الفاتيكان
13 شباط 2020, 06:00

صدور الإرشاد الرّسوليّ ما بعد السّينودس حول الأمازون Querida Amazonia

تيلي لوميار/ نورسات
Querida Amazonia عنوان اختاره البابا فرنسيس للإرشاد الرّسوليّ ما بعد سينودس الأساقفة حول منطقة الأمازون الذي عُقد في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

في بدايته، أشار البابا "أنّ منطقة الأمازون الحبيبة تطهر للعالم بكلّ بهائها، ومأساتها، وسرّها"، وعرِّف في النقاط الأولى بمعنى الإرشاد الرّسوليّ مؤكّدًا أنّه لن يعرض فيه جميع القضايا المذكورة بالتّفصيل في الوثيقة الختاميّة لسينودس الأساقفة حول الأمازون، وأنه ولا ينوي استبدالها أو تكرارها بل أن يقدّم إطارًا موجزًا للتّفكير بحسب ما أورد "فاتيكان نيوز". 

وتحدّث البابا في النقاط التالية عمّا وصفه بأحلام لمنطقة الأمازون، وهي أربعة أحلام كبيرة وهي "الحلم بأمازون يناضل من أجل حقوق الفقراء، والشّعوب الأصليّة، والمهمّشين، وحيث يُسمع صوتهم وتُعزّز كرامتهم، بأمازون يحافظ على تلك الثّروة الثّقافية التي تميّزه، وحيث يسطع جمال الإنسان بأشكاله المتنوعّة، بأمازون يحمي بغيرة الجمال الطّبيعيّ السّاحر الذي يزيّنه، والحياة الزّاخرة التي تملأ الأنهار والغابات، ثم بجماعات مسيحيّة قادرة على بذل الذّات والتّجسّد في منطقة الأمازون، إلى حدّ منح الكنيسة وجوهًا جديدة ذات ملامح أمازونيّة."

في الفصل الأوّل، تحدثّ البابا عمّا وصفه بـ "حلم اجتماعيّ"، فقال إنّ "النّهج البيئيّ الحقيقيّ يتحوّل دائمًا إلى نهجٍ اجتماعيٍّ عليه أن يُدرج العدالة في المناقشات حول البيئة، كي يَسمع نداء الأرض كما وصرخة الأكثر فقرًا." وتناول البابا فيه "الظّلم والجرائم" فتحدّث عن "المصالح الاستعماريّة التي نشرت وساهمت في نشر – بطريقة شرعيّة وغير شرعيّة - قطع الأخشاب وتصنيع المعادن، وما لهذا من تبعات مثل حركات الهجرة الأخيرة للسكّان الأصليّين نحو ضواحي المدن. ولم يجدوا فيها أيّ تحرّر حقيقيّ من مأساتهم بل أسوأ أشكال العبوديّة، والخضوع، والبؤس. وفي هذه المدن، التي تتميّز بعدم مساواة فادحة، وحيث يعيش معظم سكّان الأمازون اليوم، يزداد أيضًا الكره تجاه الغرباء، ويزداد الاستغلال الجنسيّ والاتجار بالبشر"، مذكّرًا باستنكار سلفه بندكتس السّادس عشر "الدّمار البيئيّ في الأمازون وكلّ ما يهدّد كرامة سكّانه"، مشيرًا إلى "ما يتعرّض له السّكان الأصليّون في هذه المنطقة من قِبل السّلطات سواء محلّيّة أو خارجيّة." كما ذكر البابا "تصرّفات اقتصاديّة تؤدّي إلى ظلم وجرائم مثل التّدمير والقتل والفساد" وأكّد أنّه، وكما قال القديس البابا يوحنّا بولس الثّاني، "لا نقدر أن نسمح بأن تتحوّل العولمة إلى شكل جديد من الاستعمار. وأمام هذه الجرائم علينا التّعبير عن الاستياء وطلب المغفرة"، مشيرًا إلى "الحاجة إلى بناء شبكات تضامن وتنمية." كما تحدّث عن "الحسّ الجماعيّ القويّ لدى الشّعوب الأصليّة في الأمازون وتأثُّر العلاقات الإنسانيّة بالطّبيعة المحيطة بالشّعوب"، وعن "المفعول التّفككي لفقدان الجذور الذي يعيشه السّكان الأصليّون الذين يضطرون إلى الهجرة إلى المدن"، وعن "الحوار المجتمعيّ" وتمنّى "أن تكون منطقة الأمازون مكان حوار في المقام الأوّل مع الآخرين".

في الفصل الثّاني، تحدّث البابا عن "الحلم الثّقافيّ" وأكّد "أنّ تعزيز الأمازون لا يعني استعمارها ثقافيًّا إنّما مساعدتها على أن تستفيد من أفضل ما لديها، هذا هو معنى أرقى عمل تربويّ: أن نزرع بدون أن نحصد، وننمّي بدون أن نُضعِف الهويّة، ونعزّز بدون أن نغزو"، مشيرًا إلى "كون الأمازون متعدّدة الوجوه"، مشدّدًا على "أهميّة الاعتناء بالجذور وأنّ الرّؤية الاستهلاكيّة لدى الكائن البشريّ، والتي تشجّعها آليات الاقتصاد الحاليّ المعولم، تميل إلى صهر الثّقافات في بوتقة واحدة وبالتّالي إضعاف التّنوّع الثّقافيّ الهائل، والذي يشكّل ثروة للإنسانيّة." وتحدّث عن "اللّقاء بين الثّقافات" وقال في هذا السّياق أنّه "لا يريد أن يقترح على الّسكّان الأصليّين تعلّقًا بالهويّة مغلقًا بالكامل، خارجًا عن أيّ اعتبار تاريخيّ، صارمًا، يرفض أيّ نوع من أنواع التّمازج. من الممكن في الأمازون، حتّى بين الشّعوب الأصليّة المتنوّعة، تنمية علاقات بين الثّقافات حيث التّنوّع لا يعني التّهديد، ولا يبرّر التّسلسل الهرميّ لهيمنة البعض على الآخرين، بل يعني الحوار، انطلاقًا من رؤى ثقافيّة مختلفة، وفيه الاحتفال، وإقامة العلاقات المتبادلة وتجديد للرّجاء." وإختتم بالحديثعن ثقافات مهدَّدة وشعوب في خطر، وذكّر أنّه "من الضّروري تَبَنِّي تطلّعات حقوق الشّعوب والثّقافات، وثمَّ الإدراك أنّ تطوّر مجموعة اجتماعيّة [...] يتطلّب الجهد المستمرّ للجهات الاجتماعيّة المحلّيّة الفعّالة انطلاقًا من ثقافتها الخاصّة."

في الفصل الثاّلث تحدّث قداسته عن "الحلم الإيكولوجيّ"، وعن "العلاقة الوثيقة في منطقة الأمازون بين الكائن البشريّ والطّبيعة، وعن "مساعدة قلب الإنسان على الانفتاح بثقة أمام الله الذي لم يخلق فقط كلّ ما هو موجود، بل وهب ذاته لنا في يسوع المسيح. الرّبّ، الذي يعتني بنا أوّلًا، يعلّمنا أن نعتني بإخوتنا وأخواتنا، وبالبيئة التي يمنحها لنا كلّ يوم"، وعن "صرخة الأمازون"، وأشار إلى أنّ "توازن الكوكب يعتمد أيضًا على صحّة الأمازون، ومن أجل الاعتناء بالأمازون من الجيّد أن نجمع بين حكمة الأجداد والمعرفة التّقنيّة المعاصرة، ولكن أن نسعى أيضًا إلى التّدخّل على الأرض بطريقة مستدامة ونحافظ في الوقت نفسه على أسلوب حياة السّكّان وأنظمة قيمهم." كم تحدّث عن "التّربية والعادات البيئيّة".

في الفصل الرّابع، تحدّث البابا عن "الحلم الكنسيّ"، وعن "البشارة الضروريّة في منطقة الأمازون" وقال "إنّ على المهمّة الإرساليّة، إذا كانت ترغب في تنمية كنيسة ذات وجه أمازونيّ، أن تنمو في ثقافة اللّقاء نحو انسجام تعدّديّ. لا يكفي توجيه رسالة اجتماعيّة إلى الفقراء والمنسيّين. إنّنا إذا بذلنا حياتنا من أجلهم، من أجل العدالة والكرامة التي يستحقّونها، لا يمكننا أن نخفي عنهم أنّنا نقوم بذلك لأنّنا نرى فيهم المسيح ولأنّنا نكتشف الكرامة الهائلة التي منحهم إياها الله الآب الذي يحبّهم إلى ما لا نهاية." كما تحدّث عن الانثقاف ومساراته في الأمازون، انثقاف مجتمعيّ وروحيّ وعمّا وصفها بنقاط انطلاق من أجل قداسة أمازونيّة، وأشار هنا إلى "شهادات قداسة ذات وجه أمازونيّ، لا تستنسخ نماذج من أماكن أخرى، قداسة مصنوعة من اللّقاء والتّفاني، والتّأمّل والخدمة، والوحدة المضيفة والحياة المشتركة، من اتّزان فَرِح ونضال من أجل العدالة؛ انثقاف اللّيتورجيا والخدمة الكهنوتيّة وهذا يتطلب من الكنيسة استجابة خاصّة وشجاعة. من الضّروري تهيئة الخدمة الكهنوتيّة بحيث تستطيع تأمين عدد أكبر من القداديس، حتّى في الجماعات البعيدة والخفيّة"، مشيرًا إلى "أهميّة تحديد ما هو خاصّ بالكاهن ولا يمكن تفويضه. إن ّالجواب هو في درجات الكهنوت المقدّس، الذي يجعله يتشبّه بالمسيح الكاهن. والنّتيجة الأولى هي أنّ هذا الطّابع الحصريّ الذي يناله من الدرجة الكهنوتيّة يمكّنه وحده من الاحتفال بالقدّاس الإلهيّ. ولتأمين الخدمة الكهنوتيةّ في الأمازون، ولاسيّما في أدغالها وأماكنها النّائية، يجب أن نجد طريقة لتأمين هذه الخدمة الكهنوتيّة." وحث جميع الأساقفة، خاصّة أساقفة أمريكا اللّاتينية، "ليس فقط على تعزيز الصّلاة من أجل الدّعوات الكهنوتيّة، ولكن أيضًا لأن يكونوا أكثر سخاءً، فيوجّهوا الذين يُظهِرون الرّغبة في تلبية الدّعوة إلى حياة إرساليّة لاختيار الأمازون. في الوقت نفسه، من المناسب مراجعة بنية ومحتوى التّنشئة الأساسيّة والتّنشئة الدّائمة للكهنة، حتى يكتسبوا المواقف والقدرات اللّازمة من أجل فتح حوار مع ثقافات الأمازون. وعلى هذه الّتنشئة أن تكون رعويّة وأن تعزّز تنمية الرّحمة الكهنوتيّة." وتحدّث أيضًا عن ضرورة "أن يتحمّل العلمانيّون أيضًا مسؤولياّت هامّة من أجل نموّ الجماعات، إنّها ليست مسألة تسهيل حضور عدد أكبر من الكهنة الذين يمكنهم الاحتفال بالإفخارستيّا، فهدف كهذا يكون محدودًا للغاية إذا لم نحاول أيضًا خلق حياة جديدة في الجماعات." وتحدّث هنا عن "ثقافة كنسيّة خاصّة مطبوعة بحضور علمانيّ واضح تتطلب المشاركة النّاشطة والواسعة النّطاق للعلمانيّين"، وعن "المكرّسين ولما للحياة المكرّسة من مكانة خاصّة في التّكوين التّعدديّ والمتناغم لكنيسة الأمازون." وشجّع على "تعميق المهمّة المشتركة التي تنفّذها الشّبكة الكنسيّة لعموم الأمازون (REPAM) والجمعيّات الأخرى، بهدف تعزيز ما طالبت به وثيقة أباريسيدا، وعلى ضرورة التّفكير في مجموعات إرساليّة متجوّلة بسبب التّنقل الدّاخلّي الكبير في منطقة الأمازون والهجرة المستمرة." وفي حديثه عن المرأة وقوّتها وموهبتها، أشار إلى "وجود جماعات في الأمازون حافظت على نفسها ونقلت الإيمان لفترة طويلة بفضل وجود نساء أقوياء وسخيّات"، ودعا إلى "تجنّب اختزال فهمنا للكنيسة إلى هيكليّات وظيفيّة لأنّ هذا يقود إلى الاعتقاد بأنّه يمكن منح المرأة مكانة ومشاركة أكبر في الكنيسة فقط إذا مُنحت الحقّ في نوال الدّرجات الكهنوتيّة. تقدّم النّساء مساهمتهنّ في الكنيسة وفقًا لطريقتهنّ الخاصّة، وعبر استكمال قوّة مريم وحنانها، مريم الأمّ." ودعا إلى "إنشاء خدمات أخرى ومواهب خاصّة بالنّساء تستجيب للاحتياجات الخاصّة لشعوب الأمازون في هذه الحقبة التّاريخيّة." وإختتم هذا الفصل بالحديث عن "التّعايش المسكونيّ والمتعدّد الأديان، وعن حاجة المؤمنين في منطقة الأمازون المتعدّدة الأديان إلى إيجاد مساحات للتّحدّث والعمل معًا من أجل الصّالح العامّ ومساعدة الفقراء."

وإختتم البابا فرنسيس الإرشاد الرّسولّي ما بعد السّينودس Querida Amazonia  بصلاة إلى أم منطقة الأمازون، أبرز ما جاء فيها: "يا أمّنا، انظري إلى فقراء الأمازون لأنّ بيتهم يتهدّم بسبب مصالح دنيئة. إلمسي حساسيّة أصحاب السّلطة لأنّكِ، حتّى وإن كنّا نشعر أنّه قد فات الأوان، توجّهين الدّعوة إلينا كي ننقذ ما لا يزال حيًّا."