لبنان
14 حزيران 2022, 11:15

سويف في عيد أنطونيوس البادوانيّ: الصّلاة اليوم هي لكي يتجدّد الوطن ولكي لا نفقد ثقتنا به

تيلي لوميار/ نورسات
إحياءً لعيد مار أنطونيوس البادوانيّ، ترأّس راعي أبرشيّة طرابلس المارونيّة المطران يوسف سويف قدّاسين إلهيّين، الأوّل في مزار صاحب العيد في كفرزينا- زغرتا، والثّاني في كنيسته في مركز المطرانيّة- كرمسدّة، بحضور جماعة المؤمنين مختلف قراى ومدن الأبرشيّة.

في عظته، سأل سويف أن يمنّ الله على الحضور بشفاعة مار أنطونيوس البادوانيّ بالصّحّة والخير وراحة البال، وأكّد  بحسب "الوكالة الوطنيّة للإعلام" أنّ "المناسبة اليوم تدعونا إلى شكر الرّبّ على الكنيسة، وعندما أقول كنيسة لا أقصد المطران والكهنة والرّهبان والرّاهبات، إنّما شعب الله وجماعة المؤمنين، وبالتّالي الدّعوة لنا جميعًا لأن نشكر بعضنا البعض على عطاءاتنا المختلفة والمتعدّدة"

وتابع: "العيد الحقيقيّ الّذي يدلّنا عليه مار أنطونيوس البادوانيّ، هذا القدّيس الشّابّ الّذي تمتّع بموهبة الكلمة والكتابة والعلم هو عيد اللّقاء مع يسوع المسيح الّذي يهبنا فرحًا لا مثيل له، فنصبح بدورنا شهودًا للفرح والمحبّة.  

ماذا يعني ان نعيّد؟ ببساطة تشير هذه العبارة إلى ضرورة أن نجدّد نعمة المعموديّة في قلوبنا، فنردّد مع الإنجيل الّذي نقرأه في أحد الثّالوث الأقدس (إذهبوا وبشّروا، إذهبوا وعمّدوا وعلّموا وعمّدوهم بإسم الآب والإبن والرّوح القدس). فالمعموديّة الّتي توهب لنا بإسم الآب والإبن والرّوح القدس ترافقنا ليس في حياتنا الأرضيّة وحسب، إنّما إلى الحياة الأبديّة حيث نعرف ونعاين الآب وابنه الّذي أرسله لخلاص العالم. أن نعيّد يعني أنّنا ندعو من كلّ قلوبنا يسوع المسيح حتّى يجدّد حضوره في حياتنا فنحصد ثمرة المحبّة الّتي تدفعنا نحو التّواصل والانفتاح على الآخر الّذي يشبهنا ولا يشبهنا. فنحن جميعًا مهمّون جدًّا بنظر الرّبّ يسوع الّذي دعانا لكي نذهب ونُتلمذ كلّ العالم ونُبشّر ونُخبر ونشهد لإنجيله ولقيامته، لذلك أن نعيّد، يعني أن نحاول العمل على تغيير مجتمعنا وعالمنا نحو الأفضل. ولكن قبل العمل على تغييرهما لا بدّ من تغيير أنفسنا وأفكارنا فنقدّم مشاكلنا وتعبنا وجراحنا وكلّ ما نحمله من أعمال ثقيلة أمام مذبح الرّبّ الّذي يقول لنا: "تعالوا إليّ أيّها المتعبون فتعرفون أنّي وديعٌ ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم".

ما نبحث عنه اليوم هو عيش المسيحيّة بعمقها لا بقشورها وسطحيّتها وهذا من خلال صداقتنا مع الكتاب المقدّس وكلمة الله، وهذا تمامًا ما عاشه القدّيس أنطونيوس البادوانيّ الّذي عرف التّجدّد اليوميّ والغرام بكلمة الله، فذهب وكرّس كلّ حياته للمسيح الّذي كان يسبّحه ويمجّده ويُخبر عن أعماله أمام النّاس. ومن سيرة القدّيس أنطونيوس الّذي يخبرنا كتاب السّنكسار أنّ السّمك كان يخرج من البحر والنّهر عند سماع كلامه، نتعلّم أنّ الإنسان الّذي يكون مع الله يعيش بسلام وانسجام مع الخليقة كلّها ومع أخيه الإنسان القريب والبعيد والّذي يرتاح له أو الّذي قد ينزعج من وجوده أو حضوره.

من هنا الدّعوة لنا جميعًا حتّى نسبّح الرّبّ مع مختلف خلائقه مع العصافير والشّجر والطّبيعة الّتي لا بدّ لنا من المحافظة عليها، عبر الابتعاد عن تدميرها بأنانيّتنا تمامًا كما نفعل مع بعض إخوتنا البشر عن قصد أو غير قصد. إنّ العيد يكون عندما نجدّد علاقة الحبّ مع الله والكنيسة الّتي نريدها كنيسة تنبض بالحياة من خلال وجودكم وحضوركم، فالحجر على الرّغم من جماله الفائق، يبقى غير منظور أمام جمال قلب الإنسان. وكنيستنا هي كنيسة بشر أحياء نرغب في أن يعيشوا أفضل العلاقات بين بعضهم البعض، فيتجدّد المجتمع ومعه لبنان المجروح والمتألّم.

الصّلاة اليوم هي لكي يتجدّد الوطن ولكي لا نفقد ثقتنا به، ففقدان الثّقة بالوطن يشكّل خطرًا كبيرًا يضاهي الأخطار الخارجيّة.

ونصلّي للحفاظ على وجه الحوار والأديان والثّقافات والعيش الواحد والتّعدّديّة في لبنان فنتمكّن من التّلاقي مع بعضنا البعض مدركين دورنا الرّسوليّ داخل الوطن وفي الشّرق وفي العالم أجمع".