لبنان
04 كانون الثاني 2022, 07:30

سويف: للسّلام والمحبّة والتّكاتف والتّعاضد في سبيل بناء لبنان الوطن والإنسان والعائلة

تيلي لوميار/ نورسات
محتفلاً بقدّاس رأس السّنة في كاتدرائيّة الملاك ميخائيل في الزّاهريّة- طرابلس بمشاركة لفيف من الآباء، دعا راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف إلى "السّلام والمحبّة والتّكاتف والتّعاضد في سبيل بناء لبنان الوطن والإنسان والعائلة على أسس سليمة مبنيّة على الصّدق والإخلاص"، مشدّدًا على أنّ "بناء السّلام ترسم طريقه بالمحبّة والتّفاهم والحوار والتّضامن".

وأمل سويف في عظته أن يسعى المسؤولون إلى "تسيير أمور المواطنين ومؤسّسة الدّولة، لأنّ البلد يعاني أزمات عدّة". ودعا إلى "الحفاظ على لبنان وخصوصيّته وصيغته ونموذج عيشه المشترك بين المسيحيّين والمسلمين وكسر الجمود وإزالة التّشنج"، وقال: "ببداية هذا العام نضع ذواتنا أمام الرّبّ، ونقدّم له هذا العام الجديد ونطلب منه بإلحاح وإيمان ليكون هذا العام فعلاً جديدًا ومتجدّدًا، يختلف عن الأعوام الماضية الّتي كانت مليئة بالمأساة على مختلف المستويات، بداية من جائحة كورونا الّتي سيطرت على العالم كلّه، لذلك نصلّي اليوم من أجل شفاء كلّ مريض وعن نفس كلّ فقيد وكلّ شخص يعاني الألم، ونصلّي بطريقة مختلفة من أجل وطننا الحبيب لبنان الّذي ما زال يتألّم.

يسوع المسيح الّذي رفع تعبنا ووجعنا معه على الصّليب، يسوع كلمة الله المتجسّد الّذي نزل من على الصّليب ووضع في قبر وفي اليوم الثّالث أقامه الله من بين الأموات، وهذا يدلّ على أنّ يسوع المسيح اكتمل اسمه بعد القيامة لأنّ كلمة يسوع تعني أنّ الله يخلّصنا بتجسّده ويشفي كلّ مريض، وما زال الله يخلّص كلّ مريض يدعوه بإيمان. خلّصنا يسوع بموته على الصّليب الّذي يعتبر شفاء للعالم أجمع من عبوديّة الخطيئة وجرحها. يسوع المسيح هو المخلّص الّذي قام من بين الأموات وانتصر على الموت. اليوم الثّامن له خاصيّة كبيرة بإيماننا كمسيحيّين لأنّه يذكّرنا بيوم القيامة وسيكون اليوم الأوّل والثّامن معًا، فاليوم الثّامن يعني بلاهوتنا كمسيحيّين أنّ الرّبّ بموته وقيامته وتجسّده صنع كونًا جديدًا وبشريّة جديدة، وفي هذا اليوم فتح الرّبّ الكون للحياة الأبديّة، لذلك أحبّائي هذا العيد المجيد الّذي نعيّده بالجمعة العظيمة ويوم القيامة هو عيد الحياة الأبديّة، فهو اليوم الثّامن حيث سمّي يسوع في اليوم الثّامن والأوّل من بعد قيامته وشقّ حياة البشريّة للحياة الأبديّة، وهنا يقول يسوع لكلّ إنسان إذا آمنت بي وبقيامتي وتجسّدي وتبعتني وكنت تلميذًا لي وتؤمن بموتي وقيامتي مصيرك سيكون الفردوس والحياة الأبديّة، ونحن كيف نعيش الختانة؟ فكما نعلم، نحن لنعيش الختانة بإيماننا المسيحيّ، الختانة الجديدة الرّوحيّة والّتي تتمثّل بالمعموديّة وأدخلتنا بسرّ يسوع المسيح وحياته وعرّفتنا عليه، وجعلتنا نعيش في المسيح ومعه، ومن عاش في المسيح ومعه يكون خليقة جديدة بيسوع، لذلك هذا اليوم هو يوم جديد، يوم بداية عام جديد، فالجديد يكون بالفكر والضّمير والإيمان والقلب والإرادة، يكون إنسانًا متجدّدًا بالإيمان والسّلام.

اليوم أنا معكم ومع الكهنة من كاتدرائيّة مار مخائيل، أصلّي من أجل الأبرشيّة المنتشرة في مختلف المناطق. أصلّي لكلّ الكهنة والكاهنات ولكلّ شخص يريد أن يكون خليقة جديدة في قلب يسوع، وأصلّي لكلّ العلمانيّين والعلمانيّات، ونحن لا نكتشف وجه يسوع الجديد والمتجدّد في قلوبنا وعقولنا إلّا بعد اختبار الألم. نعم فكلّ ما نختبره من صعوبات وآلام نقدّمه على مذبحة الرّبّ لنتحوّل إلى إنسان جديد في يسوع المسيح، نصلّي اليوم كما قلت سابقًا بطريقة جديدة من أجل وطننا لبنان لينهض من جديد بذهنيّة جديدة. نصلّي من أجل لبنان ليعيش كلّ إنسان متألّم ومجروح في هذا الوطن حياة كريمة. ليعيش المواطن بسلام وكرامة، لأنّه اليوم لا يعيش بسلام، فمنذ خمسين عامًا وهذا البلد لم يعش إلّا الحروب والألم، وحان الوقت ليعيش بسلام واستقرار وطمأنينة. الله ليس لديه أمر عسير فهو قادر على كلّ شيء، ونحن بإيماننا ووحدتنا وإرادتنا وقوّتنا يمكن أن نحوّل المستحيل للممكن. بالوعي والمحبّة والإرادة والإيمان، قادرون على التّجدّد والتّجديد والذّهنيّة الجديدة.

إن شاء الله يكون عيدًا مباركًا عليكم أنتم أبناء هذه الرّعيّة، فوجودكم اليوم في هذه البقعة من طرابلس يعتبر شهادة قويّة، وكلّ واحد منكم يمثّل ألفًا بمحبّته، ولو أنّ عدد الرّعيّة انخفض، إلّا أنّ العدد غير مهمّ، المهمّ نوعيّة الحضور، وأنا فخور بشبابنا الّذين شاركوا بالتّراتيل وأفتخر بعائلاتهم. نشكر للرّبّ عطاياه ونطلب منه أن يبارك لنا هذا العام الجديد برحمته ومحبّته".

بعد القدّاس، تقبّل سويف والآباء التّهاني بعيد رأس السّنة.