ضاهر: في ذكرى النّبيّ إيليّا، نُدرك كم نحن بحاجة إلى أنبياء يسمعون صوت الله
"من الضّروري أن تبقى المحبّة هي السّائدة بين شرائح المجتمع اللّبنانيّ. وأدعوكم إلى ترسيخ ثقافة العيش المشترك والسّلام، لكي يتمكّن اللّبنانيّون من نبذ الفتن والتّطرُّف. وآمل من المسؤولين والقيادات السّياسيّة وقف المهاترات والتّصريحات غير البنّاءة، والعمل الجدّيّ بين الكتل السّياسيّة والنّيابيّة حول مبادرة إنقاذيّة للوصول الى خطّة تُسهم في وضع البلاد على سكّة الخلاص لكي يستقيم الوضعان الاجتماعيّ والاقتصاديّ، بالتّزامن مع قرار وطنيّ جامع يُجنّب لبنان الأزمة التي يعانيها.
ويسُرّني أن أُعيّد معكم في عيد النّبيّ إيليّا الغيور، شفيع هذه الرّعيّة وشفيعِ الكثير من النّاس في لبنان والعالم. النّبيّ إيليّا، أيُّها الإخوة الأحبّاء، شخصيّة عظيمة في العهد القديم، وقد عاش في القرن التّاسع قبل الميلاد. ويقول لنا سفر الملوك: "أنّ يدَ الرّبّ كانت مع إيليّا".
يُخبرنا إنجيل اليوم، أنّ الله قد أرسل إيليّا الى صرفند صيدا، إلى أرملة فقيرة، وقد أجرى معها مُعجزة الطّحين، والزّيت وأطعمتهُ منهما، وكان أنّ جرّة الدّقيق لا تفرغ، وقارورة الزّيت لا تنقص، في وقت كان جوع وجفاف، وذلك على حسب كلام الرّبّ الذي تكلّم به على لسان إيليّا.
لقد أجرى الله على يده الكثير من العجائب، وخصوصًا أعجوبة جبل الكرمل مع أنبياء البعل الذين تغلّب عليهم، وقد نزلت نار الرّبّ على ذبيحة إيليّا بعد أن صلّى قائلًا: "أجبني يا ربُّ أجبني، ليعلم هذا الشّعب أنّك، أيُّها الرّبّ، أنت الاله" (ملوك 18/37). فهبطت نار الرّبّ وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتّراب. أمّا ذبيحة كهنة البعل فلم تُحرق، وكانوا يصلّون من الصّباح حتّى الظهر، ولا أحد يستجيب لهم، لأنّ الأصنام أصنام وليست آلهة. فصرخ الشّعب كلّه "الرّبّ هو الإله، الرّبّ هو الإله".
أيُّها الأحبّة، النّبيّ إيليّا هو رجل الله، عرف الحقيقة وشهد لها بغيرة واندفاع، ودعا شعبه إلى عبادة الإله الحقيقيّ. والخلاص يشمل كلّ الشّعوب وليس حكرًا على فئة دون أخرى.
النّبيّ إيليّا آمن بحضور الرّب في حياته، وكان أمينًا له ولتعاليمه. إنّه أعظم أنبياء العهد القديم، وقد اشتهر بأمانة لكلمة الرّبّ للرّسالة التي عهدت إليه.
عيد النّبيّ إيليا مناسبةً لنا جميعًا لنتذكّر دورنا كأنبياء الرّبّ حاملي البُشرى. وها هو الرّبُّ الإله قد تجسّد وأصبح إنسانًا، وجاء لخلاص كلّ واحد فينا.
واليوم وفي ذكرى النّبيّ إيليّا، نُدرك كم نحن بحاجة إلى أنبياء يسمعون صوت الله في عالم صمّ أُذنيه عن صوته، إلى أنبياء يعملون بحسب إرادته في عالم لا يفتأ يُخالفها.
عالمنا بحاجة الى أنبياء: كلمتهم من الإنجيل، وقولهم من لدن العليّ، وحياتهم أنشودة لمجد الرّبّ.
من لنا، أيُّها الإخوة الأحبّاء، بإيليّا آخر يلهب في صدورنا جذوة الإيمان المسيحيّ، ويُعيد إلى قلوبنا جرأة أجدادنا المسيحيّين الأوّلين الذين فضّلوا الموت على الحياة، وصمدوا في وجه المضطّهدين وكلّ إغراءاتهم، مُفضّلين أن يسفكوا دماءهم ويموتوا أشنع الميتات، وأقساها على أن يتراجعوا قيد شعرة عن إيمانهم ومحبّتهم للمسيح مُخلّصهم وفاديهم.
رحمةً سألناك أيُّها النّبيّ إيليّا العظيم، قاعدة الأنبياء وركنهم والسّابق الثّاني لحضور المسيح، شفيع هذه الكنيسة المُقدّسة وهذه الرّعيّة المُباركة، فأسكب على قلوبنا من بركات عيدك السّماويّ كلّ خير وكلّ نعمة، وخاصّةً نعمة السّلام لوطننا الحبيب لبنان ولجميع أبنائه، ولجميع أبناء وبنات هذه الرّعيّة وهذه البلدة الحاضرين معنا والغائبين، والمشتركين معنا في هذه الذّبيحة الإلهيّة، وأتمنّاه عيدًا مُقدّسًا ومُباركًا للجميع.
وأخصُّ بالمعايدة القلبيّة صاحب ومقيم هذا العيد عنيت به السيد درويش كرم وعقيلته السّيّدة دوللي والعائلة، مُتمنّيًا لهم الصحّة والعافيّة، والرّحمة الإلهيّة لنفوس موتاهم. كما أتوجّه بالمعايدة لكلّ من يحمل إسم النّبيّ إيليّا أو يُعيّد هذا العيد المبارك. وأذكر منهم قدس الأرشمندريت الياس بستاني والإيكونومس الياس رحال.
ويُهمُّني جدًّا أن أخصّ بالشّكر على مشاركتهم وحضورهم حضرة رئيس بلدية شكّا الصّديق العزيز فرج الله كفوري المحب وصاحب القلب الكبير مع عائلته وأعضاء المجلس البلديّ في شكّا ومخاتير شكّا الأعزّاء السّيّدة العزيزة لودي عبود زوجة العميد انطوان عبود وشليطا عازار وغازي أبي بدرا، ومأمورة نفوس البترون الآنسة مارغو كفوري، كما أحيي حضرة نقيب الأطباء في الشمال د. سليم أبي صالح ابن هذه البلدة التي تفتخر به، ورؤساء وأعضاء النّوادي سبيد بول وأبناء شكّا، معايدًا إيّاهم جميعًا ومتمنّيًا لهم التّوفيق والنّجاح والتّقدم في خدمتهم لمجتمعٍ أفضل، وكلّ الكهنة والشّمامسة والرّاهبات والرّهبان في بلدة شكّا الأعزّاء، وجميع الفاعليّات الدّينيّة والقضائيّة والبلديّة والنّقابيّة والاختياريّة والاجتماعيّة والعسكريّة والأمنيّة والحزبيّة، ورجال الصّحافة والإعلام، وشكري الخاصّ لكلّ ضبّاط وعناصر الجيش اللّبنانيّ وقوى الأمن الدّاخليّ والشّرطة البلديّة."
ولا يسعُني إلا أن أُوجّه كلمة شكر خاصّة إلى مختلفِ اللّجان والهيئات والأصدقاء الذين تولّوا بعفويّة وأريحيّة، الشّؤون التّنظيميّة والتّكريميّة التي سبقت ورافقت هذا الإحتفال، أعني أفراد الوقف والشّباب والصّبايا الذين تعبوا وسهروا لإنجاح هذا الإحتفال الرّوحيّ والموسيقيّ، وفي مقدّمتهم قدس الأب باسيليوس غفري العزيز كاهن الرّعيّة الغيور والشماس يوحنا الحاج ولجنة المهرجان، ولجنة الوقف، وجميع أبناء الرّعيّة والحركات الرّسوليّة والأخويّات والشّبيبة. كما أشكر بإسمكم جميعًا من كل القلب الجوقة بقيادة المرنم إيلي واكيم التي نقلتنا بأصوات ترنيمها إلى السماء، والمرنم الكبير والقدير الأستاذ جوزف حارس المحترم والمُتألّق دائمًا.
ولا بُدّ لنا في هذه المناسبة، إلى أن أتوجّه بشكر شخصي وكبير وإمتنان عميق من أصحاب الأيادي البيضاء، الأصدقاء المحسنين والمُتبرّعين الخيرين، الذين قدّموا وسوف يُقدّمون من محبّتهم وعملهم ومالهم في المستقبل، لا سيّما في ورشة ترميم هذه الكنيسة التي كانت مُعرّضة فعليًّا للسّقوط، ولكن بنعمة الله وشفاعة النّبيّ إيليّا الغيور، وبمحبّتكم وسخائكم وعطائكم سوف ننهض بها لنُحافظ على وجودها ووجود النّبيّ إيليّا بينا وفي بلدتنا على أن تظهر هذه الكنيسة، بالقريب العاجل، بحلّة جديدة وبهيّة، لتكون منارةً روحيّةً واجتماعيّةً.
ولا بُدّ بهذه المناسبة أيضًا، أن أُقدّم التّهاني والمعايدة لكلّ الذين يحملون إسم النّبيّ إيليّا، ونتمنّى لهم الصحّة والعافية. من يسمع كلمة الله، يثبت في الحق والصّدق، ويعيش في خيرات الرّب."