لبنان
19 نيسان 2024, 07:05

صرحٌ رحبانيّ للفيلوكاليا في كنف عروسة التلّة البلمنديّة

تيلي لوميار/ نورسات
أكاديميا جديدة على تلّة البلمند للـ"ظاهرة الرحبانيّة، هذه البوتقة التي صبغت الكلمة وعمّدتها بالشعرِ وميرَنَتْها بالنغم فأرقصتْها لحنًا على شفاه الأجيال". بحضورٍ رسميٍّ وفنيٍّ وشعبيّ، افتتح البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس "أكاديميا الياس الرحباني" في حرم جامعة البلمند.

ألقى البطريرك كلمةً في المناسبة جاء فيها:

 

"أيّها الأحبّة،

وللرحابنة نغمٌ من نور شاءه أبو الأنوار و"ساكن العالي" أن يلفح البلمند. ومن أنطلياس التلّة التي تلثم جبين الشمس، من أنطلياس الحضنِ الذي ترعرع فيه الرحابنة إلى البلمند التلّة التي يغسل البحر قدميها وتلثم وجه الأرز الخالد وثلجه "الختيار" حكايةُ عشق الرحابنة للجمال، للفيلوكاليا أي "لحبّ الجمال"، للطبيعة، وللوطن وللضيعة العتيقة، للشرق وللبنان وللأرز الذي قُدّ الخلود من خشبه وتجلبب النور نصاعتَهُ من بياض ثلجه.

من موسيقى الرحابنة ومن دفء صوت فيروز الساجد أمام الصليب والذي أدفأ البلمند سنة 1992 نطلُّ اليوم لنرفع سبحًا إلى الخالق المعطاء، إلى أبي الأنوار، إلى "شمس المساكين ونبع الينابيع وسيّد العطايا". نطلّ اليوم لنضيء على الياس الرحباني الغصن النديّ من ذاك الإرث الرحبانيّ العظيم. نطلّ اليوم على "ليل وأوضة منسية" سكبها ذاك الرحبانيُّ يومًا ما بروحه الجميلة المتموِّجة في ثنايا أرواحنا. نطلّ لنقول كلمة حقّ بسيطةٍ تجاه أبناء كنيسة أنطاكية الذين وشّحوا الكلمة سربال النغم فاستقرّت في القلوب. نطلّ اليوم لنفتتح أكاديميا "الياس الرحباني" في كنف جامعة البلمند عروسة التلّة البلمنديّة بديرها الخالد ومؤسّساتها العديدة.

 

نطلّ اليوم لنقول إنّ الكلمة والشعر والموسيقى هي أعمدة الهيكل الرحبانيّ في قلوب كلٍّ منّا. ليس هذا فحسب، لا بل إنّ الكلمة والشعر والموسيقى تجتمع لدى هذا البيت وتتمخّضُ في نورانيّةٍ ولا أحلى، نورانيّةٍ أرخت أشعّتها على لبنان والشرق والعالم أجمع.

 

ليس للكلام البسيط أن يصف هذه الظاهرة الرحبانيّة، أو هذه البوتقة التي صبغت الكلمة وعمّدتها بالشعرِ وميرَنَتْها بالنغم فأرقصتْها لحنًا على شفاه الأجيال.

 

ولأنّ كنيسة أنطاكية تؤمن بالتجسُّد وتتكلّم عن الملموس في اللاهوت وفي غيره من العلوم وتتوسّلُ ما يُرى لتُقارِب ما لا يُرى وهي بهذا الشأن آرسطيّة الفكر والمنحى تنطلق دومًا من الملموس والمدرَك لتناجي ما تَسامى على الحواس، نطلّ اليوم لنفتتح هذه الأكاديميا محاولين أن نتلمّس روح موسيقى الياس الرحباني جسدًا عبر هذه الأكاديميا، جسدًا من خلاله نلج إلى أعماق هذا الكبير. نطلّ اليوم لنحيِّيَ إرث الياس الرحباني بشخص ابنه العزيز غسّان الذي أوجد فكرة أكاديميا الياس الرحباني وجسّدها مع الجامعة في البلمند.

 

ومهما قيل ويقال، تبقى الكلمةُ المجرَّدة عاجزةً أمام موسيقى الكلمة والشعر وتبقى كلماتي مفلسةً أمام إرث الرحابنة. رحم الله الياس الرحباني الخالد بذكراه إلى جانب أخويه عاصي ومنصور. أطال الله بعمر فيروز التي لم نعرفها في هذه الأيّام إلا راكعةً أمام ملك المجد ومرنِّمةً لآلامه ولدرب صليبه. بارككم الله جميعًا وبارك هذه الأكاديميا.  

عشتم وعاشت جامعة البلمند وعاش لبنان".