الفاتيكان
02 أيلول 2024, 07:20

صرخة الأرض

تيلي لوميار/ نورسات
أعاصير وحرائق وأمواج تسونامي وجفاف وذوبان أنهار جليديّة: إنّ صرخة الأرض، التي يرويها البابا في فيديو شهر أيلول/سبتمبر، تُسمَع أكثر فأكثر، بحسب ما كتبت "فاتيكان نيوز عربيّة".

 

تظهر الصور التي ترافق كلمات البابا فرنسيس آثار أزمة المناخ على البشر: أشخاص يهربون من الكوارث البيئيّة، وأعداد المهاجرين تتزايد بسبب تأثيرات المناخ، وأطفال يضطرّون إلى السفر لعشرات الكيلومترات بحثًا عن بعض الماء. "إنّ الذين يتألّمون بشكل أكبر بسبب عواقب هذه الكوارث - يقول البابا فرنسيس - هم الفقراء، الذين يُجبرون على ترك منازلهم بسبب الفيضانات أو موجات الحرّ أو الجفاف".        

وقد تأكّدت مخاوف البابا من خلال دراسات موثوقة: وفقًا للمنتدى الاقتصاديّ العالميّ، تنتج البلدان المنخفضة الدخل عُشر الانبعاثات، ولكنّها الأكثر تضرّرًا من تغيّر المناخ. وتشير التقديرات إلى أنْ بحلول عام ٢٠٥٠، سوف يجبر تغيّر المناخ غير المنضبط أكثر من ٢٠٠ مليون شخص على الهجرة داخل بلدانهم ويدفع ١٣٠ مليون شخص إلى الفقر.

إنّ "مكافحة الفقر" و"حماية الطبيعة"، بالنسبة إلى البابا فرنسيس، هما طريقان متوازيان يجب اتّباعهما بالطريقة عينها: "من خلال تغيير عاداتنا الشخصيّة وعادات جماعتنا". وبالتالي، يمكن للإنسان، ضحيّة الأزمة البيئية، أن يكون أيضًا صانع التغيير، وتظهر ذلك صور فيديو البابا: من إدارة النفايات إلى التنقّل، مرورًا بالزراعة والسياسة، هناك الكثير ممّا يجب القيام به وهذا كلّه يتوقّف علينا. لأنّ مصير الإنسان ومصير الخليقة - كما أعاد البابا فرنسيس التأكيد في حبريّته، أوّلًا في رسالته العامّة "كن مسبّحًا" (٢٠١٥) ثمّ في الإرشاد الرسوليّ "Laudate Deum" (٢٠٢٣) – لا يمكن فصلهما.

تتماشى هذه التأمّلات أيضًا مع رسالة قداسة البابا بمناسبة اليوم العالميّ للصلاة من أجل العناية بالخليقة ٢٠٢٤، والتي موضوعها هذا العام هو تأمّل لاهوتيّ مستوحى من رسالة القدّيس بولس إلى أهل روما: "الرجاء والعمل مع الخليقة". "إنّ حماية الخليقة هي إذًا مسألة لاهوتيّة وأخلاقيّة في المقام الأوّل: هي تتعلّق في الواقع بالتشابك بين سرّ الإنسان وسرّ الله"، يقول البابا في رسالته، ويضيف: "ما هو على المحكّ ليس فقط حياة الإنسان الأرضيّة في هذا التاريخ، وإنّما وبشكل خاصّ هناك مصيره في الأبديّة".

سيبدأ زمن الخليقة – وهو مبادرة من دائرة التنمية البشريّة المتكاملة تعزّز الاحتفال بالحياة وحماية خليقة الله – في الأوّل من شهر أيلول/سبتمبر وينتهي في الرابع من تشرين الأوّل/أكتوبر، عيد القدّيس فرنسيس الأسّيزيّ، شفيع الإيكولوجيا.

أعلن الكاردينال مايكل تشيرني، عميد دائرة التنمية البشريّة المتكاملة: "إنّ الخليقة تئن. وسبب ألمها هو الإنسان، الذي كان في الأصل حارسًا وأمسى مسيطرًا، والذي "يضع الأرض بغطرسة في حالة بؤس، أي خالية من نعمة الله". ومع ذلك، في رسالة اليوم العالميّ للصلاة من أجل العناية بالخليقة، يدعونا الأب الأقدس، كمسيحيّين، إلى الرجاء والعمل مع الخليقة، وهو ما يمكننا ترجمته بالعيش في الإيمان، أي بالإصغاء إلى الروح القدس، الذي هو محبّة، ليس فقط تجاه القريب، بل أيضًا تجاه الخليقة، التي هي عمل الله وبالتالي مرتبطة بالإنسان. من خلال تحرير الأرض فقط من حالة العبوديّة التي أخضعناها لها، سنصبح نحن أيضًا أحرارًا، نستبقي فرح الخلاص في المسيح.