العراق
12 آذار 2021, 14:30

شابّ عراقيّ يشكر البابا فرنسيس على زيارته العراق

تيلي لوميار/ نورسات
لا تزال زيارة البابا فرنسيس تحصد الكثير من ردود الفعل الإيجابيّة والتّقدير والشّكر. واليوم تأتي هذه المشاعر بقلم خريّج كلّيّة بابل للفلسفة واللّاهوت- معهد التّثقيف المسيحيّ والحائز على دبلوم في علوم الأديان، العراقيّ مهنّد القيصر، والّذي كتب:

"بتاريخ 5-3-2021 هبطت طائرة السّلام في أرض الجمهوريّة العراقيّة وعلى متنها قداسة البابا فرنسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة في العالم والّذي يقدر عدد مؤمنيها أكثر من 1.13 مليار مؤمن، في زيارةٍ غير مسبوقةٍ وفي زمنٍ غير معتادٍ، جاء حاجًّا حاملاً معه رسالة المحبّة والسّلام والتّأخي للشّعب العراقيّ أجمع رغم جائحة كورونا والظّروف الصّعبة الّتي يمرّ بها البلد، حيث اعتبرت هذه الزّيارة البابويّة التّاريخيّة الأولى إلى العراق الجريح الّذي عانى أرضها وأهلها الكثير في الحقب التّاريخيّة من حروب وانتهاكات وظلم، جاء البابا ليضمّد جراح العراق ويعطي هذا الزّخم الرّوحيّ الّذي بات العراقيّون متعطّشون هذه التّعزية الرّوحيّة من قبل عدّة سنين..!!  

إستقبله ساسة الحكومة العراقيّة ببهجةٍ وفرحٍ مرحّبين بزيارته التّاريخيّة، ودعا قداسته في حواره مع الحكومة العراقيّة إلى التّعايش السّلميّ المشترك والعدل والمساواة مع جميع المكوّنات والأديان في هذا البلد العريق، وأكّد على ضمان مشاركة جميع الفئات السّياسيّة والاجتماعيّة لخدمة العراق، والتّصدّي إلى استغلال السّلطة وإلى آفة الفساد الّتي باتت تنخر البلد بالكامل، من أجل العيش الكريم وتوفير فرص عمل للعاطلين والاهتمام بالفقراء والمهمّشين وخاصّةً جيل الشّباب الصّاعد.  

بدأت زيارته الأولى في كاتدرائيّة سيّدة النّجاة أُمّ الشّهداء في العاصمة بغداد والّتي تعرّضت إلى مجزرة من قبل مجموعة إرهابيّة في عام 2010 أدّى ذلك إلى قتل أبناء رعيتها حوالي 48 شهيدًا، أتى البابا حاملاً تعزيةً خاصّة لشهداء الإيمان والتّضحية، وكلّ هذا يقف المسيحيّون من عامّة الشّعب ومنهم المرضى المقعدين أيضًا من (بيت عنيا) يستقبلون البابا بحرارة ويهلّلون بمجيئه حاملين في قلوبهم المحبّة والبهجة. حيث التقى بالأساقفة والكهنة والرّهبان والرّاهبات والمكرّسين ومعلّمي التّعليم المسيحيّ ودعا قداسته إلى نسج الأخوة والوحدة كما أنّ المسيح واحد وإيمانكم واحد.  

كما واصل قداسته في اليوم الثّاني زيارة إلى محافظة النّجف الأشرف ليلتقي مع آية الله العظمى السّيّد علي السّيستانيّ المرجع الدّينيّ الأعلى للشّيعة في لقاء أخويّ وناضج بكلّ معاني الإنسانيّة والرّوحيّة، إنّها رسالة عالميّة تحمل الكثير من المحبّة والسّلام وتقبّل الآخر، وأصبح هذا اللّقاء التّاريخيّ رمزًا وفخرًا تحت مسمّى "يومًا وطنيًّا للتّسامح والتّعايش في العراق."  

وبعدها توجّه قداسته إلى مدينة أور الكلدانيّة في مدينة النّاصريّة لمشاركة الصّلوات مع رجال الدّين من مختلف الأديان الأخرى تحت سماء أرض أبونا ابراهيم، حيث تأثّر قداسته كثيرًا في استماعه للخبرات الإنسانيّة والرّوحيّة من قبل أهالي المنطقة، وأكّد على التّعايش السّلميّ المشترك بين جميع المكوّنات والأديان ونبذ العنصريّة والطّائفيّة والتّحزّب تحت مسمّى "نحن كلّنا أخوة". وإختتم زيارته من نفس اليوم في كاتدرائيّة القدّيس يوسف لترؤّسه الاحتفال بالقدّاس الإلهيّ وبحضور شخصيّات رفيعة المستوى من الحكومة العراقيّة وأبناء الشّعب المسيحيّ.

واصل قداسته في اليوم الثّالث زيارة إلى مدينة الموصل وبالتّحديد حوش البيعة والّتي تضمّ أربعة كنائس مدمّرة من قبل عناصر داعش الإرهابيّ في عام 2017 وحولها إلى أطلال!! وكنيسة الطّاهرة في بلدة قره قوش الّتي هي الأخرى تعرّضت إلى حرق وتدمير في عام 2014 من قبل داعش الإرهابيّ، ناهيك عن ماخلّفته هذه التّنظيمات من هتك وقتل وتهجير للعوائل المسيحيّة والإيزيديّة، ورغم هذه الويلات والنّكبات الّتي شهدت في الحقب التّاربخيّة لهذه المدينة الجريحة، استقبله أهالي الموصل ومن جميع المكوّنات، بحفاوة كبيرة، ولوّح أطفال المدينة بالأعلام العراقيّة والورود والرّقص والبهجة حيث تعالت أصوات الفرح بقدوم رسول السّلام ليحلّ في بلدتهم ويضمّد جراحهم ويرفع من معنويّاتهم في حثّهم على الثّبات والشّجاعة في الإيمان وأن يتمسّكوا بأرضهم وإرثهم الدّينيّ والحضاريّ، رغم أنّ الشّعب المسيحيّ مهدّد بالتّناقص أو الانقراض!!.

وفي آخر محطّة عامّة من زيارته التّاريخيّة إلى العراق ترأّس قداسته قدّاسًا احتفاليًّا في عروس أربيل وبالتّحديد في ملعب فرانسو حريري وهذا هو النّشاط الدّينيّ الأخير بعد ما تمّ استقباله من قبل حكومة الإقليم في كردستان ومن ثمّ استقبله آلاف النّاس في شوارع العاصمة أربيل معبّرين عن مدى فرحتهم وسعادتهم عند مرور البابا من أمامهم، إذ استخدم قداسته العجلة البابويّة عند دخوله إلى الملعب والّذي يقدّر عددهم حوالي 10 آلاف مؤمن وقام بتحيّتهم مشيرًا بأجمل معاني الفرح والسّلام حيث علت هتافات الشّعب بالتّصفيق والأهازيج والرّقص ورفع الأعلام معبّرين على مدى تضامنهم مع قداسته وحبّهم لوطنهم ودعا البابا في وعظته على تجديد طهارة القلوب من الكره والحقد والازدواجيّة والأنانيّة وأن تستبدل جميع الخطايا بالملكوت الآتي، ملكوت المحبّة والعدل والسّلام.  

فليحفظ الرّبّ بلدنا العراق العزيز وكلّ أبنائه وبناته متّحدين جميعنا بصوت إلهيّ واحد وبيد واحدة في بناء بلدنا العريق كي نعيش كما يرغب قلب الله لنا.

شكرًا من أعماق القلب لقداسة البابا فرنسيس على إعطائه هذه الفرصة الثّمينة في زيارته إلى العراق رغم تعدّيه عمر 84 عامًا ومعاناته الصّحّيّة لكونه برئة واحدة!! ويعاني من مفصل الورك!! وكلّ هذا من أجل أن يقاسم كلمة الله معنا ويجعلنا متّحدين تحت غطاء السّماء وتشجيعنا على الثّبات في أرضنا.. شكرًا لك يا صانع السّلام والمحبّة... فليشعّ نور الله على الدّوام في وسط الظّلمات... آمين!".