سويف يصرخ مع أطفال الشّرق: لا تتخلّوا عنّا لنصبح ضحايا العنف والكراهيّة ورفض الآخر المختلف
بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى سيادته عظةً جاء فيها:
"1. نستقبل في هذا الأحد المبارك، شعانين النّخل والزّيتون، يسوع المسيح ملك الملوك وسيّد السّادة.ومعه ندخل إلى الفصح الجديد وإلى الاحتفال بعبور قد سبق وأتمّه بموته وقيامته معطيًا الحياة الجديدة للعالم. فبنقاوة الأطفال وعزّتهم نصرخ إلى الرّبّ قائلين: هوشعنا مبارك الآتي باسم الرّبّ.
"ماراناتا" تعال أيّها الرّبّ واملك على القلوب والعقول وحوّل البشريّة كلّها إلى عائلة تشهد للوحدة والمحبّة.
2.بالمحبّة تحمل أغصان الزّيتون والنّخيل، وبدونها تمسي حطبًا يابسًا يُلقى في الهشيم والنّار.هي أغصان الزّيتون والمسيح هو بشخصه الزّيتون هو المرسل من الآب ليطعم الزّيتون البرّيّ، العالم القديم، بروح الله وبحياته.
عالمنا اليوم أيّها الأحبّاء، يتهافت ليتطع بأفكار وثقافات وإيديولجيّات تبعد الإنسان عن الله. إنسان اليوم يركض في سباق ليصل إلى المادّة ويتباهى بالقوّة ويفتخر بأنّ الكبير يأكل الصّغير والقويّ يسيطر على الضّعيف، ظنًّا منه أنّه الرّابح. وللأسف فالفئة الرّابحة هي قلّة قليلة والأكثريّة هي المظلومة والمسحوقة. فبدخولنا اليوم إلى أورشليم، تعالوا نرفع الدّعاء لعودة العالم إلى الرّبّ وإلى الإنسانيّة. فمن يطعم بالمسيح يثمر البرّ والحقّ والقداسة والسّلام.فطعم المسيح يجدّدنا بالله وبالرّوح القدس ويجدّد إنسانيّتنا لصون كرامة كلّ إنسان.
3.لا طعم ولا معنى لدخولنا إلى الأسبوع الفصحيّ إلّا بتواضع المسيح. فربّ الأرباب وخالق السّماء والأرض، نراه اليوم يمتطي جحشًا ابن أتان ليصبح هو بتواضعه وانحنائه وغسل أرجل تلاميذه وبموته وقيامته فصحنا الجديد. فالعبور الحقيقيّ من الإنسان القديم الّذي ما زال فينا حتّى هذه اللّحظة إلى إنسان جديد بالمسيح، لا يتمّ إلّا بالتّواضع ونقاوة القلب. فيا أيّها الإنسان، اخرج من كبريائك وحطّمه بقوّة النّعمة وتزيّن بالتّواضع الّذي يقودك إلى محبّة الرّبّ ومحبّة أخيك الإنسان.
4. نحتفل اليوم برمزيّة شعانين النّخل والزّيتون. فالنّخل قويّ ذات جذور عميقة وثابتة، لذا فإنّه يأخذ المياه من عمق الأرض.وهكذا هو الإنسان المستقيم والعميق بالإيمان يأخذ القوّة من زيتون الرّوح القدس رمز الخير والشّفاء والسّلام.
"الصّدّيق كالنّخل يزهر ومثل أرز لبنان ينمو" (مز 92: 12).
5.يوبيل الرّجاء الّذي تحتفل به الكنيسة هذا العام هو يوبيل لبنان الرّجاء. لقد وطأت أقدامنا عيد لبنان ونحن نعبر نحو الحالة الجديدة المنتظرة منذ الثّالث عشر من نيسان 1975 بدء الحرب اللّبنانيّة المشؤومة.يوبيلونا اليوم هو صلاة نرفعها بحرارة وعمل وطنيّ مشترك يساعد الدّولة في تمكين حضورها وبسط نظامها على كافّة الأراضي اللّبنانيّة.
نعم أيّها الأحبّاء، لبنان ينتظر بإيمان وفرح ورجاء أن يطعّم كزيتون برّيّ في أصالة المحبّة والإيمان والحرّيّة. نريد لبنانًا وحكّامًا يجعلون الخير العامّ خيارهم الأوّل والأخير، بعيدًا عن خيارات سابقة د مّرت البلد وجرحت المواطنين. لبنان يريد أن يحمل زيتون الخير والعمران والازدهار رأفة بأطفال وشباب يصرخون للرّبّ هوشعنا ويواصلون صراخهم إلى القيّمين كونوا معنا ولنا حتّى نبقى في وطننا ونبني فيه غدنا ونحافظ على فيسفساء التّعدّديّة في الوحدة. ومع أطفال هذا الشّرق في كلّ بلدانه نصرخ من صميم القلب:لا تتخلّوا عنّا لنصبح ضحايا العنف والكراهيّة ورفض الآخر المختلف. فالمسيح أتى ليوحّد البشريّة بفعل حبٍّ عظيم يبذل فيه الحبيب ذاته لأجل أحبّائه.
نعم يا أحبّائي، بهذا الإيمان وبهذا الرّجاء وبهذه المحبّة نستقبل اليوم ملك الملوك بهوشعنا اليوبيل وتسبيح الشّكران مع العذراء مريم والرّسل والشّهداء والقدّيسين آمين...".