سويف في الدّنح: كلّ ما نفعله على الأرض سيتوجّه نحو الحياة الأبديّة
وفي تفاصيل عظته، قال سويف معايدًا: "عيد مبارك على الجميع... نشكر الرّبّ أحبّائي على مواسم الأعياد الّتي نعيشها بفرح المسيح، ومع يسوع المسيح، كلمة الله المتجسّد لأجل خلاصنا، كي تتجدّد صورة قلب الله فينا. وكما سمعنا في الإنجيل اليوم وجود المسيح في الهيكل وهو في الثّانية عشرة من عمره، وكان يقول "جئت كي أتمّم مشروع وإرادة الآب، وفي هذه اللّيلة المقدّسة، عيد الدّنح، عيد ظهور المسيح على نهر الأردنّ وتعمّده على يد يوحنّا المعمدان، نحتفل ببداية رسالة يسوع العلنيّة. وبحسب التّقاليد الشّرقيّة القديمة يسمّى هذا اليوم "عيد الميلاد" أيّ عيد ميلاد الرّبّ يسوع من خلال ظهوره إلى العالم برسالته التّبشيريّة الّتي جاء من أجلها، ومن خلالها كان يرشد النّاس نحو الباب السّماويّ.
وكما سمعنا في الإنجيل كان يقول سوف أتعمّد من يوحنّا، وكان يوحنّا يقول من أنا كي أعمّدك وأنا لست أهلًا أن أفكّ سير حذائك.
و بعدما تعمّد، وبينما كان يسوع يصلّي، رأينا كيف أنّ السّماء فتحت، لأنّها كانت ليلة مقدّسة، وكلّ ليلة هي ليلة مقدّسة عندما يكون عندنا إيمان بقوّة الرّبّ وحضوره وعمله في حياتنا.
الله فرح في هذه اللّيلة المقدّسة، وبكلّ شخص يشارك القدّاس من أجل تجديد معموديّته، وإنّ الرّوح القدس حلّ على الإبن يسوع المسيح بجسم حمامة.
إنّ اعتماد يسوع المسيح كان المثال والنّهج لمعموديّتنا، ونعلم جميعًا أنّ اعتماد يسوع اكتمل بصليب، وأنّ معموديّته على نهر الأردنّ هي بداية حياة يسوع الرّسوليّة والتّبشيريّة، وأيضًا بداية حياتنا كي نسير معه ونبشّر به ونعلن اسمه.
هذا الصّباح أعلنّا في أبرشيّتنا انطلاق سنة اليوبيل المقدّس ٢٠٢٥، الّذي قال عنه البابا فرنسيس "الرّجاء لا يخيب" ودعانا جميعًا كي نكون حجّاج الرّجاء. والسّؤال الّذي نطرحه على أنفسنا في هذه اللّيلة المقدّسة "الرّجاء أيّ المسيح"، فهل المسيح يخيّب آمالنا؟
هناك في العالم الكثير من التّحدّيات والمآسي والصّعوبات، ونحن في لبنان ومنذ خمسين سنة وأكثر نأمل دائمًا أن تكون السّنة الجديدة أفضل، ونتيجة هذه المآسي والأحداث يهاجر شبابنا بحثًا عن فرص عمل، أليس هذا ألم للعائلة. أليس ما يعانيه المواطنون في حياتهم اليوميّة لتأمين عيشهم وقوتهم ودوائهم والحصول على الحدّ الأدنى من حقوقهم في العيش الكريم، أليس هذا تحدّ كبير... علينا أحبّائي أن نجدّد إيماننا بالرّبّ ونقول "يا ربّ أنت رجاؤنا الّذي لا يخيّب آمالنا".
كلّ واحد منّا يعيش عدّة اختبارات في بيته ومع عائلته ورعيّته وأبرشيّته وفي الحياة السّياسيّة والحياة العامّة ولكن الرّبّ كان دائمًا يقول لنا "لا تخافوا أنا معكم"، فهو لا يخيّب آمالنا ورجاءنا، دائمًا مع المسيح هناك شيئ جديد، فالرّجاء هو المسيح الّذي أعطانا بمعموديّته وبموته وقيامته الحياة الأبديّة والحياة الجديدة.
بعدما أعلنت أمس سنة اليوبيل المقدّس، ذهبت إلى بلدة حرف مزياره حيث منحت سرّ المعموديّة لعائلة بأكملها، صغارًا وكبارًا، أحبّوا المسيح من خلال مرافقة الآباء لهم، والبيئة الحاضنة ساعدتهم كثيرًا، وأرشدتهم إلى المسيح، وكانوا يعيشون هذه المعموديّة بفرح كبير، وكانوا يقدمون على هذه الخطوة بكلّ إيمان، وفرح، ومحبّة.
إنّنا نتعمّد بالميرون الّذي هو رائحة المسيح الّذي تبقى ولو انقطعت روائح الكون كلّه، وهي تطرد الحقد والشّرّ والنّار والبغض والكراهيّة، وهنا نسأل كيف لشخص تعمّد برائحة المسيح ولا يعرف التّسامح، لا يعرف كيف يصافح أخاه الإنسان، لقد أعطانا ربّنا نعمة كبيرة هي نعمة الميرون نعمة العماد، كي ننطلق إلى العالم ونكون علامات مجد، مغفرة، وسلام، فلا يمكن أن أكون مع المسيح من جهة ولا أقبل أن أصافح أخي من جهة ثانية، إذًا الميرون هو رائحة المسيح العذبة أوّلًا، وختم الرّوح القدس ثانيًا، الّذي يختم في الحبّ الإلهيّ والخلاص والحياة الأبديّة من خلال المعموديّة، وكلّ ما نفعله على الأرض سيتوجّه نحو الحياة الأبديّة".
وإختتم المطران سويف عظته قائلًا: "تعالوا معًا نعمل مع مطلع هذا اليوبيل برائحة المسيح، خاصّة في هذا الشّرق المتخبّط حيث تكثر الأزمات المفصليّة من أحداث دينيّة وسياسيّة واجتماعيّة والّتي جميعها تحتاج إلى رائحة المسيح، وأنتم الّذين تعمّدتم برائحة المسيح ولبستم ثوب المسيح، هذا الثّوب الّذي سيوشح العالم حبًّا، خيرًا، بركة، وسلامًا. آمين."