لبنان
29 آب 2022, 11:15

سويف: لا يمكن لنا أن نكون أرضًا جيّدة إلّا إن طلبنا رحمة يسوع المسيح

تيلي لوميار/ نورسات
نظّم فرع "زغرتا الزّاوية" في كاريتاس لقاءًا تكريميًّا لمجموعة من المسنّات والمسنّين في بلدة مزيارة، وللمناسبة احتفل رئيس أساقفة أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة مار سركيس وباخوس في حرف مزيارة بحضور شبيبة كاريتاس وجمع من أهالي البلدة وأهالي المسنّين.

بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، تلا المطران سويف عظة أكّد فيها أنّ "الكنيسة الأولى والجماعة الأولى الّتي آمنت بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات، عبرّت عن فرحها بانتصار يسوع على الموت بتدوين الأحداث الّتي رافقت حياته، فيسوع عندما كان على الأرض وعندما كان يقوم بعمله التّبشيريّ لم يكن هناك أحد من حوله يقوم بتدوين الأفكار أو العظات أو الأعمال.

ويسوع  خلال وجوده بيننا كان يخبر عن ملكوت الله وأتى إلى هذه الأرض لتحقيق مشروع الله الآب الّذي يهدف إلى خلاص الإنسان، وبالتّالي أنت أيّها الإنسان بكبريائك وقرارك وحرّيّتك أردت أن تكون بعيدًا عن الله معتقدًا أنّك بذلك قادر أن تجد الفرح والسّعادة، لكنّك وجدت نفسك غارقًا بالحزن والموت والعتمة والظّلمة".

وأضاف متسائلاً: "ما هو مشروع الله؟  بكلّ بساطة نقول إنّ الله الّذي هو الأب والرّحمة اللّامتناهية والحبّ اللّامحدود، لم يحتمل فكرة أنّ ابنه الإنسان وجبلة يديه يعيش في الحزن والموت الدّائم، فأرسل ابنه الوحيد في ملىء الزّمن فصار بشرًا وحلّ فينا.

وبعد صعود المسيح إلى السّماء، بدأت الجماعة المسيحيّة بتدوين أحداث حياته، ومع مرور الزّمن قامت المجامع الكنسيّة بتحديد الأناجيل الـ4 وكلّ كتب العهد الجديد، وهنا نتساءل ماذا يعني الإنجيل وماذا يعني العهد الجديد، فهذه الكلمات والمصطلحات تشير إلى إرادة الرّبّ وكلامه وحضوره في قلب العالم، فالله حاضر من خلال كلامه، لذلك نخصّص القسم الأوّل من القدّاس للاحتفال بالكلمة فنقرأ من العهدين القديم والجديد إيمانًا منّا بأنّه من خلال الكلمة المعلنة في قلب الجماعة يكون الرّبّ يسوع المسيح القائم من بين الأموات حاضرًا معنا فيعلّمنا من خلال كنيسته".

وعن إنجيل اليوم، قال المطران سويف إنّه  "يركّز على أهمّيّة الكلمة، فمن خلال مثل الزّارع اختار يسوع مدخلاً جميلاً إذ أخبرنا عن النّساء كالمجدليّة غيرها اللّواتي كنّ يعشن في الخطيئة والموت بحثًا عن السّعادة فوجدن نفسهنّ في التّعاسة والحزن الدّائم، فدخل يسوع إلى حياتهنّ وقدّم لهنّ الشّفاء تمامًا كما فعل مع الرّجال، فيسوع يقدّم الشّفاء للإنسان من ألمه الجسديّ والنّفسيّ والرّوحيّ وذلك عبر الكلمة، ويسوع هو الوحيد القادر أن يقدّم لنا الشّفاء.

وفي إنجيل اليوم، تمّت الإشارة إلى 4 مواضع وقع فيها الزّرع وهي: جانب الطّريق والصّخرة والشّوك والأرض الجيّدة، وأمام هذا الإنجيل لا بدّ لنا أن نتساءل أين نحن من هذه المواضع وأيّ واحدة منها نمثّل، وهنا فحص ضمير لنا جميعًا نخاطب فيه الله متمنّين أن نكون دائمًا الأرض الطّيّبة، لكن وللحقيقة نحن لسنا سوى من البشر، وبالتّالي في حياتنا نعيش الكثير من المغريات والأفكار المشوّشة والهموم الّتي تدفعنا لنكون أحيانًا الصّخرة اوالشّوك أو جانب الطّريق، لكن وفي المقابل وبأحيان كثيرة نكون فعلاً الارض الطّيّبة".

وأردف "بكلّ تواضع لا بدّ لأيّ أحد منّا أن يدّعي الكمال والقداسة ومن يدخل في هذا الادّعاء يكون حتمًا قد دخل في تجربة الكبرياء  فنحن كالفرّيسيّ والعشّار، الفرّيسيّ الّذي يصلّي متباهيًا بالتزامه بالشّريعة والعشّار الّذي يجلس مخجولاً من ضعفه وخطاياه وويخاطب الرّبّ قائلاً له: ارحمني يا ربّ أنا الخاطىء.

ونحن لا يمكن لنا أن نكون أرضًا جيّدة إلّا إن طلبنا رحمة يسوع المسيح، فبهذه الطّريقة وبفعل الإيمان والتّوبة يتحوّل الإنسان من شوك وصخر وجانب للطّريق إلى أرض جيّدة، فإذا أردنا أن نكون أرضًا جيّدة لا بدّ لنا من نأخذ القرار أوّلاً وهنا يظهر دور إرادة الإنسان، لذلك الدّعوة لنا اليوم أن نسعى بمحبّة وتواضع واتّكال على الرّوح القدس لأن نكون الأرض الجيّدة فنقبل نعمة الله في حياتنا الّتي تبني بيوتنا وتمنحنا الفرح وتخلق في الجماعة المؤمنة روح المحبّة والتّضامن".

 

وبعد انتهاء القدّاس الإلهيّ، انضمّ الجميع إلى طاولة محبّة لتشارك الخبز والملح، وقبل مباركة الطّعام، توجّه المطران سويف إلى الحضور قائلاّ: "أرغب بداية في أن أحيّي مؤسّسة كاريتاس، لاسيّما قطاع زغرتا الزّاوية ومسؤوليّته الآنسة نارغو وهبة، كما أوجّه التّحيّة إلى كبارنا الحاضرين اليوم معنا وأقول لهم أنتم لستم كبارًا بالعمر والسّنين وحسب إنّما بالمحبّة والتّضحية وبإيمانكم الّذي ساعدكم على الصّمود خلال مختلف الأيّام الصّعبة الّتي استطعتم مواجهتها.

وفي هذه المناسبة، أشكر الرّبّ عليكم وعلى حضوركم فمن ليس له كبيرًا ليس له قيمة ولا خميرة ولا حاضرًا ولا مستقبلاً، لذلك تبقى كلّ مبادراتنا تجاهكم عربون شكر على تضحياتكم الكثيرة.

وهنا اسمحوا لي أن أشكر "كاريتاس" على مبادرتهم كما أشكر راهبات القربان المقدّس على خدمتهم في مزار أمّ المراحم، وللحقيقة الشّكر الأكبر هو للشّباب المتطوّعين في كاريتاس وفي غيرها من المؤسّسات والجمعيّات، فكلّ ما أرى اندفاع الشّباب نحو الخدمة أتأكّد أنّ مستقبلنا مضمون، ففي حركتهم تأكيد على أنّ خميرة يسوع ما زالت موجودة في بيوتنا وعائلاتنا."

كما كانت كلمة لمسؤولة كاريتاس في زغرتا الزّاوية الآنسة مارغو وهبه شكرت من خلالها المطران سويف على تشجيعه ودعمه الدّائمين لمختلف النّشاطات الّتي يقومون بتنظيمها.