لبنان
06 نيسان 2021, 11:15

سويف للشّباب: لا تخافوا فأنتم نبض الوطن الّذي يترجّى تغييرًا ذهنيًّا لعيش قيم المواطنة

تيلي لوميار/ نورسات
قرعت أجراس كنيسة مار ميخائيل- طرابلس فرحًا بقيامة الرّبّ يسوع من بين الأموات، وصدحت منها الصّلوات خلال قدّاس إلهيّ ترأّسه راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف، في كنيسة مار ميخائيل- طرابلس، عايد خلاله كلّ اللّبنانيّين واللّبنانيّات، بخاصّة أبناء الأبرشيّة، وتمنّى أن يعبر لبنان إلى واحة الأمان والاستقرار.

وتوقّف سويف عند كورونا "أحد الاختبارات الموجعة اليوم"، "إذ يخلق قلقًا وخوفًا في النّفوس، فلا يسعنا إلّا أن نتضامن مع مرضى وضحايا الفيروس ونستحضر أرواح أحبّائنا الّذين غابوا عنّا. أضف إلى ذلك التّدهور الاقتصاديّ وانعكاساته الاجتماعيّة المؤلمة في الوطن."  

وأضاف: "من التّحدّيات أيضًا، الخوف من الآخر الّذي يستوجب علينا أن نجدّد الثّقة بالله وببعضنا البعض في روح "الأخوّة الشّاملة". فإيديولوجيّة الخوف من الآخر "Xenofobia" تتغذّى بالخطاب الشّعبويّ الّذي يترافق مع منظومة الفساد، وخلق الحواجز النّفسيّة والفكريّة والمادّيّة بين النّاس ورفض الاختلاف ومحاربة قِيَم التّعدّديّة مصدر غِنى المجتمع الإنسانيّ".  

كما رأى أنّه "من أخطر التّحدّيات هي اللّامبالاة تجاه الآخر المتألّم والمجروح والمنبوذ والمُهمَّش والمُلقى على قارعة الطّريق. إنّها لَخطيئةٌ كُبرى يرتكبها الإنسان بحقّ أخيه وهو لا يدري شناعتها وقساوتها، وتُواجَه بنعمة التّضامن الأخويّ والانحناء نحوه.

وهذا ما يعاني منه وطننا الحبيب لبنان الّذي يتوق منذ عقودٍ أن ينعم بالسّلام والاستقرار ويتطوّر بالقِيَم الرّوحيّة والإنسانيّة وبالأخلاق. ومن التّحدّيات تشويه الخليقة، بيتنا المشتَرَك، يُواجَه بالمصالحة مع الله والذّات والآخَر والكون، كما يدعونا البابا فرنسيس إلى توبة إيكولوجيّة تقتضي التّلاقي بالإنسان وتنقية الذّاكرة من جراح التّاريخ والحفاظ على بيئة سليمة يعيش فيها الإنسان بسلام".

وأكّد أنّ "السّلام ينبع من الإيمان بالقائم والاعتراف به والالتزام بمشروعه، على مثال تلميذَي عمّاوس، فننطلق بعد كلّ قدّاس لنشر فرح اللّقاء بالمسيح الحيّ.

فرحٌ يتواصل بشهادتنا ككهنة ومكرّسين ومكرّسات فنكون بجانب شعبنا، ونثبّت الرّجاء ومحبّة الله والتّشبّث بأرض الوطن. فلنعِش إيماننا مُجَسِّدين بساطة الإنجيل في بيوتنا وعيالنا، عبر فضيلة القناعة، والاتّكال على الله.  

ويتجسّد الإيمان أيضًا بالخروج من تقوقع الأنانيّة، والاهتمام بالفقراء والمحتاجين والمرضى والإصغاء لهم، وتلمّس حاجاتهم. وأنتم أيّها الشّباب، لا تخافوا! فالمسيح يحبّ جرأتكم وشجاعتكم، وأنتم نبض الوطن الحيّ الّذي يترجّى تغييرًا ذهنيًّا لعيش قِيَم المواطنة."

وأضاف: "بالقيامة جُعِلْنا خليقة جديدة بالمسيح؛ فمنذ إنشاء العالم، خلق الله الإنسان على صورته ومثاله (تك1: 27)، وأحبّه، إلّا أنّ الإنسان، خالف الوصيّة بأنانيّته وكبريائه وخطيئته وحسب نفسه "السّيّد"؛ وازداد شرّه وقتل الآخر معتقدًا أنّه ينتصر، ففوجئ بموت نفسه. لم يقف الله مستسلمًا فأرسل ابنه الوحيد متجسّدًا من الرّوح القدس ومن مريم العذراء ليحقّق الخلق الجديد بعد أن فَسُد الخلق الأوّل، ورمّم الأيقونة الّتي تشوّهت (2 كور 5: 17)، وغلب الموت بالحَمَل الّذي ذُبح لأجلنا. إنّها لحظة القيامة وقوّة الحبّ واللّطف الإلهيّين."  

وأشار المطران سويف إلى أنّ "حياتنا مع الله هي دائمًا زمنُ نعمةٍ، نلتمسه بالتّأمّل بفضائل القدّيس يوسف وروحانيّته. وفي هذه السّنة أعلن قداسة البابا فرنسيس سنة القدّيس يوسف موجِّهًا رسالة عامّة رعويّة بعنوان: "بقلبٍ أبويّ". فيوسف هو المربّي لإبن الله في مرحلة النّموّ بالقامة والنّعمة والحكمة والمرافِق لمَن رافَق تلميذي عمّاوس (لو 24: 15). يوسف المُزيّن بالصّمت ليس رجل الكلام بل الفعل والمبادرة. إنّه الرّجل القويّ، ورجل الصّلاة والتّأمّل بكلمة الله والمصغي لإلهاماته. فلْنصمت ونَعُدْ إلى أعماقنا، مُنصتين لله ومستسلمين لإرادته فنُقَاد إلى الإصغاء المُحِبّ لأخينا الإنسان. ولْنتسلّح بالصّلاة، حوارنا اليوميّ مع الله فنرسّخ حوار الحياة مع إخوتنا البشر وتتحوّل صعوباتنا إلى نعمة وفرصة جديدة. لِنتقوّى بالرّبّ كيوسف، الرّجل الخلّاق الّذي واجه المحنة، إذ لم يستسلم، وتقوّى بثقة الرّبّ به واتّكاله عليه، وبحث عن الحلول وابتدعها دون تذمّر ليحمي الطّفل الإلهيّ. إنّها دعوة لنا، في لبنان، كي نتحلّى بالشّجاعة الخلّاقة لنحُلّ الأزمات بروح الإبداع والرّجاء قارئين علامات الأزمنة بأنوار المسيح، فصحنا ورجاؤنا".  

ودعا في الختام إلى "السّيرمع القائم، مثل تلميذي عمّاوس، اللّذَين عرفاه كقائم وحيّ عند كسر الخبز (لو 24: 35) فيشدّد وحدتنا الّتي نحن بأمسّ الحاجة إلى عيشها وتجسيدها من خلال محبّتنا للرّبّ وبعضنا لبعض".