سويف في عيد مولد السّيّدة العذراء: نصلّي لعائلاتنا حتّى تثبت بالحبّ وبالمغفرة وبالتّواضع
وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى سويف عظة جاء فيها بحسب إعلام الأبرشيّة: "أحببت اليوم أن نُرتّل ونعيش خدمة العذراء، عيد ميلاد العذراء بحسب التّراتيل المارونيّة الحلوة الّتي حقيقةً فيها عمق وروحانيّة إن كان بمعناها بالنّصّ، بالصّلاة، باللّحن، حتّى نظلّ متذكّرين أنّ لدينا تراث جميل، لدينا تاريخ عريق، عندنا صلوات نُصلّيها عبر تاريخنا القديم والحديث، نشكر الله لم تتوقّف القصّة، هي حقيقةً مصدر تجديد لإيماننا، مصدر غني جدًّا يجعلنا نظلّ محافظين على وديعة الإيمان، نعمة الإيمان الّتي أعطانا إيّاها الرّبّ، وأنا لاحظت عندما بدأنا نُرتّل بالسّريانيّ هناك جيل مُعيّن يتذكّر هذه الألحان الّتي أيضًا كنّا نُرتّلها من وقت لآخر، وضروريّ أن نعود ونُجدّدها أكيد ونفهم معناها واليوم النّصّ موجود بالعربيّ.
أنا أقول هذا الكلام حتّى أعود وأُضيء على ناحية مهمّة جدًّا بهذا العيد المبارك، عيد العذراء مريم ولادتها للعالم حتّى أقول أنّ كنيستنا الإنطاكيّة السّريانيّة المارونيّة وحتّى أقول إنّ الشّرق والغرب وكلّ هذه الدّنيا من أوّل الطّريق لغاية اليوم لآخر الأزمنة ستمضي كلّ الوقت تُكرّم العذراء مريم وتمدح العذراء مريم وتشكر الرّبّ على العذراء مريم الّتي هي حقيقةً نحن اليوم سعداء بولادتها وهذا الاختبار البشريّ عندما يولد طفل بالبيت ماذا يخلق الطّفل؟ يخلق الفرح، وأكيد كما نعرف وكما قال لنا الرّبّ يسوع أنّه عندما تكون الأمّ حاملة الطّفل يكون هناك المخاض وهناك الألم وهناك الوجع ولكن عندما تُعطي الطّفل للعالم كلّ وجعها ينتهي.
أنا أقول هذا وأستعمل هذا التّشبيه حتّى أقول إنّ هذه البشريّة أيضًا كانت تعيش بالمخاض، كانت تعيش بالوجع، كانت تعيش بالألم، والألم الكبير هو عندما يكون الإنسان بعيدًا عن الرّبّ. وأنا أتصوّر أنّ كلّ واحد منّا يختبر بحياته عندما يكون بعيدًا عن الرّبّ يفتكر أنّه أخذ قرارًا مهمًّا بحياته ولكن عندما يرجع إلى صفائه، إلى عمق أعماقه يشعر بالوجع وبالألم، وهذا يدلّ أنّ نعمة الرّبّ لا تترك الإنسان، نعمة الرّبّ ترافق الإنسان، نعمة الرّبّ تجعل الإنسان يوعى على حياته وتساعده حتّى يفتح قلبه عندما يدقّ الرّبّ على قلبه ويدعوه للتّوبة. لذلك الرّبّ دعانا للتّوبة، الرّبّ دعانا حتّى نُجدّد حياتنا كبشريّة، كعائلة بشريّة عندما أرسل لنا مريم العذراء. ولادتها هي مصدر فرح، ولادتها هي مصدر نعمة وخير للكون كلّه لأنّ الرّبّ هيّأها ودعاها وملأها نِعَم.
بالبشارة، بشارة جبرائيل عندما الرّبّ أرسل جبرائيل وقال لها: السّلام عليك يا مريم، إفرحي يا مريم، يا ممتلئة نعمة، يا ممتلئة نعمة، يعني مريم العذراء الّتي ولدت وكانت طفلة بهذا المناخ العائليّ الّذي فيه روح الله، الّذي فيه البرارة، الّذي فيه القداسة، الّذي فيه التّقوى، الرّبّ ملأها من نِعَمه وهيّأ هذه الفتاة النّاصرة المتواضعة الّتي هي فتاة صغيرة.
واليوم نحن لا يمكننا أن نقول كبيرًا أو صغيرًا عند ربّنا، عندما الرّبّ يدعو إنسانًا، يدعو الإنسان، واليوم في الكنيسة لدينا تقديس شابّ صغير والّذي هو كارلو أكوتيس، شابّ صغير كان عمره خمسة عشر سنة، والعذراء هذا كان عمرها، عندما الرّبّ زارها كانت بهذا العمر ١٦ يعني بهذه المرحلة، وهذا يدلّ يا أحبّائي بالمعنى العمليّ الرّوحيّ العميق أنّ بيوتنا عندما تكون بيوت فيها مناخ الله الشّباب والصّبايا، الّذين أنا أشكر الرّبّ عليهم اليوم موجودين بالجرد بالسّواقي، وبشنّاتا، وبكلّ هذه المناطق اللّبنانيّة الّتي نشكر الله كانت تُصيّف هذه السّنة وإن شاء الله أكثر وأكثر تدخل إلى الاستقرار إلى السّلام.
شبيبتنا طيّبة وأنا أعرف الشّباب والصّبايا، وأنا أتحدّث معهم، أحيانًا كثيرة نحن الكبار لا نفهمهم لأنّه أحيانًا ردّات فعلهم تكون مختلفة، طريقة تفكيرهم تكون متخلفة ولكن قلبهم ما في أطيب منه، عندما يجدون بيت، عائلة، وهنا النقطة الأساسيّة، فنحن نحتفل بالعذراء وغدًا سنحتفل بعيد أهلها حنّة ويواكيم. يعني العائلة، عندما تكون شبيبتنا بمناخ عائليّ حلو سليم، فيه أمان، فيه طمأنينة، فيه استقرار، فيه روح الله، فيه فرح، أنا برأيي يُبدعون روحيًّا ومسيحيًّا وإنسانيًّا، لذلك نحن علينا أن نُصلّي بهذه اللّيلة المقدّسة للعائلة حتّى الرّبّ يباركها وحتّى يُبعد عن عائلاتنا الخطر. الخطر هو، كلّ عائلة عندها مشاكلها وظروفها طبيعيّ، ولكن الخطر الكبير أن تنكر العائلة الله، تُبعد الله عن حياتها، هذا الخطر الكبير، هذا الجرح الكبير، لذلك بهذا المناخ الّذي يتطلّب توبة، الّذي يتطلّب عودة إلى الرّبّ، الّذي يتطلّب تجديد إيمان، بهذا المناخ حقيقةً نحن نرجع نربح بيوتنا وعائلاتنا، يعني الوطن، يعني الكنيسة، يعني المجتمع، يعني شبيبتنا وصبايانا الّذين أحيانًا لظروف معيّنة يطلعون خارج الطّريق ويعيشون ألمًا كبيرًا جدًّا ويكونوا ينتظرون أن يدلّهم أحد على الطّريق، إن كان من البيت أو من الرّعيّة، أو من المحيط.
لذلك نحن في هذا العيد يجب أن نصلّي لعائلاتنا حتّى تثبت بالحبّ، بالمغفرة، بالتّواضع، عندما لا يعد هناك تواضع يصبح هناك مشاكل، عندما يكون هناك تواضع، دائمًا هناك فسحة حلوة، الرّوح القدس يكون فيها ويُجدّد قلوب النّاس. علينا أن نُصلّي لشبيبتنا، ونُصلّي للرّعيّة، ونصلّي للكنيسة في لبنان وفي العالم حتّى حقيقةً نعرف أن نسمع صوت الله مثلما مريم منذ الولادة لغاية البشارة، لغاية ولادة يسوع ومرافقتها له بكلّ التّدبير الخلاصيّ، للصّليب، للقيامة، للعنصرة. لآحظتم بالعنصرة العذراء كانت موجودة بين الرّسل، الّذين كانوا ضائعين، كانوا تائهين، كانوا لا يعرفون ماذا يحصل، ولكن العذراء وجودها وهو وجود الأُمّ طمأنهم، طمأنهم، والعذراء بعُلّيّتنا نحن، علّيّة كلّ واحد منّا، أحيانًا لا نعرف ماذا يحصل، ولكن علينا أن نعرف ونطمئنّ أنّ العذراء موجودة تُعطينا السّلام، وتساعدنا أن نستمع لصوت الله، عندما نستمع لصوت الله نفرح ونتجدّد، أليس هذا ما يقوله المزمور؟ اليوم إذا سمعتم صوته فلا تُقسّوا قلوبكم، "شو هالقوّة الصّوت؟ شو هالقوّة الكلمة؟" عندما نسمع صوت الله قلب الإنسان يتحوّل من الصّخر إلى قلب فيه رحمة، فيه حبّ، فيه حنان، فيه إيمان، فيه فرح.
إن شاء الله يا أحبّائي يكون عيدًا مباركًا عليكم وبهذا العيد المبارك بهذه اللّيلة المقدّسة نُصلّي لبعضنا البعض، أنا أطلب صلاتكم لي ولإخوتي الكهنة، لشبيبتنا، علينا أن نُصلّي للشّبيبة حتّى تعيش بالفرح، بالنّعمة، بالسّلام. أنا أُقدّم هذا القدّاس على نيّتكم جميعًا، على نيّة كلّ أبناء الرّعيّة وأبناء المنطقة وأنا أعرف كم أنّ هذا المقام عزيز على قلوبكم هذا مقام تاريخيّ، نُصلّي لكلّ الأشخاص الّذين مرّوا هنا، والّذين خدموا وعَبَروا من هذه الدّنيا حتّى الرّبّ يعطينا نعمة أن نحافظ على إيماننا، ونشهد لإيماننا بحياتنا اليوميّة حتّى نُمجّده ونسجد لإسمه فقط، نسجد فقط لإسمه القدّوس ونُكرّم أُمّه مريم الطّاهرة، من الآن وإلى أبد الآبدين، آمين."