سويف للشّدايقة الجدد: إحملوا الرّبّ يسوع في كلّ يوم من حياتكم
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران سويف عظة قال فيها: "نشكر الرّبّ على نعمته ومحبّته وعطاياه الّتي لا توصف، على موهبة الرّوح القدس، الّتي يسكبها في كلّ إنسان، ومن خلال هذه الذّبيحة الإفخارستيّة، الّتي نرسم فيها بقوّة الرّبّ، وليس بقوّتنا الشّخصيّة، بموهبة الرّوح القدس وليس ببشريّتنا الضّعيفة، نرسم على مذبح الرّبّ شدايقة جدد، هم يوسف وفيليب وماريو، مبروك عليكم هذه الخطوة الجديدة. إنّه أمر يفرحني أن يكون في الأبرشيّة هذه الوجوه الطّيّبة والقلوب النّقيّة. وهنا أودّ أن أوجّه شكري إلى رئيس المدرسة الإكليريكيّة في كرم سدّه المونسنيور أنطوان مخايل، مع كلّ الفريق المعاون الّذي رافق طلّابنا، وأيضًا في مرحلة من المراحل الإكليريكيّة البطريركيّة في غزير مع الإدارة والكهنة والمنشّئين، وأشكر الجامعتين الأنطونيّة وجامعة الرّوح القدس في الكسليك اللّتين تعملان على تنشئة طلّابنا.
هذا المشروع، هو مشروع مهمّ للكنيسة ونحن نحتفل اليوم مع الشّدايقة الثّلاثة الّذين دعاهم الرّبّ إلى عيش الشّدياقيّة، وهي كلمة من اليونانيّة، و تعني ما قبل الشّمّاسيّة، وهنا أتحدّث عن المخطوطات المسيحيّة الأولى وفي القرنين الثّالث والرّابع حيث كان هناك إشارات واضحة عن دور الشّدياق في قلب الكنيسة، وأهمّ شيء هي الخدمة في بعدين:
البعد الأوّل: الهيكل، وقد شاءت العناية الإلهيّة أن تكون سيامتكم في اليوم الّذي نذكر فيه حنّة النّبيّة الّتي أمضت كلّ حياتها في الهيكل، تعبد الرّبّ وتسجد له وتكرّس كلّ حياتها لخدمة الهيكل. من هنا فإنّ الشّدياق في التّقليد الكنسيّ لديه مهمّة خدمة الهيكل أيّ ألّا يقبل على نفسه أن يكون هيكل الرّبّ غير لائق، إنّما أن يكون بأعظم خدمة في هذا الكون الّتي هي ذبيحة الصّليب الّتي تتجدّد على المذبح المقدّس، أن يكون الهيكل جميلًا لأنّه من خلال هندسته الخارجيّة نحن نعيش ونجدّد ما عاشه الرّبّ وما دبّره من أجلنا ومن أجل خلاصه. بصحن الكنيسة تعلن الكلمة أيّ حياة يسوع العلنيّة التّبشيريّة، وبالخوروس نحو قدس الأقداس يتوّج الرّبّ يسوع رسالته الّتي هي تقدمة ذاته للآب من خلال ذبيحة الصّليب، ومن خلال القدّاس نشارك فيها أيّ بموته وقيامته حول الملك المقدّس.
من هنا يجب أن يكون هذا الهيكل جميلًا ونظيفًا، ومرتّبًا، لأنّ الرّعيّة و الكاهن يعرفان من كنيستهما، و علينا أن نهتمّ بالأمور الصّغيرة قبل فلسفة الأمور لأنّ من يهتمّ بالصّغير ورمزيّته وروحانيّته وبعده هي علامة اهتمامه بالأكبر، وما هو الأكبر بالنّسبة إلينا، هو أن نتّحد بالله القدّوس، كما كان سمعان الشّيخ لديه الرّغبة والشّوق أن يلتقي بمسيح الرّبّ، وكان يعيش كلّ يوم بروح الانتظار بالرّجاء "سيأتي اليوم الّذي سارى فيه مسيح الرّبّ"، وهذه كانت دعوته ورسالته عندما قدّم يوسف ومريم يسوع إلى الهيكل حمله سمعان بين ذراعيه، وقال "الآن أطلق يا ربّ عبدك بسلام لأنّ عيناي أبصرتا خلاصك نورًا للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل"، وهذا امر تحقّق بيسوع المسيح الّذي لم يأت لشعب واحد وشريعة واحدة، من يسوع المسيح الّذي هو العهد الجديد، كلمة الله المتجسّد، الّذي جاء لكي يحرّر الإنسان من قيود الشّريعة ومن قيود الموت ويقول له "أنت إنسان حرّ لأنّك ابن، ومن خلالي أنا الإبن أجدّد بنوّتك، مع الآب.
لكلّ هذا ساقول لأحبّائي الشّدايقة "احملوا الرّبّ يسوع في كلّ يوم من حياتكم، بفكركم، بقبلكم، وبكيانكم، في هذه الحالة الّتي أنتم الآن فيها قولوا "عيناي تبصر خلاصك ومجدك، وتسبّح باسمك". وحنّة النّبيّة الّتي أمضت حياتها تعبد الله لم يكن عندها أجمل من أن تمضي وقتها في الهيكل تسبّح الرّبّ وتسجد له وتشكره على نعمه وعطاياه". من هنا يجب أن تكون حياتكم مرتكزة على يسوع المسيح، وهناك آية جميلة أعلنت في الرّسالة "كونوا خدمة للقدّيسين" وهذه هي الشّديقة، الّتي لها بعد إضافة إلى تنظيف وترتيب بيت الرّبّ، والعناية ببيت الرّبّ الخارجيّ، لكن العناية ببيت الرّبّ الّذي هو الإنسان الّذي هو بيت الرّبّ وكنيسة المسيح ليس فقط كنيسة الحجر" ويلاه إذا كانت كنيسة المسيح فقط من الحجر، إنّما كنيسة يسوع هي أن نخدم الإنسان والقدّيسين، وكلّ شخص نلتقي به، لأنّنا من خلاله نلتقي بالمسيح بحدّ ذاته، هذه هي المسيحيّة العظيمة.
نشكر الرّبّ، ونحن عشيّة المعموديّة على هذه النّعمة الّتي أعطتنا نعمة الانتماء إلى يسوع، من حملة اسم يسوع وممجّدي ومعلني اسم يسوع، الّذي يحتاجه العالم كلّ يوم، وهذا امر لا يحصل من الشّفاه، إنّما من من القلب والإيمان، من القناعة والفرح، فرح اللّقاء بيسوع المسيح، لذلك الشّدياق هو هذا الإنسان المدعوّ إلى خدمة بيت الرّبّ الحجر ولكن من خلال هذا الحجر يخلق مناخًا يساعد الجماعة المؤمنة أن تلتقي بيسوع المسيح الحيّ القائم من بين الأموات.
البعد الثّاني: الشّدايقة يخدمون جماعة القدّيسين، ومن خلال معرفتي بكم، أعلم أنّكم تحملون همّ المسيح وكنيسته، من خلال الصّلاة وخدمة المذبح والقربان ولكن أيضًا من خلال الإنسان، في المجالات الّتي أعطاكم الرّبّ إيّاها، حتّى تبرعوا فيها ويتميّز كلّ واحد منكم فيها من خلال خدمته، وهنا أودّ أن أقصد محبّة يوسف الّتي لا توصف للإنسان المعوّق والمجروح، ومن خلال فيليب الّذي أعطاه الرّبّ فكرًا واسعًا وعلمًا وهمّه أن يجمع الشّباب ويتحاور معهم في كلمة الله، وماريو الّذي أمضى حياته في خدمة الإنسان في مجال التّربية والتّنشئة المسيحيّة، ومن خلال سرّ الإيمان وعلاماته، الّتي عاشها كلّ حياته".
وإختتم المطران سويف كلمته للشّدايقة قائلًا: "أشكر الرّبّ عليكم حتّى تثبتوا في هذه المهمّة وتعيشوها في عمقها، نحن لا نريد شدياقيّة مسطّحة واجتماعيّة، لا نريد شمّاسيّة مسطّحة واجتماعيّة، ولا كهنوتًا مسطّحًا واجنماعيًّا فقط، كلّ ما نريده هو كهنوت ينبع من قلب الرّبّ يسوع ليوصل النّاس إلى قلب المسيح، الّذي يحبّنا وينتظرنا، ومن خلال خدمتنا في هذا الكهنوت، فمن نحن أمام الرّبّ يسوع نحن لا شيء، نحن ضعفاء، ولكن بنعمة الرّبّ وبتواضع وعمق وروحانيّة وبإنسانيّة، نعيش هذه الخدمة بفرح المسيح القائم، له المجد إلى الأبد آمين".