العالم
04 كانون الأول 2021, 07:05

صلاة مسكونيّة مع البابا فرنسيس والمهاجرين في كنيسة الصّليب المقدّس - نيقوسيا

تيلي لوميار/ نورسات
عند السّاعة الثالثة من عصر الجمعة الثّالث من كانون الأوّل/ ديسمبر، زار البابا فرنسيس كنيسة الصّليب المقدّس في نيقوسيا حيث أقام صلاة مسكونيّة مع المهاجرين.

تخلّلت اللّقاء كلمة لبطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا وقراءة من رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس (٢، ١٣ –٢٢)، وشهادة لعضو في كاريتاس قبرص وأربع شهادات لشباب مهاجرين بحسب "فاتيكان نيوز". 

وقد وجّه البابا فرنسيس كلمة استهلها بالقول: "إنّه لفرح كبير أن أكون هنا معكم وأختتم زيارتي إلى قبرص بلقاء الصّلاة هذا." وشكر البطريرك بييراتيستا بيتسابالا والبطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، وكذلك السّيّدة اليزابيت من هيئة كاريتاس، وحيّا أيضًا بمودّة ممثّلي مختلف الطّوائف المسيحيّة الموجودة في قبرص. 

كما وشكر البابا فرنسيس المهاجرين الشّباب الذين قدّموا شهاداتهم، وقال: "لقد أثَّرت فيّ كثيرًا، وأشار إلى أنّ ذلك ليس مجرّد شعور بل أكثر من ذلك بكثير: إنّه التّأثّر الذي يأتي من جمال الحقيقة. كما حين هتف يسوع:" أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَواتِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وكَشفتَها لِلصِّغار"(متى ١١، ٢٥). أنا أيضًا أحمد الآب السّماويّ لأنّ هذا يحدث اليوم هنا – وفي العالم كلّه أيضًا –: يكشف الله للصّغار ملكوته، ملكوت المحبّة، العدالة والسّلام."

وأضاف "أنّه بعد الإصغاء إليهم، نفهم بشكل أفضل كلّ القوّة النّبويّة لكلمة الله التي تقول من خلال بولس الرّسول: " فلَستُم إِذاً بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله" (أفسس ٢، ١٩). وأشار إلى "أنّها كلمات كُتبت لمسيحيّي أفسس، كلمات بعيدة جدًا في الزّمن، إنّما قريبة جدًا وآنيّة أكثر من أيّ وقت مضى، كما لو أنها كُتبت لنا اليوم: "لستم غرباء، بل مواطنون". هذه هي نبوءة الكنيسة: جماعة – ومع كلّ محدوديّتها البشريّة – تجسّد حلم الله". 

وتابع متوقّفًا عند الشّهادة التي قدّمتها شابّة من جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة التي قالت إنّها "مليئة بالأحلام"، وقال: إنّ الله يحلم مثلكِ بعالم سلامٍ يعيش فيه أبناؤه كإخوة وأخوات."

وأشار إلى "أنّ حضور المهاجرين هو معبّر جدًا في هذا الاحتفال، وإلى أنّ شهاداتهم هي "كمرآة" لنا نحن الجماعات المسيحيّة." وتوقّف أيضًا عند الشّهادة التي قدّمتها شابّة من سريلانكا قالت "غالبًا ما يسألوني مَن أنا"، وقال: "إنّها تذكّرنا بأنّه يُطرح علينا أيضًا في بعض الأحيان هذا السّؤال "مَن أنت؟"." وذكّر من ثمّ بما قالته: لسنا أرقامًا وأفرادًا يجب تصنيفهم؛ نحن "إخوة"، "أصدقاء"، "مؤمنين"، "قريبين" من بعضنا البعض. وتابع مشيرًا إلى الشّهادة التي قدّمها شاب من الكاميرون قائلًا "إنّه جُرح خلال حياته بسبب الكراهيّة، ويترك ذلك أثرًا عميقًا، يدوم طويلًا. إنّه سمّ من الصّعب جدًّا إزالته، إنّها عقليّة معوجّة، تجعلنا نرى بعضنا كخصوم، بدلاً من أن نعترف أنّنا إخوة."

وتوقّف أيضًا عند الشّهادة التي قدّمها شاب من العراق قال إنّه "شخص في سفر"، وأشار البابا "إلى أنّه يذكّرنا بأنّنا نحن أيضًا جماعة في سفر، في مسيرة من النّزاع إلى الشّركة. على هذه الدّرب الطّويلة لا ينبغي أن تُخيفنا الاختلافات التي بيننا إنّما انغلاقاتنا وأحكامنا المسبقة التي تمنعنا من اللّقاء حقًّا والسّير معًا. إنّ الانغلاقات والأحكام المسبقة تُعيد بناء الجدار الفاصل الذي هدمه المسيح، أيّ العداوة (راجع ٢ أفسس، ١٤). وهكذا تستطيع مسيرتنا نحو الوحدة الكاملة أن تقوم بخطوات إلى الأمام بقدر ما نُبقي معًا أنظارنا شاخصة إلى يسوع، هو "سلامنا" (المرجع نفسه)، و"حجر الزّاوية" (الآية ٢٠). وهو الرّبّ يسوع يأتي للقائنا بوجه الأخ المهمّش. بوجه المهاجِر المحتَقر والمرفوض. ولكن أيضًا، بوجه المهاجر الذي يسافر نحو شيء ما، نحو رجاء، نحو تعايش أكثر إنسانيّة.هكذا يكلّمنا الله من خلال أحلامكم. يدعونا نحن أيضًا إلى عدم الاستسلام لعالم منقسم، وجماعات مسيحيّة منقسمة، بل إلى السّير في التّاريخ منجذبين إلى حلم الله: بشريّة بدون جدران فاصلة، متحرّرة من العداوة، لا غرباء فيها بل مواطنون. مختلفون، بالتّأكيد، وفخورون بخصوصيّاتنا التي هي عطيّة من الله، ولكن مواطنون متصالحون."

وأمل البابا فرنسيس "أن تتمكّن هذه الجزيرة المطبوعة بانقسام مؤلم، من أن تصبح بنعمة الله مختبرًا للأخوّة. إنّها تستطيع أن تكون هكذا بشرطيْن، الأوّل هو الاعتراف الفعليّ بكرامة كلّ شخص بشريّ (راجع الرّسالة العامّةFratelli tutti، ٨): هذا هو الأساس الأخلاقيّ، أساس عالميّ هو أيضًا في محور العقيدة الاجتماعيّة المسيحيّة. والشّرط الثّاني هو الانفتاح الواثِق على الله أب الجميع؛ وهذه هي "الخميرة" التي نحن مدعوّون لأن نحملها كمؤمنين (راجع المرجع نفسه، ٢٧٢). وهكذا، من الممكن أن يُترجم الحلم إلى رحلة يوميّة، مكوّنة من خطوات ملموسة. مسيرة صبورة تُدخلنا، يومًا بعد يوم، إلى الأرض التي أعدّها الله لنا، الأرض التي إن سألوكَ فيها: "من أنت؟"، تستطيع أن تجيب بصراحة "أنا أخوك"."