسانيّة، وتُكرّس حياتها من أجل تربية أطفالها وإسعاد أسرتها. فعاطفة الأمومة وحنانها هي أعظم هبة أعطانا الله ايّاها؛ وشهر الرّبيع يحمل رائحة العطر والورود ويجمع فيه أعيادًا لها طابعًا مميّزًا، بدءًا بذكرى يوم المرأة مرورًا بعيدي الرّبيع والطّفل وصولًا إلى عيد الأم، عيد يحمل مشاعر الحبّ والعطاء والتّضحية.
عيد وأجمل من عيد، هذا اليوم المبارك، عيد الأم، هذه الكوكبة من الأمّهات المكرّمات مجد لا ينال، وشرف لا يسامى، مجد الأم. عيد فيه الأمل والبهجة والبركة، تزهر وتزداد في هذه الدّيار. عيد الأم مثل شمعة مشتعلة ومضاءة، تذوب لتنير وتمنح الدفء والحنان.
يطلُّ علينا عيد الأمّهات، ككلّ سنة، مع بدء فصل الرّبيع. ومن هذا المنطلق، نودُّ أن ندعو كلّ امرأة إلى التّأمُّل في ما منحها الله من العطايا. أيُّها الأحبّة، الأعياد في العائلة كلّها جميلة، وأكثرها جمالًا وعذوبةً إنّما في أعياد الأم ذلك أنّ الأم هي الشّخص الوحيد الذي يستطيع أن يجمع حواليه وتحت جناحيه جميع أفراد العائلة ويوحّد في ما بينهم. ألا ترى أحيانًا أنّه متى زال هذا الكائن الحبيب من الوجود زال معه جمال الوجود، وتصدّع بناء الوحدة في العائلة، وتفرّق البنون واختلفوا، وخبّأ نور في العيون، وأظلمت الدّنيا، لأنّ الدنيا أم! ثم أليست أعياد الأم ينبوع العطف والحنان وكنز الحب والإخلاص الذي لا رياء فيه ولا خداع.…أليست ملتقى للأفراح والمسرّات، وتصافيًا للقلوب المتنافرة ومحوًا للأحقاد والضّغائن؟
أنّ كل دمعة من دموع أمّ، ونظرة من نظراتها وبسمة من ثغرها، وحنو من صورتها، إنّ لفي كلّ ذلك من السّلطان ما لا تملكه سلاطين الدّول، ومن القوّة ما لا تضمه ثكنات الجيوش. لولا الأمّهات لما كانت عائلة، ولما كان مجتمع، ولما كان وطن. أمّهاتنا هنّ الرّكن، وهنّ حجر الرّؤية في بناء وجودنا. مع الحليب رضعنا الإباء والكبر والشّهامة، وفي نظرتهنّ الحنونة إلينا، يسكن في عيوننا رفعة النّظرة إلى الملاء، ورفعة العين فوق حقارة الحياة. يعطينن الحياة نعمتين، نعمة الوجود، ونعمة التّربية على الخلق الحميد الذي يعطي معنى للوجود. ولو شبهت قيم الحياة بعقد جميل كانت قيمة الأم حبّة الصّدر في العقد الجميل.
ومعايدتي لجميع الأمّهات مردّدًا مع الشّاعر محمود درويش: "أعشق عمري لأنّي اذا متُّ أخجل من دمع أمّي".
وفي الختام، عرض فيلم من وحي المناسبة، ثم كرّم المطران ضاهر عددًا كبيرًا من الأمّهات، ومن ثمّ تمّ قطع قالبًا من الحلوى .