لبنان
19 شباط 2025, 06:55

شبيبة لبنان الكاثوليك "حجّاج الرّجاء" التقوا في بكركي، والتّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
في لقائهم الثّالث ضمن سلسلة اللّقاءات الّتي تستضيفها الكنائس الكاثوليكيّة في لبنان لمناسبة السّنة اليوبيليّة المقدّسة، حطّ الشّباب "حجّاج الرّجاء" رحالهم، يوم الأحد، في الصّرح البطريركيّ المارونيّ في بكركي، حيث استضافت الكنيسة المارونيّة اللّقاء، بتنظيمٍ من مكتب راعويَّة الشّبيبة في الدّائرة البطريركيَّة المارونيَّة Bkerke Jeune بالتّعاون والتّنسيق مع اللّجنة الوطنيّة لرّاعويّة الشّبيبة في الكنائس الكاثوليكيّةApecl Jeune ، وذلك رعاية وحضور سيّد الصّرح البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي.

وقد شارك في هذا اللّقاء مسؤولو الشّبيبة من كلّ الكنائس الكاثوليكيّة (الرّوم الملكيّين والسّريان والكلدان والأرمن واللّاتين) ومسؤولو لجان الشّبيبة في الأبرشيّات المارونيّة ومسؤولو الحركات والجمعيّات والجماعات الكنسيّة إلى جانب المرشدين والمكرّسين والمكرّسات.

وفي التّفاصيل، استُهلّ اللقاء بالقدّاس الإلهيّ الّذي احتفل به البطريرك الرّاعي مع لفيفٍ من الأساقفة والإكليروس، عاونه فيه مرشد مكتب راعويّة الشّبيبة البطريركيّ والمشرف عليه الخوري جورج يَرَق، ومرشد اللّجنة الوطنيّة لراعويّة الشّبيبة في الكنائس الكاثوليكيّة والخوري شربل دكّاش، ومؤسّس جمعيّة سعادة السّماء والأب مجدي علّاوي الّذي احتفل بمرور 17 سنة على تأسيس جمعيّته، بحضور المؤمنين وشخصيّاتٍ رسميّة أمنيّة وسياسيّة واجتماعيّة.

بعد القدّاس، وبحسب ما نشر مكتب راعويّة الشّبيبة على صفحته على فيسبوك، "توجَّه المشاركون إلى مسرح الصّرح البطريركيّ حيث رحَّب الأمين العامّ الجديد لمكتب راعويّة الشّبيبة، السّيّد الياس القصذيفي، بالحاضرين معربًا عن فرحه الكبير باستضافتهم في هذا الصّرح المبارك، بيت الشّبيبة الأبويّ، واعدًا إيّاهم بعيش اختبارٍ مميّزٍ بنكهةٍ مارونيّةٍ خاصَّة، ومشدِّدًا على جهوزيّة المكتب لكلّ تعاونٍ مع كلّ الكنائس والأبرشيّات والحركات والجمعيّات والجماعات في حقل الرّسالة لما فيه خير الكنيسة والشّبيبة. وقد دعا الشّبيبة ليزرعوا بذار الرّجاء في القلوب بالكلمة والعمل والشّهادة الصّادقة للحبّ والسّلام لمستقبلٍ أفضل. بعدها كانت كلمةٌ ترحيبيَّة لمنسّق اللّجنة الوطنيّة لراعويّة الشّبيبة، الأستاذ المحامي روي جريش، شدَّد فيها على أهمّيّة لقاءات "حُجّاج الرّجاء" الّتي تسمح لنا بعيش فرح المحبّة الأخويّة والتّعرُّف أكثر على غنى كنيستنا. وقال إنّ هذا المشروع الحلم الّذي يدخل في صلب رسالة اللّجنة الوطنيّة يكمن في السّير معًا بخُطى ثابتة نحو راعويّة شبابيّة متجدِّدة. وهذا الأمر لا يتحقَّق إلّا بالعودة إلى تاريخنا وتقاليدنا، والعودة إلى ينابيع وكنوز كنائسنا الشّرقيّة. وإنّ هذا المسير الّذي نسيره معًا يهدف إلى التّعرُّف على كنائسنا في سنة اليوبيل قبل الانطلاق إلى روما والمشاركة في يوبيل الشّبيبة. وأضاف إنّنا نقف اليوم في حضرة التّاريخ في الكنيسة المارونيّة، الكنيسة الّتي حملت قضيّة الحرّيّة وقضيّة الإنسان في لبنان والعالم. وشكر في ختام كلمته مكتب راعويّة الشّبيبة الّذي نظَّم هذا اللّقاء.

ثمّ تعرّف الشّبيبة على روحانيّة مار مارون والقدّيسين الموارنة، مع الخوري جورج يَرَق، الّذي استعرض وجهَين من وجوه الرّجاء. الوجه الأوّل، الرّجاء المتجلّي في جمال الطّبيعة المعطاة لنا وبخاصَّةٍ جمال وادي قاديشا الّذي عاش فيه الموارنة ومنه انطلق الإيمان المارونيّ وحُفظ فيه. وأمّا الوجه الثّاني للرّجاء، فهو الدّمّ الثّمين الّذي بذله الموارنة للحفاظ على هذا الإيمان. إنّه وجه الرّجاء المناضل والمجاهد. كما واستعرض حقبات من تاريخ الكنيسة المارونيّة ابتداءً من الشّهداء الـ350 تلاميذ مار مارون، ومجمع خلقيدونية، إلى البطريرك دانيال الحدشيتي الّذي استشهد على يد المماليك عام 1282، ثمّ البطريرك جبرائيل من حجولا الّذي استشهد على يد المماليك حرقًا في طرابلس عام 1367، إلى غصيبة كيروز الوجه المشرق الّذي استشهد لأجل إيمانه بالمسيح في بعلبك عام 1975. وأنهى حديثه بوجه الرّجاء الجميل، الوجه الشّافي، مع القدّيس شربل الّذي يُمثِّل المارونيّة بكلّ أبعادها وبخاصَّةٍ في بُعدها الشّفائيّ. كما شدَّد على أنّ الرّجاء الّذي عاشته الكنيسة المارونيّة لم تستأثر به بل نقلته لكل الكنائس الشّقيقة المضطهَدة.

بعد ذلك، شارك الشّبيبة ضمن مجموعات في حلقات حوار حول الإرشاد الرّسوليّ للبابا فرنسيس "المسيح يحيا" Christus vivit، تلاها جولة في الصّرح البطريركيّ ومتحفه.

ثمّ، تشارك الحاضرون لقمة محبّة بطابعٍ مارونيّ وسط أجواءٍ مليئة بالفرح والأخوّة والرّجاء والمحبّة.

وبعد الغداء، شارك الشّبيبة في ٣ ورش عمل: أوّلًا، ورشة عمل حول تاريخ الكنيسة المارونيّة مع الدّكتور إيلي الياس. ثانيًا، ورشة عمل حول الفنّ والموسيقى في الكنيسة المارونيّة مع الأب خليل رحمة. وثالثًا، ورشة عمل حول اللّيتورجيا المارونيّة مع الخوري غابريال مطر.

إختُتم اللّقاء بكلمة من غبطة البطريرك عن الكنيسة المارونيّة، جاء فيها: "الكنيسة المارونيّة هي كنيسة أنطاكية سريانيّة خلقدونيّة وبطريركيّة ذات طابع نُسكيّ لأنّها ولدت ككنيسة من رحم الأديار، لذلك يلبس الأسقف الإسكيم الرّهبانيّ علامة لذلك. هي كنيسة متّحدة كليًّا مع روما ولم تنفصل أبدًا عنها. كما ولم تنقسم أبدًا على ذاتها، وهذه ميّزتها. وبنتيجة ذلك، دفعت الثّمن غاليًا، وواجهت الاضطهادات من كلّ الجهات. هي كنيسة متجسِّدة في لبنان والمشرق وعالم الانتشار… إنّ الحرّيّة هي الكنز الأساسيّ عند الموارنة.. لقد كُتب تاريخ المارونيّة وترسَّخ في لبنان.. لذلك نُطلق على لبنان تسمية الوطن الرّوحيّ للموارنة مهما كانت جنسيّتهم ومن أيّ بلدٍ كانوا… هي كنيسة متجسِّدة في المشرق فرسالتها تكمن في العيش مع الإخوة المسلمين.. وهي كنيسة الانتشار بسبب انتشار أبرشيّاتها في القارّات الخمس… الكنيسة المارونيّة قويّة بأساقفتها وأبرشيّاتها ورهبانيّاتها ومؤسّساتها… كما ويشكلّ الموارنة والمسيحيّون في لبنان قوّةً كبيرة بمدارسهم وجامعاتهم ومؤسّساتهم… وختم غبطته قائلاً، نحن جماعة الرّجاء، والرّجاء هو الفضيلة الّتي يُحبُّها الرَّبّ.. لأنّ الرّجاء مؤسَّسٌ على الإيمان ويتغذّى من المحبّة.. يأخذ من الإيمان الصّمود، ويأخذ من المحبّة الغذاء. لذلك يُطلَق علينا كلّنا كمسيحيّين اسم "أبناء وبنات الرّجاء". لا وجود لليأس والقنوط والضّياع عندنا. الرّجاء ثابت بإيمانه. على هذا الرّجاء نتّكل وبهذا الرّجاء يتجلّى الرَّبّ يسوع المسيح سيّد التّاريخ الّذي يتدخّل ساعة يشاء وكما يشاء وبالطذرق الّتي يُريدها.. لطالما مرّ لبنان بظروف صعبة ووصل إلى شفير الهاوية في الكثير من المراحل التّاريخيّة غير أنّ يدًا غير منظورةٍ كانت تتدخّل وتمنعه من السّقوط، إنَّها يد الرَّبّ يسوع المسيح.. وقدّيسي لبنان.. لقد تزامن تطويب القدّيس شربل مع الحرب اللّبنانيّة الّتي كانت مستعرة آنذاك.. وكذلك كلّ القدّيسين أُعلنوا في زمن الحرب: مار شربل والقدّيسة رفقا ومار نعمة الله الحرديني والطّوباويّ إسطفان والأب يعقوب الكبّوشيّ والطّوباويّين المسابكيّين الثّلاثة والطّوباويَّين ليونار وتوما… والبطريرك الدّويهيّ، أهمّ بطريركٍ في الكنيسة المارونيّة الّذي أوجد كلّ شيء من العدم، فقد كتب التّاريخ واللّاهوت واللّيتورجيا… كلّ هذه العلامات دليل على أنّ السّماء تُخاطبنا، فكيف لا نعيش في الرّجاء؟ نحن أبناء وبنات الرّجاء، والرّجاء لا يُخيّب. هذه الكلمة الّتي اختارها قداسة البابا ليوبيل سنة 2025 والّتي اخترتموها أنتم أيضًا "حُجّاج الرّجاء"، هي أهمّ فضيلة مسيحيّة.

وبعد الكلمة، كان حوارٌ عفويٌّ بين غبطته والشّبيبة طال العديد من المواضيع الرّوحيّة والحياتيّة العمليّة والوطنيّة. كما وتزوّدوا بنصائحه وتوجيهاته الأبويّة على المستوى الرّوحيّ والإنسانيّ ليكونوا بالفعل حُجّاج الرّجاء وبناة السّلام في كنيستهم ووطنهم وفي كلّ مكان.

وفي الختام، تمّ تقديم دروع تذكاريّة تحمل شعار اللّقاء من اللّجنة الوطنيّة لراعويّة الشّبيبة لغبطة البطريرك ولمكتب راعويّة الشّبيبة، مع صورةٍ تذكاريّةٍ ختاميّة."