لبنان
30 آب 2022, 13:20

سويف في عيد مار شلّيطا: نحن بحاجة لمن يبني السّلام في لبنان والعالم

تيلي لوميار/ نورسات
في عيد مار شلّيطا، احتفل راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة مار شلّيطا في منطقة "القراقير"- مزيارة، عاونه فيه الكهنة يوسف فضّول وشارل سليمان وشهيد دعبول.

بعد الإنجيل، كانت عظة لسويف قال فيها: "نشكر أوّلاً الرّبّ على جميعكم ونصلّي من أجلكم، ففي المسيرة الّتي قمنا بها نحو هذا الدّير، كان كلّ منكم يحمل في قلبه نيّة وصلاة وطلبًا.

في هذه المسيرة وهذا المساء، يهمّنا أن نجدّد إيماننا، كما لا بدّ لنا من أن نشكر الرّبّ على هذا الدّير الموجود في قلب الوادي وعلى السّيّدة راحيل الّتي تهتمّ بهذا الدّير بفرح وببساطة.

أجمل ما في هذا الحجّ والمسيرة الرّوحيّة أنّنا قدمنا بفرح حتّى نجدّد إيماننا بيسوع المسيح."

وحول الرّسالة الّتي تمّ قراءتها في القدّاس، أشار المطران سويف إلى أنّ:" القدّيس بولس قال لنا اليوم "حياتي هي المسيح والموت ربح لي"، وهنا نجد هذا الكلام متناقضًا مع منطق الحياة، لكن في كلام مار بولس رسالة واضحة مفادها أنّه كلّ مرّة نموت عن بعض الأمور غير الجيّدة من هذا العالم ومن هذا الوادي المظلم نكون على طريق الحياة بالمسيح، بمعنى أنّ لا حياة حقيقيّة لنا إلّا من خلال الموت، لأنّ الموت مع المسيح هو ربح وحياة جديدة".

وتابع المطران سويف مشيرًا إلى أهمّيّة الرّبط بين رسالة مار بولس والعهد الجديد من الكتاب المقدّس معتبرًا أنّ "الموت مع المسيح ولأجل المسيح يسمح لي أن أعيش أجمل صفحات العهد الجديد الّتي سمعناها في إنجيل "متّى:5" اليوم، الّذي من خلاله يخبرنا يسوع عن ملكوت الله الّذي تجسّد من أجل تحقيقه، عارضًا لنا مجموعة من التّطويبات، وهي من أجمل ما يمكن أن نسمعه في حياتنا، فهذه التّطويبات يمكن اعتبارها مشروع تحدّ يصلح في كلّ زمان ومكان، فالتّطويبات هي مشروع موت وحياة مع يسوع المسيح.

إنّ منطق العالم المتطوّر والمتحضّر والمتعدّد والّذي يسعى إلى النّجاح الأرضيّ المشروع، لا يأخذ في كثير من الأحيان روح الله الّتي تدفع الإنسان لأن يكون أكثر إنسانيّة في حياته وإيمانه، وهنا نقول إن أيّ علم أو اختراع أو تطوّر يكون بعيدًا عن روح الله فهو من مملكة هذا العالم وحسب ولا علاقة له بمملكة السّماء.

أمام التّواضع والوداعة الّتي دعانا يسوع لأن نعيشهما، نتساءل عن مدى تقبّل عالم اليوم لهذه الصّفات ولهذه الطّريقة بالعيش، فمن يحلّ مشاكله بحكمة وتواضع في هذه الأيّام يحتسب من خارج هذا العصر، فالقاعدة المعمول بها تقول بحلّ المشاكل عبر القوّة والكبرياء وهذا ما يجعلنا أن نسير إلى الوراء وصولاً إلى الحالة الوثنيّة".

هذا وألقى سويف الضّوء على تطويبتين فقال: ""طوبى لأنقياء القلوب لأنّهم سيرون الله"، واحدة من التّطويبات الّتي لا بدّ من أن نقف أمامها، فنصلّي للرّبّ سائلينه أن نكون فعلاً من أنقياء القلوب في عائلاتنا وأعمالنا وأمام كلّ إساءة وكلّ شرّ وكلّ منطق مختلف يبعدنا عن الله.

والإنسان بطبيعته ضعيف وهو عرضة للتّجربة، لكن علينا ألّا نخاف لأنّ الكتاب المقدّس يقول لنا "يا بنيّ اعطني قلبك"، فالله لا يريد إلّا قلبنا، ليس مهمًّا إن أخطأنا، المهمّ ألّا نتخلّى عن نعمة نقاوة القلب فنردّد مع العشّار "أرحني يا ربّ أنا العبد الخاطىء".

"طوبى لفاعلي السّلام لأنّهم أبناء الله يدعون"، أمام هذه التّطويبة، لا بدّ لنا من أن نعبّر عن حاجتنا لمن يبني السّلام في لبنان والعالم، لأنّ العالم يعود في هذه الأيّام إلى منطق الحروب العالميّة، فبعد الحربين الأولى والثّانية قد نكون دخلنا في حرب عالميّة ثالثة بأساليب وطرق مختلفة، وليس مستبعدًا أن تكون كورونا هي جزء من هذه الحرب الجديدة.

وهنا نقول إنّ أمورًا غير طبيعيّة وتحوّلات تجري في العالم، لكن لا يجب علينا أن نستسلم أمامها، بل علينا أن نردّد أنّ الله أعطانا قوّة كبيرة وطلب منّا أن نكون علامات سلام ونور وملح في قلب هذا العالم لنبيّن السّلام ونواجه الحروب والصّعوبات والانقسامات.

وهذه القوّة كان يمتلكها القدّيس شلّيطا، الّذي اكتشف أنّ لا معنى لقوّته دون سلطة الرّبّ الّتي هي سلطة الحبّ والمغفرة والسّلام والتّواضع".